شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
پوهندوی
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
خرج طارق بن شهاب الأحمسي يستقبل عليا عليه السلام ، وقد صار بالربذة طالبا عائشة وأصحابها ، وكان طارق من صحابة علي عليه السلام وشيعته ، قال : فسألت عنه قبل أن ألقاه ؛ ما أقدمه ؟ فقيل : خالفه طلحة والزبير وعائشة فأتوا البصرة ، فقلت في نفسي : إنها الحرب ! أفأقاتل أم المؤمنين ، وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ! إن هذا لعظيم ، ثم قلت : أأدع عليا ، وهو أول المؤمنين إيمانا بالله وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصيه ! هذا أعظم . ثم أتيته فسلمت عليه ، ثم جلست إليه ، فقص علي قصة القوم وقصته ، ثم صلى بنا الظهر ، فلما انفتل جاءه الحسن ابنه عليه السلام ، فبكى بين يديه ، قال : ما بالك ؟ قال : أبكي لقتلك غدا بمضيعة ولا ناصر لك . أما إني أمرتك فعصيتني ، ثم أمرتك فعصيتني ، فقال عليه السلام : لا تزال تخن خنين الأمة ! ما الذي أمرتني به فعصيتك ! قال : أمرتك حين أحاط الناس بعثمان أن تعتزل ، فإن الناس إذا قتلوه طلبوك أينما كنت حتى يبايعوك ، فلم تفعل ثم أمرتك لما قتل عثمان ألا توافقهم على البيعة حتى يجتمع الناس إليك ويأتيك وفود العرب فلم تفعل . ثم خالفك هؤلاء القوم ، فأمرتك ألا تخرج من المدينة ، وأن تدعهم وشأنهم ، فإن اجتمعت عليك الأمة فذاك ، وإلا رضيت بقضاء الله . فقال عليه السلام : والله لا أكون كالضبع تنام على اللدم حتى يدخل إليها طالبها فيعلق الحبل برجلها ، ويقول لها : دباب دباب ، حتى يقطع عرقوبها . . . وذكر تمام الفصل . فكان طارق بن شهاب يبكي إذا ذكر هذا الحديث .
دباب : اسم الضبع ، مبني على الكسر كبراح اسم للشمس .
ومن خطبة له في ذم أتباع الشيطان
الأصل : اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا ، واتخذهم له أشراكا ، فباض وفرخ في صدورهم ، ودب ودرج في حجورهم ؛ فنظر بأعينهم ، ونطق بألسنتهم ، فركب بهم الزلل ، وزين لهم الخطل ، فعل من قد شركه الشيطان في سلطانه ، ونطق بالباطل على لسانه .
الشرح : يجوز أن يكون أشراكا ، جمع شريك ، كشريف وأشراف ، ويجوز أن يكون جمع شرك ، كجبل وأجبال ، والمعنى بالاعتبارين مختلف . وباض وفرخ في صدورهم ، استعارة للوسوسة والإغواء ، ومراده طول مكثه ، وإقامته عليهم ، لأن الطائر لا يبيض ويفرخ إلا في الأعشاش التي هي وطنه ومسكنه ، ودب ودرج في حجورهم ، أي ربوا الباطل كما يربي الوالدان الولد في حجورهما . ثم ذكر أنه لشدة اتحاده بهم وامتزاجه صار كمن ينظر بأعينهم ، وينطق بألسنتهم ، أي صار الاثنان كالواحد ، قال أبو الطيب :
ما الخل إلا من أود بقلبه . . . وأرى بطرف لا يرى بسوائه
وقال آخر :
كنا من المساعده . . . نحيا بروح واحده
مخ ۱۴۱