Sharh Musnad al-Darimi
شرح مسند الدارمي
خپرندوی
بدون
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
ژانرونه
تعالى، أرسله إلى الناس كافة، وفيه رد على الغالين في شخصه ﷺ، فهو بشر كغيره من الناس، وليس في هذا معارضة لقوله ﷺ: «لست كهيئتكم إني أظل أطعم وأسقى " (^١)، وذلك في الصيام لمّا واصل، بادر الصحابة إلى صوم الوصال، فبين لهم الرسول ﷺ أنه مخصوص من ربه بمزيد العناية، منها هذه، وانفراده عنهم بصفة الوحي إليه، وكمال في البنية والقوة، وخصائصه معروفة دوّنها العلماء ومنها: كتاب الخصائص للنسائي، وكل ذلك لا ينافي كونه بشرا، وقد أمره الله ﷿ أن يؤكد ذلك للناس فقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (^٢)، ولذلك نهى عن المبالغة بالثناء عليه ﷺ إلى حد يخرجه عن كونه بشرا، فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله» (^٣)، والإطراء هو الإفراط في المدح ومجاوزة الحد فيه، وهو المدح بالباطل والكذب فيه، وأي باطل وكذب أعظم من زعْم النصارى أن عيسى ابن الله، وأنه إلاه؟!!، ومن يجاوز الحد في مدح رسول الله ﷺ، ويصفه بما ليس فيه، ويعطه ما لم يعطه الله، فقد عصى الله وكذب عليه، ومن كان كذلك فالرسول خصمه، لمخالفته أمر الله ﷿، وفي نفس الأمر هو عاص لرسول الله ﷺ، وإن زعم محبته، والله ﷿ خصمه لمخالفته أمر رسوله، كمن كذب
_________
(^١) البخاري حديث (١٨٢٢).
(^٢) الآية (١١٠) من سورة الكهف، وانظر الآية (٦) من سورة فصلت.
(^٣) البخاري حديث (٣٢٦١).
1 / 41