وهذا يستلزم أشياء شنيعة:
منها: أن يكون الله تعالى أظلم من كل ظالم، لأنه يعاقب الكافر على كفره وهو قدره عليه، ولم يخلق فيه قدرة على الإيمان، فكما أنه يلزم الظلم لو عذبه على لونه وطوله وقصره لأنه لا قدرة له فيها، كذا يكون ظالما لو عذبه على المعصية التي فعلها فيه.
ومنها: إفحام الأنبياء عليهم السلام وانقطاع حجتهم، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قال للكافر: آمن بي وصدقني. يقول:
قل للذي بعثك يخلق في الإيمان أو القدرة المؤثرة فيه، حتى أتمكن من الإيمان وأؤمن، وإلا فكيف تكلفني بالإيمان ولا قدرة لي عليه، بل خلق الله تعالى في الكفر، وأنا لا أتمكن من مقاهرة الله تعالى، فينقطع النبي عليه السلام، ولا يتمكن من جوابه.
ومنها: تجويز أن يعذب الله تعالى الأنبياء عليهم السلام ويعاقب على طاعتهم، ويعاقب سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم على طاعته، ويثيب إبليس على معصيته، لأنه يفعل لا لغرض، فيكون فاعل الطاعة سفيها، لأنه يتعجل بالتعب في الاجتهاد في العبادة، وإخراج ماله في عمارة المساجد والربط والصدقات من غير نفع يحصل له، لأنه قد يعاقبه على ذلك، ولو فعل عوض ذلك ما يلتذ به ويشتهيه من أنواع المعاصي قد يثيبه، فاختيار الأول يكون سفها عند كل عاقل، والمصير إلى هذا المذهب يؤدي إلى خراب العالم واضطراب أمور الشريعة المحمدية.
مخ ۹۰