============================================================
مقدمة المؤلف الإسلام، من بينها أعلاها شأنا، وأقواها برهانا، وأوثقها بنيانا، وأوضحها تبيانا، فإنه مأخذها وأساسها، وإليه يستند اقتناصها واقتباسها، بل هو كما وصف به رئيسها ورأسها، ومما صنف فيه من الكتب المنقحة المعتبرق، وألف فيه من الزير المهذبة المحررة، كتاب المواقف الذي احتوى من أصوله وقواعده على أهمها واولاها، ومن شعبه وفوائده على الطفها وأسناها، ومن دلائله العقلية على أعمدها وأجلاها، ومن شواهده النقلية على أفيدها وأجداها، وكيف لا وقد انطوى على خلاصة أبكار الأفكار، وزبدة نهاية العقول والأنظار، ومحصل ما لخصه لسان التحقيق، وملخص ما احسان منه تعالى، فلذا عطفه عليه تحيرت فصله عما تقدم لكونه كالنتيجة لما قبله فهو كبدل الاشتمال، ولم يورد الفاء لتخييل العدول إلى أقوى الدليلين، فيعلم بالتفكر آنه مترتب على الصلاة السابقة، وأنها سبب للتحير والتوله، ويقال: حار يحار حيرة وحيرا وحيرانا وتحير واستحار نظر إلى الشيء فعشي ولم يهتد إليه سبيلا وذات مؤنث ذو أصله ذوات بدليل ذواتا أفنان حذف الواو للخفة كما حذف من ذوو والتاء فيه للتأنيث بدليل انقلابه في الوقف هاع، ثم استعمل بمعنى نفس الشيء وصارت التاء جزءا فلذا يطلق عليه تعالى وينسب إليه بالتاء، فيقال: الصفات الذاتية، ويكتب طويلا كتاء أخت، والتوله الحيرة والخوف، والذهن بالكسر الفهم والعقل، والبيداء الفلاة ثم إن ذاته تعالى لما تميز تميزا تاما بإجراء تلك الصفات وصار كانه مشاهد حاضر خاطبه بقوله: يا من دل أي كل أحد حذف المفعول لقصد التعميم مع الاختصار على ذاته أي وجوده، واتصافه بصفات الكمال بذاته بنصب الآيات المنيثة في الأفاق والأنفس قال الله تعالى: سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أتفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق [فصلت:53]، وشهد بوحدانيته نظام مصنوعاته إذ لو تعددت الآلهة لنطاردت أو تواردت. قال الله تعالى: { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [الأنبياء: 22]، صل بإبفاء شريعته وإعلاء ذكره في الدنيا، ورفعه في المقام المحمود والشفاعة الكبرى في الآخرة، والإضافة في نبيك ورسولك لتعظيم المضاف، الظلم بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلماء بمعنى الظلمة، والقياس سكون اللام كحمر وحمراء، والضياء جمع ضرء وأصله ضواء تحو صوت وصيات المأربة مثلثة الراء الحاجة المنقية المفخرة المعقول والمنقول، قرة عين البتول، السيد الشريف، عامله الله بلطفه اللطيف، كتاب اعترف بسمو منزلته الحاسدون، واذعن لعلو مرتبته المعاندون، وكيف لا وقد اتطوى على زبدة نتائج الأنظار، واحترى على خلاصة ابكار الأفكار، وإني كنت حركت الهمة إلى استقصاء فوائده، فلقي الرغبة في أن أوفي كيلي من فوائده، متوقعا لاستثبات حقائقه افاويق المجهود، متخطيا في درك دقائقه كل حد من الحد معهود حائما حول حماه من قطريها، إلى آن فزت من مادبته بقرطيها، ولقد طال ما جال في صدري أن اكتب عليه حواشي تذلل صعابه، وتكشف عن وجوه فرائده نقابه، أنقد فيه نتائج الافكار، وأوضح خزائن الأسرار، عطفا مني على أهل الطلب، ومن له في تحقيق الحق أرب، إذ كان همم اكثرهم في زماننا مقصورة على استطلاع طلع بدائمه،
مخ ۹