============================================================
مقدمة السؤلف وإبداء (الشامل طوله) فضله ونواله فإن رحمته وسعت كل شيء على حسب حاله، ثم إنه قرر جميع ما ذكر بما اقتبس من قوله تعالى (الذي خلق سبع سموات) هي أفلاك الكواكب السبعة السيارة فإن الفلكين الآخرين يسميان كرسيا وعرشا (ومن الأرض مثلهن) مثل السموات في العدد كما ورد في الأثر من أن الأرض أيضا سبع طبقات، وفي كل طبقة منها مخلوقات، وما يعلم جنود ربك إلا هو وقد تؤول تارة بالأ قاليم السبعة، وأخرى بطبقات العناصر الأربعة حيث عدت سبعا (بكمال قدرته) متعلق بخلق (وجمل الأمر) أي حكمه او تدبيره (يتنزل بينهن) من السماء السابعة إلى الأرض السفلى (ببالغ حكمته) التي هي إتقانه وإحكامه في علمه وفعله (وكرم بني آدم) نوع الإنسان على غيره (بالعقل الغريزي) أي بالقوة المستعدة لإدراك قوله: (نوع الإنسان) فسر بني آدم بنوع الإنسان ليشمل آدم عليه السلام ولا حاجة إلى تقدير الصلة لأن التكريم معناه التعظيم، وذا لا يحتاج إلى الصلة كما وقع في التنزيل، ولقد كرمنا بني آدم ولا حاجة إلى حمله على معنى التفضيل كما في قوله تعالى: { هذا الذي كرمت علي (الإسراء:62]، حتى لا يثم بدون تقدير الصلة، ومع ذلك لا بد من تخصيص الغير بما عدا الملك والجن، لأنهم لكونهم مكلفين شركاء للإنسان في التكريم المذكور، ولذا قالوا: اسباب العلم للخلق أى الملك والجن والإنس ثلاثة.
إرادته شيء أن كل ما أراده الله فهو واقع، فلا يظهر منه معنى الحصر وهو أن لا يقع إلا ما أراده، وكان هذا أيضا من جملة جهات قوة السلطنة اورد قوله: ولا يجري في ملكوته إلا ما يشاء، إفادة للمعنى المذ كور فليس فيه تخصيص بعد التعميم كما ظن، وأما تخصيص الملكوت بالذ كر فإن حمل على المعنى اللغوي وهو الملك فإن الملكوت مبالغة في الملك كما أن الرهبوت مبالغة في الرهبة، فالامر ظاهر وإن حمل على عالم الباطن والغيب فهو من قبيل تخصيص العرش بالذ كر في الحكم بالاستيلاء، كما قال الله تعالى: { الرحمن على العرش استوى} [طه: 5]، اى استولى والأول اقرب لان الخصوم أعني المعتزلة، إنما يدعون وقوع خلاف السراد في عالم الشهادة دون عالم الغيب فتامل.
قوله: (حيث عدت مبعا) كما نقل عن الشارح النار ثم الهواء ثم الطبقة الزمهريرية ثم الهواء السمجاور للأرض، ثم الماء ثم الطبقة الطينية المركبة من الماء والأرض، ثم الطبقة الأرضية الصرفة التي تقرب المركز وفي طبقات العناصر وأعدادها اقول آخر بعضها مذكور في الموقف الرابع من هذا الكتاب، وبعضها مذكور في الكتب الأخر لا فائدة في الاستقصاء عنها في هذا الموضع، واعلم ان التاويل بطبقات العناصر يستدعي أن يحمل الأرض في الآية على السفليات مطلقا وفيه بعد لا يخفى: قوله: (نوع الإنسان على غيره) فسر بني آدم بنوع الإنسان ليتناول الحكم بالتكريم آدم، وأراد بغيره الحيوانات العجم لا الجن بل ولا الملك أيضا.
مخ ۱۴