قال ارسطو وايضا نقول هذا فى الحواس بعينها انه لا يتشابه فى الحقيقة الحس الخاص لشىء والذى هو لغيره ولا يشبه الحس القريب من الشىء الذى هو له بمنزلة البعيد الذى لغيره فان حس البصر للالوان لا للطعوم وحس الذوق للطعوم لا للالوان وكل واحد منها يحس شيئا واحدا فى زمان واحد ولا يوجب ابدا حس من الحواس ان الشىء على حالة وعلى ضد تلك الحالة معا ولا فى زمان اخر ايضا واما المشاجرة فى الالم كقولى انه يظن ان التغير من الشىء بعينه مثل الشراب فى طعمه ويظن ان التغير من قبل اختلاف مزاج جسد الذائق فيظن فى الشراب انه فى وقت حلو وفى وقت ليس بحلو وليس المشاجرة فى الحلو نفسه اذا كان حلوا ولا متى تغير بل ان كان يصدق القول فيه وكان باضطرار حلوا الذى سيكون على هذه الحال وان كانت هذه الاقاويل كلها تنفى على هذه الحال جميع الاشياء وكذلك تنفى الا يكون جوهر ايضا لشىء من الاشياء والا يكون شىء باضطرار البتة لان ما كان باضطرار لا يمكن ان يكون على نوع اخر فان كان شىء باضطرار فلا يمكن ان يكون على هذه الحال وعلى خلافها وبنوع اخر ان كان المحسوس من المضاف فان المحسوس وحده ليس هو لشىء اذا لم يكن للمتنفسة لانه لا يكون محسوسا وهو حق بنوع ما لا تكون الاشياء المحسوسة ايضا لانها الام الشىء الذى يحسها ولا يمكن الا تكون الموضوعات الفاعلة للحس ان لم تكن الحواس لان الحس بعينه ليس هو قابلا لها بل لشىء اخر غير الحس وهو قبل الحس باضطرار فان المحرك هو قبل المتحرك بالطبيعة وان كانت هذه الاشياء تقال بنوع الاضافة فليس شىء منها موجودا دون شىء التفسير انه يقصد فى هذا القول ان يحل لهم الشبهة التى عرضت لهم من قبل الحواس فقوله وايضا نقول هذا فى الحواس بعينها انه لا يتشابه فى الحقيقة الحس الخاص لشىء والذى لغيره يريد وايضا نقول للذين يشكون فى الحواس ويجعلون كل ما يظهر منها على السواء فى الصدق انه لا يشبه حكم الحس الواحد على المحسوس الخاص الذى له حكمه على المحسوس الذى لغيره وهو المشترك اى صدقه فى المحسوس الخاص به اكثر من صدقه فى المحسوس المشترك له ولغيره ثم قال ولا يشبه الحس القريب من الشىء الذى هو له البعيد الذى لغيره يريد واكثر من ذلك الا يساوى ادراك الحس لمحسوسه الخاص به اذا كان بالقرب ادراكه للمشترك اذا كان عن بعد وانما قال هذا لان الغلط انما يعرض فى المشترك وخاصة اذا كان عن بعد ثم اخذ يذكر المحسوسات الخاصة بحس بحس فقال فان حس البصر للالوان لا للطعوم وحس الذوق للطعوم لا للالوان يريد ومحسوس البصر الخاص به الذى يصدق فيه ابدا هو اللون لا الطعم ومحسوس الذوق الذي يصدق فيه ابدا هو الطعم لا اللون وكذلك الصوت للسمع والمشموم للشم والملموسات للمس ثم قال وكل واحد منها يحس شيئا واحدا فى زمان واحد يريد وكل واحد من الحواس الخمس يختص بمحسوس واحد يدركه فى زمان واحد اى دفعة ثم قال ولا يوجب ابدا حس من الحواس ان الشىء على حالة وعلى ضد تلك الحالة معا ولا فى زمان اخر ايضا يريد ولا نجد فى وقت من الاوقات حسا من الحواس يحكم على محسوسه الخاص به باحوال مختلفة فى وقت واحد ولا فى وقتين مختلفين ولما ان قد يعرض فى هذا القول شك من قبل ما يظهر فى حس الذوق فى وقت المرض ووقت الصحة ذكر هذا فقال واما المشاجرة فى الالم كقولى انه يظن ان التغير من الشىء بعينه مثل الشراب فى طعمه ويظن ان التغير من قبل اختلاف مزاج جسد الذائق يريد واما الشك الذى يعرض فى الالم الذى هو الذوق مثل ان يقول قائل ان الشراب الواحد بعينه قد يجده الانسان الواحد فى وقت ما حلوا وفى وقت اخر مرا فهذا قد يشك فيه فانه يحتمل ان يكون ذلك من قبل تغير المذوق فى نفسه ويحتمل ان يكون من قبل تغير مزاج الذائق فلا سبيل لنا الى القطع على ان هذا الشىء حلو فى طبعه لا فى وقت دون وقت ولا ان هذا مر فى طبعه ولما ذكر هذا الشك اتا بالجواب فيه فقال وليس المشاجرة فى الحلو نفسه اذا كان حلوا ولا متى تغير بل ان كان يصدق القول فيه كان باضطرار حلوا الذى سيكون على هذه الحال يريد وليس هذا الشك مما ينبغى ان يكون للحلو طبعا لانه ان وجد مرا من قبل تغيره فبين ان طبع الحلو قد انتقل وانه له طبع مخصوص ولا يوجد لغيره وانه سيكون حلوا اذا عاد اليه ذلك الطبع واما ان كان من قبل تغير المزاج للذائق فهو ابين اعنى ان للحلاوة طبعا مخصوصا وليست هذه المشاجرة هى المشاجرة التى كنا بسبيلها وانما هذه المشاجرة هل كون الحلو عاد مرا من قبل تغيره فى نفسه او من قبل تغير مزاج الذائق وهو الذى دل عليه بقوله وليست المشاجرة فى الحلو نفسه اذا كان حلوا ولا متى تغير يريد وليست المشاجرة فى الحلو اذا انتقل الى المرارة هل ذلك من قبل تغيره فى نفسه او تغير مزاج الذائق وان كان من قبل تغيره فى نفسه فمتى تغير لانه باضطرار يجب ان يكون حلوا ما كانت طبيعته هذه الطبيعة قبل ان يتغير وهو الذى دل عليه بقوله بل ان كان يصدق القول فيه كان باضطرار حلوا الذى سيكون على هذه الحال يريد بل ان كان يصدق القول فيه انه حلو فى وقت ما كان باضطرار حلوا كل ما كان على هذه الحال او سيكون ثم قال وان كانت هذه الاقاويل كلها تنفى على هذه الحال جميع الاشياء كذلك تنفى الا يكون جوهر ايضا لشىء من الاشياء والا يكون شىء باضطرار البتة يريد وهذه الاقاويل كما انها تنفى جميع الموجودات كذلك تنفى ان يكون لشىء من الاشياء جوهر وتنفى ان يكون هاهنا شىء ضرورى اصلا ثم قال لان ما كان باضطرار لا يمكن ان يكون على نوع اخر يريد لان هذه الاقاويل توجب ان يكون كل شىء بنوع اخر غير النوع الذى هو عليه وباضطرار لا يمكن ان يكون بنوع اخر غير النوع الذى هو عليه ثم قال فان كان شىء باضطرار فلا يمكن ان يكون على هذه الحال وعلى غيرها يريد وذلك انه ان كان هاهنا شىء باضطرار فليس يمكن ان يكون على النوع الذى هو عليه وعلى نوع اخر ثم قال وان كان المحسوس من المضاف فان المحسوس وحده ليس هو لشىء اذا لم يكن للمتنفسة لانه لا يكون محسوسا يريد وذلك لان المحسوس من المضاف اى ليس له طبيعة فى نفسه الا طبيعة الاضافة فانه يلزم ان تكون المحسوسات ليس لها وجود اذا لم تكن الحيوانات الحساسة موجودة لان المحسوس ليس مضافا لشىء اخر غير الحس واذا لم تكن الحواس لم يكن محسوس اصلا وقوله وهو حق بنوع ما لا تكون الاشياء المحسوسة ايضا لانها الام الاشياء التى تحسها ايضا يريد وهذا اللازم حق ايضا بجهة اخرى اعنى اذا فرضنا المحسوسات من المضاف لانه يلزم ان يكون المحسوس هو الحس والحس الم فى الحساس اى عرض فيجب الا يوجد المحسوس ان لم يوجد الحاس اذ لا يمكن وجود العرض دون موضوعه ثم قال ولا يمكن الا تكون الموضوعات الفاعلة للحس ان لم تكن الحواس يريد ويلزم هذا القول الا تكون المحسوسات موجودة ان لم توجد الحواس ثم اتا بعلة ذلك فقال لان الحس بعينه ليس هو قابلا لها بل لشىء اخر غير الحس يريد لان الحس ليس يكون للحواس بل لشىء اخر غير الحواس وقوله وهو قبل الحس باضطرار يريد بل الحس لشىء اخر هو قبل الحس باضطرار اى متقدم عليه بالطبع ثم اتا بعلة ذلك فقال فان المحرك هو قبل المتحرك بالطبيعة يريد والعلة فى ذلك ان المحسوسات هى المحركة للحواس والمحرك متقدم بالطبع على المتحرك ثم قال وان كانت هذه الاشياء تقال بنوع الاضافة فليس شىء منها موجودا دون شىء يريد ولو كانت الحواس والمحسوسات من المضاف لما وجدت المحسوسات دون الحواس كما لا توجد الحواس دون المحسوسات
مخ ۴۴۰