126

شرح ما بعد الطبیعة

شرح ما بعد الطبيعة

ژانرونه

فلسفه

قال ارسطو ومن هنا نبين انه ليس احد يرى هذا الراى لا من سائر الناس ولا ممن قال هذا القول فان الذى يمشى يمشى ولا يقف لما يرى انه ينبغى المشى ولا يسلك طريقا واحدا الى هاوية او بئر ان عرض له فى طريقه وبين انه يتجنب ذلك لانه يعرف ان السقوط فيه ولا سقوط ليس شيئا واحدا بعينه وليس ظنه بخير ذا وشره شيئا واحدا فاذا قد تبين انه يرى ان بعض ذلك خير وبعضه ليس بخير واذا كان هذا هكذا فله علم ان بعض الاشياء انسان وبعضها ليس بانسان وان بعضها حلو وبعضها ليس بحلو باضطرار فانه لا يظن الاشياء كلها شيئا واحدا ولا يتساوى طلبه فى جميع الاشياء اذا ظن ان شرب الماء اجود والنظر الى الانسان اذا كان يطلب ذلك ولو كان بالضرورة شيئا واحدا انسان ولا انسان بل كما قيل ليس نرى احدا الا ليتوقى بعضها دون بعض فاذ قد تبين ان المعرفة فى الكلية فى جميع الاشياء وان لم تكن فى جميع الاشياء الا انها فى الذى هو خير والذى هو شر فهى موجودة وان لم تكن هذه المعرفة بعلم بل هى بالظن فاجدر ان نفحص عن الحق كمثل ما ينبغى للمريض ان يفحص عن البرء اكثر من الصحيح فان صاحب الظن ليس بصحيح التحقيق اذا قيس الى العالم وايضا ان كان جميع الاشياء اكثر ذلك على هذه الحال وعلى غيرها الا ان الاقل والاكثر من طبيعة الهويات فانا لا نقول ان الاثنين والثلثة متشابهة فى الزوج وليس غرور من ظن ان الاربعة خمسة كغرور من ظن انها الف فان كان غرورهما ليس بسواء فبين ان غرور احدهما اقل فاذا هو اكثر فى الصدق وان كان الاكثر هو الاقرب فسيكون شىء من الحق يقرب منه الحق الاكثر وان لم يكن ذلك ولكن يكون اوكد واثبت واشد صدقا ونكون قد استرحنا من هذا القول الذى لا يحصر شيئا ويمنع العقل ان يحد شيئا التفسير لما بين المحالات التى تلزم من قال بان الموجبة والسالبة تجتمعان معا وذلك من قبل اعتقادهم فى الامور الموجودة اخذ يعرف المحالات التى تلزمهم من قبل اعمالهم وسعيهم فى الحياة الدنيا فقال ومن هنا نبين انه ليس يرى احد هذا الراى لا من سائر الناس ولا ممن قال هذا القول يريد ومما اذكره الان ومما سلف يبين انه ليس يعتقد احد هذا الراى لا من النظار ولا من العوام ثم قال فان الذى يمشى يمشى ولا يقف لما يرى انه ينبغى المشى يريد فان الذى يرى انه واجب عليه ان يمشى لامر ما يمشى الى ذلك الامر ولا يقف وذلك لما يرى ان المشى هو الموصل لذلك الامر ولو كان يرى ان المشى يوصل اليه ولا يوصل لما مشى ولو كان يرى ان المشى والوقوف ايضا سواء لما مشى ولا وقف ثم قال ولا سلك طريقا واحدا الى هاوية او بئر ان عرض ذلك له فى طريقه وبين انه يتجنب ذلك لانه يعرف ان السقوط فيه ولا سقوط ليس شيئا واحدا يريد انه لو اعتقد احد ان السقوط فى البئر وعدم السقوط شىء واحد لما تجنب احد فى طريقه بئرا ولا هاوية مخافة ان يسقط فيها ثم قال وليس ظنه بخير ذا وشره شيئا واحدا يريد وليس ظنه بان الشىء خير وانه شر ظنا واحدا لانه لو كان ذلك كذلك لم يطلب الذى هو خير ويهرب من الذى هو شر ثم قال فاذا قد تبين انه يرى ان بعض ذلك خير وبعضه ليس بخير يريد فاذا تبين من طلب الانسان بعض الاشياء وهربه من بعضها انه يرى ان بعض الاشياء خير وبعضها شر ليس فى الاشياء المختلفة المتعددة بل وفى اجزاء الشىء الواحد بعينه اذا كانت مختلفة القوى ثم قال واذا كان هذا هكذا فله علم ان بعض الاشياء انسان وبعضها ليس بانسان يريد واذا كان علمه فى الامور النافعة والضارة محصلا ولا يرى فيها النقيضين معا فكذلك فى العلوم النظرية مثال ذلك انه يجب ان يكون عندهم ان بعض الاشياء انسان وبعضها ليس بانسان لا انه يعتقد ان كل ما ليس بانسان هو انسان وقوله وان بعضها حلو وبعضها ليس بحلو باضطرار يريد وواجب ان يعتقد ان بعض المطعومات حلو فى طبيعته وبعضها ليس بحلو فى طبيعته وبالاضافة الى كل ذائق سليم الذوق ثم قال فانه لا يظن الاشياء كلها شيئا واحدا ولا يتساوى طلبه فى جميع الاشياء اذا ظن ان شرب الماء اجود يريد انه لا يظن ظان سليم الفطرة ان الاشياء كلها شىء واحد ولذلك لا يتساوى طلب الانسان لجميع الاشياء بل يطلب بعضها دون بعض مثال ذلك اذا ظن انسان ان شرب الماء اجود له من الشراب فانه يطلب الماء دون الشراب ولو كان عنده ان يشرب الماء ولا يشربه بمنزلة واحدة لم يطلب شرب الماء وقوله والنظر الى الانسان اذا كان يطلب ذلك يريد ولا يتساوى عنده النظر الى انسان ثان والا نظر اليه اذا كان يحب النظر اليه يعنى المحبوب ثم قال ولو كان بالضرورة شيئا واحدا الانسان ولا انسان بل كما قيل ليس يرى احد الا ليتوقى بعضها دون بعض يريد ولو كان ظننا ان الانسان ولا انسان شىء واحد لما كنا نوثر الا نتجنب بعض الناس دون بعض ولا نتوقى بعضهم دون بعض ولم يكن عندنا فرق بين الاعداء والاحباء ثم قال فاذ قد تبين ان المعرفة فى الكلية فى جميع الاشياء الى قوله فهى موجودة يريد فاذ قد تبين ان هاهنا معرفة ضرورية اما فى جميع الاشياء واما فى الاشياء التى هى خير وشر فهاهنا اذا معرفة ضرورية موجودة ثم قال وان لم تكن هذه المعرفة بعلم بل هى بالظن فاجدر ان نفحص عن الحق كمثل ما ينبغى للمريض ان يفحص عن طلب البرء اكثر من الصحيح فان صاحب الظن ليس بصحيح التحقيق اذا قيس الى العالم يريد وان كان انسان من الناس انما عنده من هذه الاشياء ظن فهذا الانسان اجدر ان يفحص عن الحق كما ان المريض هو احق بالفحص عن البرء من الصحيح وذلك ان حال الذى عنده ظن عند حال الذى عنده علم هى حال المريض من الصحيح وانما اراد بهذا انه ان كنا نعترف ان عندنا علما بالاشياء فقد ينبغى ان نفحص عن الاشياء وان نتعلم وان كنا نرى ان الذى عندنا من مبادى النظر هو ظن فذلك بنا احرى ان نفحص كيف عرض لنا هذا الظن فى الاشياء التى هى مبادى النظر ومن اين عرض ثم قال وان كان جميع الاشياء اكثر ذلك على هذه الحال وعلى غيرها الا ان الاقل والاكثر من طبيعة الهويات يريد وان كان يعتقد معتقد ان اعتقادات الانسان كلها ظنون فان الظنون تختلف بالاقل والاكثر فى الصدق والاقل والاكثر من طبيعة الموجود فاذا هاهنا شىء هو صدق فى نفسه ثم قال فانا لا نقول ان الاثنين والثلثة عدد زوج˹ اى انه معلوم ان لنا هاهنا معارف اول يقينية ضرورية مثل اعتقادنا ان الاثنين زوج والثلثة فرد وانها ليست تشترك فى الزوجية ثم قال وليس غرور من ظن ان الاربعة خمسة كغرور من ظن انها الف يريد وهو معلوم عندنا ايضا ان هاهنا خطا وغلطا خارجا عن الحق اكثر من غلط اخر وان الناس يتفاضلون فيه فانه ليس غلط من ظن ان الاربعة خمسة كخطإ من ظن انها الف ثم قال فان كان غرورهما ليس بالسواء فبين ان غرور احدهما اقل يريد فان كان خطا من يعتقد ان الاربعة خمسة ومن يعتقد انها الف ليس بالسواء فخطا احدهما اقل وهذا هو الذى يعتقد فى الاربعة انها خمسة من الذى يعتقد فيها انها الف ثم قال وان كان الاكثر هو الاقل فسيكون هاهنا شىء اخر من الحق يقرب منه الحق الاكثر يريد واذا كان هاهنا شىء هو اقل خطا فهنا شىء هو اكثر صدقا واقل خطا وان كان ذلك كذلك فسيكون هاهنا حق ما ضرورة يكون اقرب اليه الاكثر صدقا والاقل كذبا وهذا الذى قاله بين بنفسه فانه ان كانت هاهنا اشياء بعضها اقل كذبا من بعض واكثر صدقا فسيكون هاهنا شىء هو فى نفسه صادق باطلاق ومثال ذلك انه ان كانت اشياء بعضها اقل بردا من بعض واكثر حرا فسيكون هاهنا حار مطلق يكون الاقرب اليه الاكثر حرا والاقل بردا ثم قال وان لم يكن ذلك يكون اوكد واثبت˹ كذا وقع وتاويله على هذا فان لم يكن هاهنا حق باطلاق يقال الذى هو اكثر حقا بالمقايسة اليه فان هاهنا حقا هو اكثر حقا من الذى قيل بالمقايسة اليه انه اكثر حقا ويمر ذلك الى غير نهاية او ينتهى الامر الى حق هو فى نفسه حق باطلاق لا بالمقايسة ثم قال ونكون قد استرحنا من هذا القول الذى لا يحصر شيئا ويمنع العقل ان يحد شيئا يريد واذا تقرر ان هاهنا حقا باطلاق وتقرر هذا الراى بما لزمت من المحالات فقد استرحنا من القول الذى لا يتحصل منه معلوم ويمنع ان يكون حد لشىء من الاشياء

[19] Textus/Commentum

مخ ۴۰۳