الستة بتقديم بعض الحروف على بعض يرجع إلى شيء واحد، فكأنه لمح هذا المعنى هنا، ورأى أن اللغة تشتق من اللغو لكونهما بمعنى الباطل وفحش المنطق، ولا شك أن النفوس تتأثر للباطل والفحش وتنفعل لذلك أشد التأثر، والله أعلم. على أن إمام الحرمين في البرهان صدر بقوله: اللغة من لغى يلغى، إذا لهج بالكلام. قلت: لغي فيه بالكسر. ومضارعه بالفتح على القياس، كرضي، ومناسبته في غاية الظهور، إلا أن الذي في غالب الدواوين اللغوية: لغى بالأمر، لهج به سواء كان كلامًا أو غيره، مثل ما يقولون: لهج بالأمر كفرح، إذا أولع به وأغري باستعماله، وكأن الإمام قصره على الكلام أخذًا من معنى اللهجة الذي هو اللسان، والله أعلم. ثم قال في البرهان: وقيل، من لغى يلغى، فكأنه يريد - والله أعلم - ما قاله ابن جني كغيره. وإن مال لما صدر به في البرهان جماعات. وحديث الجمعة الذي أشار إليه ابن جني خرجه الإمام مالك في الموطأ، والشيخان وغيرهم، بروايات مختلفة الألفاظ ليس هذا محل بسطها. وتفسيره «لغى» بـ «تكلم» عليه جمهور شراح الموطأ والصحيحين وغيرهم من أئمة الحديث واللغة، وهو المناسب لما جاء به من الاستدلال، وفسر بغير ذلك. قال القاضي عياض في المشارق: فقد لغى، أي: تكلم، وقيل: لغى عن الصواب، أي: مال، وقيل: صارت جمعته ظهرًا، وقد خاب من الأجر، ومثلها في نهاية ابن الأثير وغيرها.
وقد أطلنا القول في هذه الفائدة بالنسبة لهذا المختصر، وإن كانت
1 / 70