95

وأما نعمة عين وكرامة ومسرة فأسماء موضوعة موضع المصادر. منصوبات بفعل مضمر من لفظها لا يجوز إظهاره. فإذا قيل لك: افعل كذا، فتقول له نعما عين، أي وأنعم به عينك إنعاما. فوقع نعما وأخواته موقع إنعام. وكذلك مسرة أي أسرك به مسرة وكرامة، أي أكرمك بفعله كرامة. وإنما لم تظهر هذه الأفعال لأنها أجوبة والجواب مبني على الاختصار، ألا ترى أنه يكون بالحروف مثل قولك لمن سألك هل قام زيد؟ فتقول له: نعم، إن قام، أو: لا، إن لم يقم. فناب لا مناب قولك لم يقم، وناب قولك نعم مناب قولك: قام زيد، فلذلك لم يجز إظهار الفعل.

وأما لا كيدا ولا رغما ولا غما ولا هما فمنصوبات بفعل مضمر من لفظهما لا يجوز إظهاره. وإنما لم يجز إظهاره لأن ما قبله يدل عليه مثل قولك: لا أفعل ولا كيدا، أي لا أفعله ولا أكيده كيدا، أي لا أقاربه. ومعلوم أنه إذا قال لا أفعل كذا أنه قصد... من الفعل وبالغ في ذلك ومن المبالغة في ذلك أن يقع منه المقاربة.

وكذلك لا غما ولا هما ولا رغما أي ولا أهم به هما ولا أرغمك به رغما ولا أغمك به غما.

وأما قولك: أتميميا مرة وقيسيا أخرى، فمنصوب بإضمار فعل لا يجوز إظهاره. وأصله أن رجلا انتسب مرة لتميم ومرة لقيس فقيل له: أتميميا مرة وقيسيا أخرى، ثم استعمل لكل من لم يستقر على حالة. ولم يظهر الفعل لأنه كالمثل، ولوقوع الاسم موقعه.

وأما أعور وذا ناب، فمنصوب بإضمار فعل لا يجوز إظهاره تقديره: أتستقبلون أعور وذا ناب؟ وذلك أن الأعور تتطير العرب به وكذلك ذو الناب وهو الكلب. فإذن أنكر الجمع بين شيئين مجيء أعور وذا ناب. ولم يظهر الفعل لأنه كالمثل.

مخ ۹۵