340

شرح جمل الزجاجي

شرح جمل الزجاجي

ژانرونه

فمذ ومنذ لا تدخلان إلا على الزمان، فإن دخلا على غيره فمؤول. ولا تدخلان منه إلا على المعدود أو معرفة، فلا يجوز: ما رأيته مذ حين ولا مذ زمان ولا منذ وقت. وتقول: ما رأيته مذ الليلة ومذ اليوم، ولا يجوز الليل ولا مذ النهار، لأن النهار عبارة عن الضياء والليل عبارة عن الظلام وذلك لا يحصل شيئا فشيئا، فلذلك لم ندخل عليهما مذ. نقل الأخفش أن النهار عندهم الضياء والليل الظلام. فإن قيل: ألم يجز سيبويه رحمه الله: سرت الليل، تريد ليل ليلتك، والنهار، تريد نهار نهارك، فهلا أجزتم مذ الليل ومذ النهار، على هذا المعنى؟ فالجواب: إن ذلك لا يتصور ومذ توجب التصرف لما تدخل عليه لأنها ترفعه أو تجره، ولما كان الزمان يقع بعدها لذلك لم يدخل العرب واحدة منهما على الصباح والمساء إلا قليلا، لأنه في الأصل اسم في موضع المصدر بمنزلة العطاء، فالأصل: أمسى إمساء وأصبح إصباحا، ثم وضع الصباح والمساء في موضع المصدر، فلما استعملا في الزمان ولم يكن الأصل فيهما ذلك لم يجز أن تجرهما مذ ومنذ، ولا أن يرتفعا بعدهما.

ومن راعى أنها قد كانت تكون في الزمان أدخلهما في جملة الأزمنة فجرهما بمذ ومنذ ورفعهما.

وإن وقع ما ليس بزمان بعدهما يؤول، فإن قلت: ما رأيته مذ زيد قائم ومذ الحجاج أمير، كان الزمان محذوفا والجملة مضافة له. وأسماء الزمان تعلق عما تخفضه باتفاق، ومن غيرها ولا يتعلق خافض سوى ما ذكر. وإذا قلت: ما رأيته مذ أن الله خلقني، فالزمان عند الفارسي محذوف لأن أن ليست زمانا.

ومن الناس من لم يحذف مضافا وجعل أن مصدرا يراد به الزمان بمنزلة: خفوق النجم ومقدم الحاج. والقول الأول أحب إلي لأنهم لا يقولون: مذ الصباح إلا قليلا فالأحرى أن لا يجيزوا بها أن التي تتقدر بالمصدر ثم يكون ذلك المصدر زمانا.

مخ ۱۱۶