287

واختلف هل هما فعلان أم لا، منهم من ذهب إلى أنهما فعلان وهم أهل البصرة. ومنهم من ذهب إلى أنهما اسمان وهو الفراء وكثير من أهل الكوفة. والذي ذهب إلى أنهما فعلان استدل على ذلك برفعهما الفاعل وليسا من قبيل الأسماء العاملة عمل الفعل، وبنائهما على الفتح، ولو كانا اسمين لكانا معربين إذ لا موجب لبنائهما، وبتحملهما الضمير في قولك: نعم رجلا زيد، بل قد حكي: نعما رجلين الزيدان، ونعموا رجالا الزيدون، على ما يبين بعد إن شاء الله تعالى، أو بلحاق علامة التأنيث لما على حد ما تلحق الأفعال، أعني أنها تسقط مع المذكر وتثبت مع المؤنث، نحو؛ نعم الرجل ونعمت المرأة.

والذاهبون إلى أنهما اسمان استدلوا على صحة مذهبهم بكونهما لا مصدر لهما وبكونهما لا يتصرفان، وهذا الذي استدلوا به لا حجة فيه، لأنه قد وجد من الأفعال ما لا يتصرف ولا مصدر له كعسى.g

واستدلوا أيضا بدخول حرف الجر عليهما وحكوا من كلام العرب: نعم السير على بئس العير. وحكي عن بعض العرب أنه ولد له بنت قيل له: نعم الولد هي فقال: والله ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء وبرها سرقة. وأنشدوا في دخول حرف الجر على نعم قول الشاعر:

صبحك الله بخير باكر

بنعم طير وشباب فاخر

وأنشدوا أيضا قوله:

فقد بدلت ذاك بنعم بال

وأيام لياليها قصار

ولا حجة لهم في شيء من هذا.

أما قولهم: على بئس العير، فيكون على حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه كأنه قال: على عير بئس العير، وعلى ذلك يتخرج: والله ما هي بنعم الولد، بولد نعم الولد، ونظير ذلك قول الشاعر

والله ما زيد بنام صاحبه

ولا مخالط الليان جانبه

فأدخل الباء على نام وهو فعل تقديره: والله ما زيد برجل نام صاحبه، ثم حذف رجل وأقيم نام صاحبه مقامه لأنه صفة له.

مخ ۶۳