شرح جمل الزجاجي
شرح جمل الزجاجي
ژانرونه
فإن قيل: فلأي شيء بني على فعل؟ فالجواب: إن التعجب موضع مبالغة وفعل من أفعال الغرائز والطبائع، ومن المبالغة في الفعل أن يجعل كأنه طبع في التعجب منه إلا ألفاظا استغنت العرب عن التعجب منها بأشد وما في معناها، وهي: قام وقعد ونام وسكر وغضب وجلس وقال: من القائلة، فلم يقولوا: ما أقومه، لئلا يلتبس بأقومه من استقام، ولم يقولوا: ما أقعده، لئلا يلتبس بما أقعده من أب، ولم يقولوا: ما أجلسه، حملا على أقعد لأنه في معناه أو حملا على ما أقومه لأنه نقيضه، ولم يقولوا: ما أسكره، لئلا يلتبس بقولهم: ما أسكر التمر، إذا كان في السكر.
وأما ما أنومه وما أغضبه وما أقيله فلم نقل استغنت عنها بالتعجب بأشد وما في معناها وكل ما ذكرنا أنه لا يجوز التعجب منه، فإن العرب إذا أرادت التعجب منه أتت بفعل يجوز أن تتعجب منه ونصبت مصدر ذلك الفعل الذي قصدت التعجب منه على أنه مفعول له فتقول: ما أشد استخراجه للمال، وما أبين حمرته وما أسوأ عماه، وكذلك جميع ما يتعجب منه.
وفي «ما» في أفعله خلاف بينهم، فمذهب أبي الحسن الأخفش أنها موصولة والفعل الذي بعدها صلة لها والخبر محذوف والتزم حذفه كما التزم حذف خبر المبتدأ الواقع بعد لولا، إذ لا يسوغ عنده أن تكون اسما تاما، لأن ما لا تكون عنده اسما تاما إلا في الشرط والاستفهام أو يلزمها النعت نحو: مررت بما معجب لك، وهذا فاسد لأنه إذا جعلها موصولة كانت معرفة فيناقض ذلك معنى التعجب لأن التعجب لا يكون إلا من خفي السبب.
مخ ۴۹