204

ولا أريد الشر إلا أن تأ قيل: يريد فأصابك الشر، فاكتفى بالهمزة والفاء، وأراد: إلا أن تشاء فاكتفى بالتاء والهمزة. وقيل: أراد فالشر أردت فقطع همزة الوصل واكتفى بالهمزة والفاء، وأراد: ولا أريد الشر إلا أن تشاء، فحذف الشين والألف من تشاء واكتفى بالتاء والهمزة.

ومن ذلك أيضا قوله:

قلنا لها يوما قفي قالت قاف

لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف

يريد: أنها اكتفت بالقاف من وقفت.

وقد جاء في كلامهم شيء يحفظ ولا يقاس عليه لندوره، وذلك قولهم: ألا تا، بلى فا، يريد: ألا تفعل؟ فقال له المجيب: بلى فافعل.

ومن المتفق على جوازه حذف النون من مثل من ولكن لالتقاء الساكنين تشبيها لها بالتنوين نحو قول الشاعر:

فلست بآتيه ولا أستطيعه

ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل

يريد ولكن فحذف النون. وقول الآخر:

وكأن الخمر المدام م الإسفنط

ممزوجة بماء الزلال

يريد: من الإسفنط، فحذف.

وكذلك قول الآخر وهو أبو صخر الهذلي:

كأنهم م الآن لم يتغيروا

وقد مر للدارين من بعدنا عصر

يريد: من الآن، فحذف أيضا. ووجه جواز ذلك تشبيهه بالتنوين.

وأما حذف التنوين لالتقاء الساكنين فمن الناس من جعله ضرورة، ومنهم من أجازه في فصيح الكلام، وهو الصحيح. وقد قرىء: {قل هو الله أحد }{الله الصمد } (الإخلاص: 1، 2). بحذف التنوين.

وقرأ عمرو بن عقيل: {ولا اليل سابق النهار} (يس: 40). بحذف التنوين من سابق، فسئل عن ذلك فقال: لو نونته لكان أوزن، يريد: أثقل. وكان عمرو بن عقيل فصيحا. وقد حمل على ذلك أبو عمرو قوله تعالى: {عزير ابن الله} (التوبة: 30) فجعل عزيرا عربيا وحذف منه التنوين لالتقاء الساكنين.

ومما جاء في الشعر من ذلك قوله:

عمرو الذي هشم الثريد لقومه

ورجال مكة مسنتون عجاف

وقال الآخر:

فألفيته غير مستعتب

ولا ذاكر الله إلا قليلا

وقول الآخر:

مخ ۲۰۴