والذي ينتصب بعد تمام الكلام لا يخلو أن يكون منقولا أو غير منقول. فإن كان منقولا لم يجز دخول من عليه لأنه منقول من فاعل أو مفعول. وإن كان غير منقول فلا يخلو أن يكون مشبها بالمنقول أو غير مشبه بالمنقول. فإن كان مشبها بالمنقول لم يجز دخول من عليه.
ووجه الشبه بينه وبين المنقول أن قولك: امتلأ، مطلوع لملأ، فكأنك قلت: ملأ الإناء الزيت، ثم صار الزيت تمييزا بعد أن كان فاعلا لملأ.
وأما: نعم رجلا زيد، فكأن الأصل: نعم الرجل، ثم أضمرت الرجل وصار تمييزا بعد أن كان فاعلا. فكأنه نقل. وأنشدوا.
فنعم الحي من حي يمان
فإن كان غير مشبه بالمنقول جاز دخول من عليه مثل قولهم: حبذا من رجل زيد، وعليه قوله:
يا حبذا جبل الريان من جبل
........
والتمييز لا يخلو أن يكون العامل فيه فعلا أو غير فعل. فإن كان العامل فيه غير فعل لم يجز تقديمه ولا توسيطه، وذلك في كل ما ينتصب عن تمام الاسم.
فإن كان العامل فيه فعلا جاز توسطه بلا خلاف وعليه قوله:
ونارنا لم ير نارا مثلها
قد علمت ذاك معد كلها
واختلف في تقديمه، فذهب المازني إلى أنه يجوز. واستدل على ذلك بقوله:
أتهجر سلمى بالفراق حبيبها
وما كان نفسا بالفراق يطيب
قال: وإذا كان العامل متصرفا فلا مانع له من التصرف في معموله. ومنهم من قال: لا يجوز تقديمه.
واختلف في المانع من ذلك فقال أبو علي والزجاج: إنما لم يجز لأنه منقول من الفاعل، فكما أن الفاعل لا يجوز تقديمه لا يجوز تقديم ما نقل منه. وأيضا فإن التمييز مبين لما قبله كالنعت والنعت لا يجوز تقديمه على المنعوت فكذلك هذا.
ولا حجة فيما ذكر أما أن التمييز منقول من الفاعل فقد يكون منقولا من المفعول كقوله تعالى: {وفجرنا الارض عيونا} (القمر: 12).
مخ ۲