خطأ ما صنعه ابن ملكون الحضرمي حين جمع بين العملين في كتاب واحد سماه "المنهج في الجمع بين كتابي التنبيه والمبهج".
وإذا كان المصنف قد تجنب الإسهاب في شرح أسماء شعراء الحماسة فإنه أيضًا تجنبه في ذكر الأخبار التي تتصل بالنص الأدبي والتي توضح الجو الذي قيل فيه النص، فهو لم ينح منحى التبريزي في نقله عن أبي رياش كل ما كان يرويه من أخبار، وإنما كان يتصرف فيه تصرفًا يقتضيه الإيجاز، وتستطيع أن تلمس ذلك حين تقرأ ما رواه التبريزي عن أبي رياش في خبر أبيات زيد الفوارس والوارد في الحماسية (١٨٠) وما رواه المصنف في هذا الخصوص، وكلاهما معتمد على أبي رياش فيما أورده، غير أن التصرف واضح في نقل المصنف.
ومثله ما رواه من التبريزي والمصنف في خبر أبيات المرثية الأولى من باب المراثي، التي هي لأبي خراش الهذلي، يرثي فيها أخاه عروة ويحمد الله على بقاء ابنه خراش حيا وقد كان مع عمه، فقد أورد المصنف خبرها قال: "والأصل في هذا أن بطنين من ثمالة بني رزام وبني بلال أخذوا عروة وخراشا، فأما بنو رزام فنهوا عن قتلهما حتى كاد يكون بينهما شر فألى رجل من الناهين عن القتل ثوبه على خراش واشتغل الآخرون بقتل عروة، فقال الرجل لخراش كيف دلالتك؟ قال قطاة قال: انجه فنجا، فأقبل القوم نحو خراش وقد نجا فتبعوه فأعجزهم".
هذا تصرف المصنف في رواية الخبر، أما التبريزي فالواضح أنه نقل الخبر بنصه من شرح أبي رياش دون تصرف قال: "أن عروة بن مرة أخا أبي خراش وخراش ابن أبي خراش اصطحبا في متصرف لهما فاسرهما بطنان من ثمالة بنو رزام وبنو بلال وكانوا موتورين فاختلفوا في الإبقاء عليهما وقتلهما فمال بنو بلال إلى قتلهما وتفاقم الأمر بينهما في ذلك إلى أن صار يؤدي إلى المقاتلة، فتفرد أولئك بعروة فقتلوه، وتفرد هؤلاء بخراش فخلا به واحد منهم، منهزما الفرصة في (...) فقال
2 / 44