شرح فصول ابقراط د کیلاني لخوا
شرح فصول أبقراط للكيلاني
ژانرونه
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب مسمى بشرح فصول أبقراط من كتبه المصنفة
الحمد لله الذي انفرد بالأزلية والأبدية وتوحد تعالى جناب جلاله عن إدراك قوة الوهم وتمجد، عجز في تفكر كنه عظمة كبريائه العقل المجرد، قدير أسس قواعد علم الطبيعة على الاستقصات المتضادة القوى بقدرته الكاملة وأمره الممهد، وأظهر منها بحكمته الشاملة اعتدال مزاج زمرة البشرية وعدالة خلقتهم المجردة واصطفى من بينهم خلاصتهم وأعدلهم وآثر منهم أشرفهم وأفضلهم بالنبوة والرسالة فهو أحمد وحامد وحميد ومحمود ومحمد خاتم أنبيائه وسيد رسله المظفر المؤيد ونبينا العربي القرشي الهاشمي الأبطحي المكي المدني، صلى عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين وسلم تسليما. أما بعد، فلما عزم هذه الصنعة على نيل السنية ودرك الساحة السامية التي هي أجل موقعا من كل رقية وأفضل مغنما من كل مستفاد وذخيرة وأراد أن يفوز بسعادة تلقى فناء العالي وحضرة مولى الموالي منشأ العز والمعالي زلال منبع السعادة والاقبال، جمال مجمع القياصرة والأفياء، مربى العلم PageVW1P002A والعلماء، مقوى الفضل والفضلاء، ورافع قواعد المدارس والجوامع، واضع أساس المعابد والصوامع عمدة السلاطين قدوة الخواقين ظل الله في الأرضين خاقان ابن الخاقان السلطان جلال الدنيا والدين PageVW0P001A * محمود (1) سلطان جلال الدنيا والدين جاني بك خان أسعده الله في الدارين وأيده وخلد جلاله ما ملكه وأيده، فطلب وسيلة تسعف مرامه ورام ذريعة التزمت نظامه وجد وسيلة العلمية أشرف الوسائل وذريعته أسرع إسعافا بالمطالب والمسائل سيما علم الطب، فإن العلوم كلها مفتقرة إليه لحفظة صحة البدن عند استكمال النفس وكسبها العلوم، أعني * أن (2) اكتساب العلوم مفتقرة إلى صحة البدن وصحة البدن مفتقرة إلى علم الطب.فكانت العلوم مفتقرة إلى علم الطب لأن المفتقر * إلى المفتقر (3) إلى الشيء مفتقر إلى ذلك الشيء. ولهذا المعنى قال النبي * صلى الله عليه وسلم (4) من * صحت (5) طبيعته * فقد (6) صحت شريعته فلا جرم اختار أفضل العلوم وأشرفها ليكون سلما إلى مبتغاه ودرجا إلى متوخاه وذريعة إلى أكمل ملوك العالم وأفضل من تولاه وكتب شرحا باسم دار كتبه المعمورة المولوية ليكون PageVW0P001B تحفة موصلة له إلى عتبته العالية السلطانية لفصول أبقراط الحكيم. الذي كان موردا للواردات السماوية ومهبطا لإلهامات * الإلهية (7) وقد حاز قصب السبق في صناعة الطب وبلغ الغاية وفاز بالأمد الأقصى واستولى * على (8) النهاية وكتابه على خاتم الحكم فص وكلامه بين الحكماء نص ووقع هذا الشرح المشبع والتفسير المطلع على ترتيب أبي الحسين الذي نظم درر فصوله في سلك الضبط PageVW1P002B * وأحسن (9) ترتيبها وأجمل تبويبها بلا * (10) خبط لأن شرح أبي الصادق مختلط غير مرتب * وليس (11) ذكر الفصول وشرحها * فيه (12) موافق الترتيب لفصول كتاب أبي الحسين المرتب المتداول بين الأطباء المستعمل بين الحكماء ولا يجد الطالب تفسير فصل من الكتاب المرتب في شرح أبي الصادق الغير المضبوط إلا بطول نظر وعسر، فشرح كتاب الفصول هذا الراجي للقبول وهو أحمد بن محمد بن قاسم المتطبب الكيلاني على ترتيب كتاب ابي الحسين السنجري PageVW0P002A أسهل نيلا للمرام وأسرع إطلاعا على فحوى الكلام.
1
[aphorism]
قال أبقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة خطر والقضاء عسر، وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك والأشياء التي من * خارج. (13)
[commentary]
العمر وهو مدة تعلق النفس بالبدن للاستكمال، والتدبير والصناعة ملكة نفسانية تقتدر بها على استعمال موضوعات ما نحو غرض من الأغراض على سبيل الإرادة صادرة عن بصيرة بحسب الممكن فيها. والمراد بالصناعة ههنا الصناعة الطبية المشتملة على كلا قسمي الطب علمي ويقال له أيضا نظري، وهو معرفة الأشياء التي لا تتعرض فيها لبيان كيفية عمل، وعلمي وهو الذي تتعرض لبيان كيفية * العمل (14) . والقصر والطول من الأمور النسبية إنما يقال لشيء أنه قصير بالنسبة إلى شيء هو دونه في الطول، وبالعكس. ولقائل PageVW0P002B أن يقول العمر من مقوله الكم لأنه مقدار زمان والزمان كم متصل PageVW1P003A غير قار الذات. والصناعة من مقولة الكيف لأنها من الكيفيات المختصة بذوات الأنفس. فكيف تقاس الكمية بالكيفية؟ ويمكن أن يجاب عنه بأن المراد من طول الصناعة هو مدة اكتساب الصناعة الطبية التي بالنسبة إلى مدة * تعلق النفس (15) بالبدن، وهي العمر، طويلة لأن إحاطة الأمراض الجزئية بحسب الأشخاص الكثيرة المختلفة الطبائع غير ممكن لعدم تناهيها ولأن الكائنات الفاسدات * لا يمكن ضبطها (16) ، فكيف نبرهن عليها وأجزاء مدة العمر متناهية، فيكون المتناهي * قصيرا بالنسبة إلى غير المتناهي وغير المتناهي طويل بالنسبة إلى المتناهي (17) لا محالة. وكذلك الحال في غرض المزاج الانساني لأن الأجزاء التي بين طرفيه الإفراط والتفريط غير متناهية، فلا يمكن ضبطها كالخط المشتمل على النقاط الغير المتناهية. وكذلك الأسباب الجزئية بحسب الأمراض الجزئية. وقوله: والوقت ضيق، يعني وقت * اكتساب (18) الصناعة، وذلك لأن PageVW0P003A العمر مع قصره وطول الصناعة يكون الإنسان * في (19) أوائل عمره وهي أوان الطفولية والصبوية ناقصة القوى الحساسة التي هي المدركة الظاهرة والمشاعر التي هي المدركة الباطنة. فيعجز عن * الإدراكات (20) البرهانية وفي سن الشيخوخة والهرم تضعف قواه فيصعب عليه التعلم بالقياسات العقلية والبراهين القطعية اليقينية. وهذه الصناعة مشتملة على القوانين الكلية والجزئية التي لا تدرك إلا بقوة العقل وصحة الذهن وهو قوة النفس المستعدة لاكتساب الحدود والآراء وسلامة القوى التي تكون في الآلات الجسمانية على حسب الأفعال PageVW1P003B * النفسانية (21) ، وكذلك استعمال القوانين الكلية في المشاهدات الجزئية لاستنباط جزئيات الأمراض الواقعة في الأشخاص المختلفة الطبائع وتقدير المعالجات بقدر الأمراض في كل شخص يحتاج إلى الحدس الثاقب والفكر الصائب، ولذلك يقال الطب هو الحدس PageVW0P003B وما بين هذين يكون قد يصرف بعض أوقاته في الأمور الضرورية الطبيعية كالنوم والاستفراغ ونحو هما، والبعض الآخر في الاشتغال بالأمور الاضطرارية التي يحتاج إليها في معاشه كالأكل والشرب وما يشبههما. ويكون * في (22) البعض ممنوا إلى أمور غير اضطرارية هي كالاضطرارية، وهي مباشرة أسباب أمر المعاش وهي الأمور التي يحتاج إليها الإنسان في تحصيل ما يتوقف عليه معاشه، وهي المكاسب التي بها تتم أجزاء المعاش وإصلاحه وتهيئته ليستعد لحصول ما هو الغرض منه. فيكون وقت * اكتساب (23) هذه الصناعة الطويلة بالنسبة إلى جميع أوقات العمر ضيقا لا يسعها ولا يمكن فيه الإطلاع عليها. هذا تحريض وحث على تعلمها. وقوله: والقضاء عسر، يريد به القياس المقدم على التجربة رتبة لأنها امتحان لما استخرج بالقياس الصحيح كما إذا احتاج الطبيب إلى استعمال دواء في شفاء مرض وكان عنده دواء ركبه على قياس صحيح، ولكن لا تأمن من خطره وضرره، * فيحترز (24) من استعماله ما لم PageVW0P004A تشهد له التجربة بالنفع * ففضيلة (25) الشيء * الذي (26) أوجبه القياس إنما تتبين إذا شهدت له التجربة بذلك. فمن الظاهر البين أن الدواء إنما يوثق غاية الثقة PageVW1P004A إذا شهدت التجربة، وذلك التجربة التي هي * حق قانونه (27) تصحح ما أوجبه القياس عند الحس بمشاهدات التجربة له. فإذن للقياس أن يستخرج حكما صحيحا كليا * وللتجربة أن تشهد بصحة ما استخرجه القياس إذا وجدته عند الحس مطابقا لما أوجبه القياس في الجزئيات إلا ما أمكن أن يقام عليه برهان. فأما ما قام على صحته البرهان من الأشياء المستخرجة بالقياس لم يحتج شهادة التجربة. وإنما قال عسر لأن القياس والعلم به في نفس الأمر عسر، فالإحاطة بسببه على سائر الجزئيات من الأبدان والأسباب والأمراض والأدوية والأهوية فردا فردا بطريق الأولى يكون عسرا. وإنما قدم التجربة على قوله «القضاء» المؤول عند أصحاب القياس بأن المراد منه القياس مع كون التجربة مؤخرا في الرتبة ليعلمنا أن في التجربة التي قبل PageVW0P004B القياس خطرا، وهي تجربة الجهال وامتحان الشيء ابتداء من غير قياس ولا صادر عن أصل وقانون، وهي التي عناها أبقراط الحكيم بقوله «والتجربة خطر» لأن المرض الواحد في النوع يتكثر بحسب قلة مادته وكثرتها وبحسب غلظها ورقتها وبحسب انفرادها وتركبها وما يلزمها من الأعراض اللاحقة بها، حتى يصير كثيرا بالعدد والاعتبار بحيث لا يمكن إدراك جميعها بالتجربة. ومن الممتنع أن يجرب جميع الحالات الجزئية من الأمور الطبيعية والخارجة عن الطبيعة لأنها ليست كلها مما يخرج إلى الفعل في أبدان وأزمان يقدر عليها إنسان واحد ليعرف طبائع الأبدان وسائر أحوالها وطبيعة الأمراض ومقاديرها وقوى الأدوية التي يعالج بها واختلاف الأدوية بزيادة القوة ونقصانها وما السبب الذي صار ينفع أو يضر كل واحد من الأدوية والأهوية لمرض مرض بلا الأقيسة الصحيحة والقوانين الكلية الشاملة لجميع جزئيات هذه الصناعة. وقال قوم إن PageVW0P005A المراد من القضاء هو الحكم، فعسره إنما يكون بأن الحكم على المنفعة والمضرة التي حدثت بعد العلاج في الصداع الحاد مثلا بالاستفراغ والفصد واستعمال النطولات والشمومات والمروخات بأنها من أيها حصلت عسر. وأما قوله: وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي فعل ما ينبغي يعني، يطلب منك أن لا تقتصر على طلب مباشرة ما ينبغي من التدبير والعلاج بل ينبغي أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك، أي كما ينبغي، والأشياء التي من خارج عطف على ما يفعله المريض كالمسموعات والمبصرات هذا تبينه للطبيب على وجه الوعظ والنصيحة لكيلا تقتصر على تدبيره وتغفل عن فعل المريض وتذهل عن أفعال من يحضره وعن الأشياء الواردة عليه من خارج لأن البدن الإنساني قد يتغير ويستحيل من حال بسبب أفعاله إلى حال آخر إما بسبب أفعاله الظاهرة بحسب قوتها وضعفها واستوائها والتوائها واختلافها تحدث في المريض حالة موافقة لتدبير الطبيب أو PageVW0P005B غير ملائمة مخالفة له. وإمابسبب أفعاله الباطنة كالتفكر والتوهم والتخيل وما أشبهها، فإنها توثر في البدن تأثيرا بحسب كثرتها وقلتها وقوتها وضعفها مخالفا للعلاج غير ملائم. وربما يكون ملائما. وعلى هذا أفعال من يحضره وأقواله قد يكون مما يهيج الغضب ويورث الحزن والخوف فيؤثر في المريض واختل أمر التدبير وكذلك الأشياء التي ترد عليه من خارج تؤثر في البدن بوساطة الأعراض النفسانية التي تهيجها وذلك لأن من المسموعات والمبصرات ما يوجب الفرح والسرور ومنها ما يوجب الحزن والخوف. ولما كان الفرح والحزن يؤثران في النفس والنفس مؤثرة في البدن متصرفة فيه وتصرفه من حال إلى حال آخر فعند اللذة والفرح المعتدلين تهش النفس وتنبسط الروح في القلب وتميل إلى الخارج وتنتشر الحرارة الغريزية التي هي آلة للقوى في أفعالها وتنتعش وتنهض الطبيعة لدفع المؤذي من البدن، وفي حال الحزن والخوف تميل الروح والحرارة PageVW0P006A الغريزية إلى الداخل وينقبض القلب وتضعف القوى. فينبغي أن لا يقتصر الطبيب على تدابيره التي تفعل على ما ينبغي، لكن ينبغي أن يكون المريض وخدمه ممتثلا لأمره في التوقي والاحتماء عما يضر بعد كونهم مطيعين (28) له فيما أمرهم وأن تكون الأشياء الخارجة موافقة للعلاج والتدابيرالطبية ملائمة لطبيعة المريض كلقاء الأحباء واستماع الكلام الذي يورث البهجة والسرور ولا يكون مما يبغضه ويورث الغضب والغم والخوف، لأن من المعالجات الناجعة الاستعانة بما يقوي الحيوانية والنفسانية كالفرح ولقاء من يستأنسه وسماع ما يسره كما قال أبقراط الحكيم في كتابه الموسوم بابيديميا أن سماع العليل لما يحب ويكره يبلغ في البرئ والردائة أمرا ليس * باليسير. (29)
2
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال أبقراط: إن التقدم بالقضية في الأمراض الحادة بالبرء كان أو بالموت ليس يكون على غاية * الثقة (30) . PageVW0P006B
[commentary]
يعني التقدم بالقضية والمبادرة إلى الحكم في الأمراض الحادة بلا علامات السلامة وامارات التلف بأن صاحبها يبرأ أو يتلف غير موثوق به لأن المرض الحاد تكون مادته قوية التأثير سريعة الانقضاء، * فتشمر الطبيعة عن ساق الجد (31) وتجاهد بها غاية المجاهدة لتدفع إذاها عن البدن، فإن اقتدرت على الاستيلاء والمقاومة وطاوعتها المادة دفعتها ونفضتها عن البدن بسرعة بلا علامات النضج وامارات البحران المحمود المحتاجة في ظهورها إلى زمان. وإن كانت المادة قوية الكيفية رديئة * كثيرة الكمية (32) غالبة ولم تمهلها للاستعداد في الإنضاج والاستيلاء، فعجزت وتقاعدت عن دفع المادة، فلا بد أن يهلك العليل، فالمبادرة إلى الحكم قبل ظهور دليل وقياس يؤديان إليه في الأمراض الحادة ليس يكون على غاية الثقة، وذلك لأن لها علامات وامارات يستدل بها على كيفية حال قوة الطبيعة أو قوة المرض، وغلبة أحداهما على الأخرى عند البحران PageVW0P007A فالتقدم بالحكم عند علام العلامة بالبرء * أو (33) بالموت ليس يكون على غاية الثقة لأنه يكون رجما بالغيب أو متابعة الظن PageVW1P004B * إن الظن (34) لا يغني عن الحق شيئا. واعلم أن المرض الحاد هو الذي مع سرعة انقضائه عظيم ويحدث من أخلاط حارة مع حمى * كالحمرة والحصبة (35) وفرانيطس، ومن أخلاط باردة بلا حمى كالسكتة والكزاز والصرع فإنه قد * يبرأ (36) المريض من هذه الأمراض عند نهوض القوة المدبرة وغلبتها بلا دليل الغلبة فلا ينبغي أن يحكم على التلف وقد يهلك العليل بعد ظهور النضج وأيام الإنذار في * أوان (37) البحران عند خور القوة وضعفها.
3
[aphorism]
قال أبقراط * الحكيم (38) : ولا ينبغي أن تعبر بخفة يجدها المريض من نفسها بخلاف القياس ولا أن تهولك أمور صعبة تحدث على مجرى القياس، فإن أكثر ما يحدث من ذلك ليس بثابت ولا يكاد يلبث ولا تطول مدته.
[commentary]
PageVW0P007B يعلم الطبيب وينبهه بأن لا يغتر * بخفة (39) يجدها المريض في غير وقتها وفي أيام مجاهدة الطبيعة ومكادحتها بالمرض، فإن الخفة الغير المسبوقة بعلامات النضج واستفراغ البحراني لا اعتبار لها لأنها ليست على مجرى القياس. فينبغي أن يكون العليل على التوقي والاحتماء ولا يعتمد بهذه الخفة واحترز من التدابير الغير الملائمة، فربما تكون تلك الخفة والهدوء الذي يجده على خلاف القياس حادثا لعجز الطبيعة وضعف القوة المدبرة وعدم مطاوعة مادة المرض لها لتتصرف فيها وتنضجها وتستبعدها للدفع من غاية الغلظ والكثافة. ويقول لا تهولك أمور صعبة وأعراض هائلة تحدث على مجرى القياس كاضطراب العليل وقلقه وتململه على الفراش بعد علامات النضج وقوة PageVW1P005A المريض في أيام الباحوري لأنها تجري على منهج القياس وتدل على انتهاض الطبيعة وقوتها ومقاومتها بالمرض، فلا تخف منها. فإنها تنقضي سريعا ولا تلبث طويلا وتتبدل ببحران محمود وخفة وراحة وهدوء طبيعي PageVW0P008A بخلاف ما لو ظهرت هذه الأعراض عند عجز القوة المدبرة وعدم علامات النضج وخور الطبيعة وتقاعدها عن المقاومة والمكادحة.
4
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال * الحكيم (40) أبقراط: إن أنت فعلت * جميع ما ينبغي أن تفعل على ما ينبغي ولم يكن ما ينبغي أن يكون (41) فلا تنتقل إلى غير ما أنت عليه ما دام ما رأيته منذ أول الأمر * ثابتا. (42)
[commentary]
* واعلم (43) أن أمر العلاج يتم بأشياء ثلاثة: أحدها التدبير والآخر استعمال الأدوية والثالث العمل باليد. وأعني بالتدبير التصرف في الأسباب * الستة (44) الضرورية بأن تجعل موافقة ملائمة للصحة الحاصلة ومخالفة للمرض عند كونها * زائلة (45) . يقول الحكيم أبقراط إن استعملت في مرض ما جميع ما ينبغي أن تستعمل فيه من * التدابير (46) واستعمال الأدوية على ما ينبغي في مقدارها من الكمية والكيفية، ولم يظهر * لك (47) من البرء ما ينبغي أن يظهر بهذا العلاج، فلا تنتقل من هذا العلاج إلى نوع آخر، أي من PageVW0P008B استعمال الأشياء الباردة إلى الحارة أو بالعكس، ولكن لا باس أن تنتقل من دواء إلى دواء آخر في نوعه لأنه قد يكون * تأخر (48) أثر معالجة الصواب من إلفة معدة العليل بدواء واحد أو يكون من غلظ المادة ولزوجتها أو برودتها، فيعسر نضجها بسهولة وبسرعة وتحتاج إلى زمان طويل، فلا يظهر بدئا PageVW1P005B منفعة بينة فلا تنتقل إلى غير ما أنت عليه في نوعه لأنه لو كانت التدابير مخالفة لازداد المرض واشتد عند * تداو (49) يزيد ويعين مادته، فلما لم يزد وبقي في حاله دل على موافقة العلاج. وقيل لا تهرب عن الصواب لتأخر الأثر ولا تقام على الغلط لتباطؤ * الضرر (50) ولا تقام في علاج واحد على دواء واحد، فإن المألوف لا ينفعل عنه.
5
[aphorism]
قال أبقراط * الحكيم (51) : استعمال الكثير دفعة مما يملأ البدن أو يستفرغه أو يسخنه أو يبرده أو يحركه بنوع آخر من * الحركة (52) أي نوع كان فهو خطر، وكل ما كان كثيرا فهو مقاوم للطبيعة. فأما ما كان PageVW0P009A قليلا فمأمون متى أردت انتقالا من شيء إلى غيره ومتى أردت غير ذلك.
[commentary]
إن امتلأ البدن امتلاءا كثيرا أعرض من ذلك الشدة والاسترخاء والتشنج الامتلائي والعفونة واحتقان الحار الغريزي والتخمة وانصداع الأوعية وانفجارها. وإن استفرغ البدن استفراغا كثيرا عرض برد المزاج باستفراغ المادة المشتعلة به الحار الغريزي، وربما عرض منه حرارة المزاج إن كان المستفرغ البلغم، وقد يعرض من ذلك اليبس وقد يتبع الاستفراغ الكثير الشدة لفرط يبس العروق وانسدادها فمن استعمال الكثير مما يملأ البدن واستفراغ الكثير يعرض الآفات الكثيرة. وأما الاحتباس والاستفراغ المعتدلان نافعان حافظان لحاله الصحة، وكذلك في التسخين والتبريد وغيرهما مما يحرك البدن من حال إلى حال خطر عند * استعمالها (53) * الكثير دفعه لأن قوام الطبيعة بالاعتدال وكلما جاوز الاعتدال استمال (54) البدن إلى الانحراف وسوء المزاج فيغير عن حالته PageVW1P006A الصحية. يقول الحكيم PageVW0P009B أبقراط: متى أردت أن تنتقل من حالة إلى حالة آخرى ينبغي أن يكون انتقالك على سبيل التدريج لا على طريق * التكثير (55) دفعه لأن كل كثير مقاوم للطبيعة مغير لاعتدال المزاج الذي قوام الصحة، فلو كان انتقالك وتدبيرك فيه قليلا * قليلا (56) وكنت مصيبا صار ذلك من قبيل العادات، ولو كنت مخطئا في تدبير انتقالك * وأحسست (57) به يكون لك سبيل إلى غير التدبير الذي كنت فيه وكنت مأمونا متى أردت غير ذلك الانتقال ويمكنك الانتقال منه إلى غيره بخلاف ما لو لم يكن على التدريج.
6
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال أبقراط: لا الشبع ولا الجوع ولا غير هما من جميع الأشياء * محمود (58) إذا كان مجاوزا لمقدار الطبيعة.
[commentary]
لا * ينبغي (59) أن تدافع الشهوة الصادقة إذا هاجت، فإن الصبر على الجوع الصادق يملأ المعدة أخلاطا صديدية رديئة ويعرض للممرورين من الصبر على الجوع انصباب المرار إلى معدتهم PageVW0P010A وإذا تناولوا شيئا بعد ذلك يفسده. وكذلك الشبع المفرط رديء لأنه يورث * البخر (60) والتخمة والهيضة ولا شيء شر من التخمة، والهيضة شبه التخمة فإنها لو عرضت من الأغذية اللطيفة يعرض منها حميات حادة خبثته وأورام حادة رديئة، فلا جرم ينبغي أن يحترز من الشبع المفرط والجوع المتطاول ويتناول مقدارا معتدلا لم يثقل ولم يهدد الشراسيف ولم ينفخ ولم يقرقر ولم يعرض غثي ولم يحس طعم الغذاء PageVW1P006B في الحشاء، وقد يدل * على (61) أن الطعام معتدل في الكمية أن يعرض منه عظم النبض مع صغر النفس بسبب مزاحمة المعدة الحجاب فيصغر النفس لذلك ويتواتر وتزداد بذلك حاجة القلب، فيعظم النبض، وإن أراد من الشبع عدم الاشتهاء الذي يكون لمرارية المعدة أو لسخونها أو لنزارة تجلب السوداء إليها أو لعدم احتياج البدن إلى بدل ما يتحلل أو لسوء مزاج العصب الحساس الذي في فم المعدة. وعنى بالجوع زيادة الشهوة واشتدادها الذي يحدث من سوء مزاج بارد يعرض لفم المعدة، إما من كثرة انصباب PageVW0P010B السوداء إليه وإما لشدة احتياج البدن إلى بدل ما يتحلل ويخلخله، وقد يكون من الديدان والحيات. فهذه كلها أحوال رديئة تحدث حالات غير محمودة مغيرة للاعتدال والمزاج الصحي.
7
[aphorism]
قال أبقراط * الحكيم (62) : ما كان من الأمراض يحدث من الامتلاء فشفاؤه يكون بالاستفراغ. وما كان منها يحدث من الاستفراغ فشفاؤه يكون بالامتلاء، وشفاء سائر الأمراض يكون * بالمضادة (63) .
[commentary]
* أقول (64) : أعلم أن الامتلاء على وجهين: * امتلاء (65) بحسب القوة وامتلاء بحسب الأوعية. الامتلاء بحسب القوة هو أن لا يكون الاذى من الأخلاط * لكميتها (66) فقط بل لردائة كيفيتها تقهر القوة ولا تطاوع الهضم والنضج، فيكون صاحبها على خطر من الأمراض العفينة وغيرها. وشفاؤه يكون بالاستفراغ. وأما الامتلاء بحسب الأوعية هي أن تكون الأخلاط والأرواح، وإن كانت صالحة في كيفيتها قد زادت في كميتها حتى ملأت الأوعية ومددتها وصاحبها PageVW0P011A يكون على خطر من الحركة، PageVW1P007A فإنه ربما انصدع من شدة الامتلاء عرق وسال الدم إلى المخانق فحدث خناق أو نفث دم. فشفاؤه يكون بالاستفراغ، وما حدث عن الاستفراغ من الخواء والسوسة والضعف فشفاؤه يكون بالامتلاء والمرطب المقوي، ومنهما استفرغ البدن بالفصد وبرد الدم وبرد البدن. فينبغي أن يتناول الحارة الرطبة ليكون شفاء سائر الأمراض بالمضادة لأن الصحة تحفظ بالأشياء المتشابهة والمرض بالأشياء المضادة. وشبه القدماء الصحة بالجسم المستقيم الذي استقامته إنما يبقى عليه بأن لا يمال به إلى جهة والمرض بالجسم الذي اعوج، فإنها مهما أريد استقامته احتيج بأن يمال به إلى خلاف الجهة التي صار إليها ومما يشكل به في هذا الموضع هو أن الصحة قد تحفظ بالضد، فإن المحرور إن لم يستعمل التدبير المبرد والمبرود التدبير المسخن لم يبق واحد منهما على اعتداله وصحته، وكذلك المرض قد يداوى بالمشابه والمماثل. فإن كثيرا من الحميات تتناول PageVW1P011B فيما الأدوية الحارة ويداوى من به استرخاء بصب الماء البارد الكثير عليه، فيبرأ وينحل هذا الإشكال * بأن تعلم (67) أن البدن الحار والبارد * إذا (68) غذى من الغذاء المضاد لهما في المزاح يكون غذاء بالقوة وتدبير الصحة بالإطلاق من القول بالمشاكل لا بالمضادة لأن الغذاء في التحقيق هو الذي يكون بالفعل. فأما مادام بالقوة وفي سلوك الاستحالة إلى جوهر البدن PageVW1P007B فلا يكون في الحقيقة غذاء والغذاء بالفعل هو الذي صار جزءا للبدن. فأما مادام كيلوسا في المعدة أو دما في العروق أو رطوبة رذاذية على فرج الأعضاء، فإنه يكون غذاء بالقوة لأن شانه أن سيغذو وإذا كان الأمر على هذا فإن الغذاء إذا كان مضادا في قوته لمزاج البدن فإنه * كما (69) يعدله بالمضادة ينسلخ عن مزاجه بتأثير البدن فيه ويكسيه مزاجا مثل مزاج نفسه حتى إذا صار جزءا للبدن صار مثله في المزاج والقوام وسائر الأحوال، فيكون مشاكلا. أما قبل أن يكون غذاء في التحقيق فليس هو داخل في باب الإخلاف عليه بل PageVW0P012A ينزل منزله الهواء البارد الذي يعدل حرارة القلب، ولعل حفظ صحة هؤلاء بوحد مركبا من التدبيرين الذين أحدهما يسمى التقدم بالحفظ والآخر حفظ الصحة. * فيكون الغذاء المضادة لمزاج البدن بما بعدله يدخل في باب التقدم بالحفظ لا في باب حفظ الصحة (70) وبما يخلف عليه بدلا مما نقص عنه يدخل في باب حفظ الصحة، ويكون ذلك بالمشاكل. فكذلك لو سلمت رأي جالينوس بأن مراد أبقراط الحكيم من الامتلاء والاستفراغ ما لم * يحدثان (71) ، * أي يحدثان (72) مرضا إن لم يقابل بضده كل واحد منهما أي إن لم يستفرغ الامتلاء أو يملأ البدن من الاستفراغ يحدثان مرضا كان هذا التدبير هو التقدم بالحفظ، * وإن (73) * فهمت (74) عنهما * الأمراض (75) الحادثة من الاستفراغ والامتلاء يكون العلاج البسيط والشفاء البحت أن يقابل الامتلاء بالاستفراغ والاستفراغ بالامتلاء. وإن فهمت أنهما أخذا يحدثان المرض كان هذا التدبير مركبا من التقدم بالحفظ ومن PageVW1P008A الشفاء لأنه يدفع ما يتوقع حدوثه ويزيل ما وقع لأن PageVW0P012B أحوال البدن تحسب نسبتها إلى ما يحتاج إليه من التدبير خمسة: أحدها أن يكون البدن صحيحا حصة لا يذم من أحوالها شيء، فتدبير هذا البدن هو حفظه على ما هو عليه من الصحة فقط. والثاني أن يكون البدن صحيحا إلا أنه ليس بحيث لا يذم من صحته شيء أصلا إما لأنه ضعيف القوة أو لأن صحته مؤذنة بالزوال ان لم يعن بها إلا أنه لم يزل بعد شيء منها، وتدبيره التقدم بالحفظ * ولو كان في الحقيقة هذا التدبير مركبا من حفظ الصحة ومن التقدم بالحفظ (76) وهذا قسم ثالث. والرابع أن تكون الصحة قد أخذت تزول، وهذا التدبير مركب من التقدم بالحفظ ومن الشفاء لأن ما قد زال من الصحة يحتاج إلى المداواة وما هو مزمع بالزوال مقدم بالحفظ لئلا يزول. والخامس الأبدان التي قد زالت صحتها وتدبيرها في هذا الحال المداواة والشفاء البحت. وأما ما سبق من الشبهة في استعمال التدبير المسخن في الحميات فليس هو لمداواة المرض بل لتقطيع الأخلاط اللزجة وتلطيفها وتفتيح السدد وللإعانة PageVW0P013A على النضج. وأما صب الماء البارد كما سيجيء إنما يستعمل لتنعكس بذلك حرارته وتجتمع في عمق البدن فيهجم على المرض البارد بالدفع، فيكون الشافي للمرض هو نفس الحرارة التي ضد له والبرد هو الجامع الحاصر لها لتقوى على الفعل.
8
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال أبقراط * الحكيم (77) : إذا كان وجعان معا وليس هما في موضع واحد فإن أقواهما يخفي * الآخر. (78)
[commentary]
إن الوجع هو الاحساس بالمنافي وجملة أسباب PageVW1P008B الوجع * منحصرة (79) في جنسين، جنس يغير المزاج دفعه، وهو سوء المزاج المختلف وجنس تفرق الاتصال وأعني من سوء المزاج المختلف أن يكون للأعضاء في جواهرها مزاج متمكن، ثم يعرض لها مزاج * غريب مضاد (80) لذلك المزاج حتى يكون أسخن من ذلك أو أبرد، فتحس القوة الحاسة بورود ذلك المنافي. فلما كان الوجع هو إحساس بمؤثر مناف من حيث هو * مناف (81) فيكون الوجع * هو (82) المحسوس المنافي بغتة، فكلما كان وجعان في موضعين متغايرين وكان أحدهما أقوى من الآخر ويؤثر في القوة الحساسة PageVW0P013B * وتنفعل الحساسة (83) منه ويستعمل به فيذهل عن الأضعف، وهكذا حال حاسة السمع والبصر وغيرهما من المدركات، فإنها تدرك ما هو الأقوى وأشد تأثيرا فيها دون الأضعف ولأن المحسوس هو المؤثر في الحاسة والحاسة هو * المتأثر به (84) ، فالمحسوس الذي هو أقوى في الفاعلية تشتغل الحاسة بقبوله فيخفي فاعلية الأضعف كما أن نغمات * الصنج (85) لا تدرك عند صوت الطبل وضوء السراج لا يستبين في جنب اشتعال النار العظيمة المضيئة.
9
[aphorism]
قال أبقراط رحمه الله خروج البدن عن طبيعته كما يخرج فيما يستفرغ من المثانة وفيما يستفرغ من البطن وفيما يستفرغ من اللحم أو من غيره من البدن إن كان يسيرا كان المرض يسيرا وإن كان كثيرا كان المرض عظيما وإن * كان (86) كثيرا جدا كان دليلا على * الموت. (87)
[commentary]
اعلم أن خروج البدن عن طبيعته الصحي وانحراف مزاجه عن PageVW0P014A اعتداله الطبيعي يسبب ما يستفرغ من المثانة بالادرار PageVW1P009A ومن البطن بالإسهال ومن اللحم بالعرق أو من غيره من البدن إن كان يسيرا كان المرض وسوء المزاج الحاصل من هذه الاستفراغات يسيرا، وإن كانت الاستفراغات من هذه المواضع كثيرة كان المرض الحادث منها عظيما لانحراف المزاج وانخزال القوة. وإن كانت كثيرة جدا كان دليلا على الموت لفساد مزاج الصحي بحيث لا يقبل علاقة * النفس (88) . وأما إن عرضت هذه الاستفراغات للمريض وكان خروج بدن المريض عن مقداره الطبيعي فيما يستفرغ من المثانة أو البطن أو اللحم قليلا يسيرا دل على أن مادة المرض قليل، وإن كان كثيرا دل على أن مادة المرض كثيرة والمرض عظيم، وإن كان كثيرا جدا دل على أن مادة * المرض (89) كثيرة بحيث لا تقدر * القوة (90) المدبرة على إمساكها وتخرج الأخلاط من تلقاء نفسها ودل على عجز الطبيعة وضعفها * إذ (91) لو كان استخراج هذه المستفرغات * لطبيعة (92) المريض بسبب استفراغها الخارج عن مقدارها الطبيعي PageVW0P014B استخراجا يسيرا كان انحراف مزاجه وضعفه يسيرا، وإن كان استفراغها كثيرا * فلا بد (93) أن يكون استخراجها * لطبيعة (94) المريض استخراجا كثيرا، فتضعف قوة المريض ويضعف المرض، وإن كان كثيرا جدا كان استخراجها كثيرا مفرطا بسبب تحليل الأرواح عند استفراغ الأخلاط الكثيرة المستتبعة لها، وكان سببا لاطفاء الحرارة الغريزية بسبب عوز مادتها التي هي الرطوبة PageVW1P009B الغريزية التي استصحبتها المستفرغات فيكون دليلا على سقوط القوة ومشارفة الهلاك.
10
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال * أبقراط (95) : خصب البدن المفرط لأصحاب الرياضة خطر إذ كانوا قد بلغوا منه الغاية القصوى، وذلك أنه لا يمكن أن يثبتوا على حالهم تلك ولا يستقروا، ولما كانوا لا يستقرون لم يمكن أن يزدادوا صلاحا فبقي أن يميلوا إلى حال أردى ، فذلك ينبغي أن ينقص الخصب بلا تأخير كيما تعود البدن فيبتدأ في قبول الغذاء ولا تبلغ في استفراغه الغاية القصوى PageVW0P015A فإن ذلك خطر لكن بمقدار احتمال الطبيعة، وكذلك كل استفراغ تبلغ فيه الغاية القصوى فهو خطر وكل تغذية أيضا هي عند الغاية القصوى فهي خطر.
[commentary]
يعني إذا أمتلأ البدن امتلاء مجاوزا لمقدار احتمال الطبيعة وحصل الإفراط في الخصب، وهو أن تمتلأ العروق التي هي مجاري الأخلاط والأرواح ومسالكها * وامتلاء (96) أوعيتها الحاصلة في بطون الدماغ الشريفة والأعضاء التي هي كالخزائن العامرة لسلطان الطبيعة في بعض تصرفاتها التدبيرية لبقاء * الشخص أو النوع (97) ، وبالجملة كل عضو أو تجويف يمكن أن يجتمع ويقف فيه من الأخلاط وجاوز قدر قوة الطبيعة في أن يتصرف فيما بالإنضاج أو الجذب والدفع أو التشبيه والهضم وما هو من جنس الحركة في الكيف أو الأين وهو الامتلاء بحسب القوة، ففيه خطر لأن هذا يوجب عزل الطبيعة وتعطيلها عن افعالها وتصرفاتها التي بها تدبر أمر البدن كالتغذية وإيراد بدل ما يتحلل من جوهر الروح * والبدن (98) وأخذ PageVW0P015B يفسد المزاج PageVW1P010A ويضعف القوى وأما أن تمتلأ تلك الأوعية والعروق من الأخلاط والأرواح بحيث لا تسع الزيادة ولا يتمكن من المطاوعة في الانبساط وهذا امتلاء بحسب الأوعية. أو يقول إنما عنى بخصب البدن السمن في * الغاية (99) القصوى والامتلاء الذي استغنى البدن * به (100) عن التغذي وتمدد وانتفخ مع احمرار اللون حتى لم يبق في الأوردة محل لقبول الدم ولا في الشراسيف مجال لحركة الروح وانغمرت الحرارة المحيية وعرض الثقل والكسل وانغمست الحرارة الغريزية المحركة حتى قارب الانطفاء. ومع هذا لا يقف البدن على هذه الحالة بل يركن إلى حالة أردى منها، وهو التغذي وتوليد الدم على عادته المعتادة وإرساله إلى العروق الممتلئة المتمددة القريبة إلى الانشقاق. فينبغي أن ينقص الخصب بتقليل الغذاء لأن الغذاء المفرط الكثير وإن عرض له أن ينهضم في المعدة فإنه قلما ينهضم في العروق بل يبقى فيها نيئا ولم يتشبه بالبدن لعدم احتياجه به فيمدد العروق ويصدعها، فينبغي أن لا يؤكل PageVL7P016A قدر العادة بل ينقص منه حتى أقبلت الطبيعة على الفضلات وهضمتها والتي لا تقدر الطبيعة على إصلاحها ينبغي أن تستفرغ بلا تأخير كيلا يتأذى البدن منها ويتألم بسبب كيفيتها الفاسدة أو كميتها الكثيرة الزائدة ، وحتى لا ينصدع عرق من العروق وينصب الدم إلى * المخانق (101) وينبغي أن يكون الاستفراغ على قدر احتمال القوة لا على مقدار الامتلاء لأن الاستفراغ PageVW1P010B المفرط دفعة يؤدي إلى الضعف خور القوة وتحليل الروح وانحلال الحرارة الغريزية والقوى ويتبعه برد ويبس في جوهر الأعضاء ويحدث التشنج والكزاز اليابسين. فأعلم أن في كل استفراغ يبلغ فيه الغاية القصوى خطر كالخطر في التغذية التي يبلغ بها البدن الغاية القصوى من الخصب والامتلاء. ولما كان الاستفراغ المفرط والامتلاء المهدد من التغذية الكثيرة في أصحاب الرياضة كالصريعين والملاحين خطرا. وكان الخطر في غير هؤلاء أولى لأن أصحاب الرياضة أوفر الناس قوة وأكثر تحليلا وأقدر على هضم الغذاء وأصلبهم أعصابا وعروقا. وأما قوله PageVW0P016B إذا كانوا قد بلغوا منه الغاية القصوى يدل بحسب الظاهر أن خصب البدن إذا لم يكن على هذه الغاية لا يوجب خطرا. وإن كان لا يخلو عن الضرر لأنه أمر مخالف للطبيعة مغير لها.
11
[aphorism]
قال أبقراط * الحكيم (102) : متى كان بانسان جوع فلا ينبغي أن * يتعب. (103)
[commentary]
يعني الجوع ما يعرض من فقدان الغذاء من الخواء وعدم بدل ما يتحلل من البدن. والتعب هو الإعياء الحاصل من كثرة الحركات والأفعال وتكررها. فإنها توهن القوة. وإن كان قد يصحب ذلك تحلل الروح على سبيل صحبة سبب لسبب، يقول لا ينبغي أن يتعب الجائع العادم الغذاء المحتاج إلى بدل ما يتحلل لئلا يكون تحليل بدنه أكثر لأن التعب في مثل هذا * البدن (104) الذي لم يجد فيه فضلة تحللها * تحلل (105) جوهر الروح اللطيف البخاري الذي هو * مركب القوى وينقص الحار الغريزي الذي هو (106) آلة للقوى، فتضعف PageVW1P011A القوى وتكل عن أفعالها. فينبغي أن يحفظ البدن PageVW0P017A الذي له خواء من أي استفراغ كان بل يؤمر أن يكسب بالاستراحة والدعة الترطيب ليحصل له بدل ما يتحلل منه .
12
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال * الحكيم (107) أبقراط: من اعتاد تعبا ما فهو وإن كان ضعيف البدن أو * شيخا (108) فهو أحمل لذلك التعب الذي اعتداه ممن لم يعتده وإن كان قويا * شابا. (109)
[commentary]
واعلم أن الأعضاء الضعيفة والصغيرة الدقيقة تقوى وتعظم بالدلك والرياضة الدائمة التي تخصها مثل من كان قضيف الساقين. فإنا نأمره بالإحضار والعدو المعتدل والدلك اليسير. ثم اليوم الثاني يحفظ ذلك الدلك بحاله ويزيد في الرياضة. وفي الثالث أيضا نفعل هكذا حتى تتحلل الفضلات المسددة لمسالك الدم، ويتوجه إليهما الدم الغاذي وجذباه بالسخونة واندمجا بالدلك، وكذلك يشهد الأشياء الثقيلة والآلات التي يرفعها الصريعون لتقوية أبدانهم وسمن عضدهم. فعلم أن التعب الذي اعتاده العضو يصير طبيعيا غير مضر له بل يشتد ويقوى به PageVW0P017B فيكون البدن المعود أحمل للتعب الذي اعتاده ممن لم يعتده.
13
[aphorism]
قال أبقراط الحكيم: ما قد اعتاده الانسان منذ زمان * طويل (110) وإن كان أضر مما لم يعتده، فاذاه له أقل، فينبغي أن ينتقل الانسان إلى ما لم * يعتده (111) .
[commentary]
يعني أي شيء اعتاده الانسان منذ زمان طويل من المأكول والمشروب وغيرهما وإن كان أضر وأخس مما لم يعتده * فأذاه له أقل لأن (112) ذلك الشيء PageVW1P011B يصير طبيعيا له ومألوفا، ويحصل للبدن عند اعتياده به قوة مصلحة لفساده وتكون طبيعته محتملة لاذاه كما تكسب الأعضاء المتحركة احتمال التعب من الشيء المتعب بزمان طويل. فينبغي أن لا يقتصر الانسان على الأشياء اللذيذة المرغوبة دائما بل ينبغي أن ينتقل بالتدريج إلى غيرها ويمرن نفسه بالعادات المختلفة حتى لو وقع فيها ضروريا واضطر باستعمال تلك الأشياء لم يكن أجنبيا منها ولم تكن تلك الأشياء مضرة له. ولذلك قيل أن العادة طبيعة مكتسبة ينتفع بها في كثير PageVW0P018A من التدابير الطبيعية كما لو احتجنا إلى إخراج الدم أو سقي الماء البارد في الحمى الحادة الحارة. فإنا لا نتوقف فيمن كان معتاده ولا نقدم على من لم يعتده كل الإقدام سيما الفصد فيمن يغشي عليه والماء البارد فيمن أحشاؤه ضعيفة.
14
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال * أبقراط الحكيم (113) : ما كان من الطعام والشراب أخس قليلا إلا أنه ألذ فينبغي أن يختار على ما هو أفضل منه إلا أنه * أكره. (114)
[commentary]
واعلم أن الغذاء منه لطيف ومنه كثيف، وأيضا فإن كل واحد منهما قد يكون رديء الكيموس ويكون محمود الكيموس. والماء الذي هو ركن من الأركان لبدن الإنسان * وخص (115) بالتناول من بينها، وإن كان لا يغذو بل ينفذ الغذاء وبه رقة تؤثر في البدن بحسب اختلافه لا في جوهره المائية لكن بحسب ما يخالطها وبحسب الكيفيات التي تغلب عليها. فقال الحكيم أبقراط: ما كان من الطعام والشراب أخس قليلا بالنسبة إلى غيرهما PageVW0P018B من الأطعمة والأشربة اللطيفة PageVW1P012A إلا أنه تستلذه النفس وتشتهيه فينبغي أن يختار هذا الطعام المشتهى على الطعام الفاضل الشريف الذي لا تقبله النفس ولا تشتهيه بل تكرهه لأن الطبيعة تصلحه وتدفع مضاره من البدن فيصير موافقا ملائما للبدن بخلاف الغذاء الفاضل الغير المرغوب، فإن الطبيعة تشمئز عنه ولا تشتغل بهضمه.
15
[aphorism]
قال أبقراط رحمه الله: متى ورد على البدن غذاء خارج عن الطبيعة كثير فإن ذلك يحدث مرضا ويدل على ذلك * برؤه (116)
[commentary]
إن الخالق تعالى أعطى كل حيوان وكل بدن من المزاج ما هو أليق به وأصلح لأفعاله وأحواله، ولا يكون عدم حصول * ذلك المزاج (117) لبخل من جهة الجواد المطلق ولا لامتناع ذاتي من جهة ذلك الشيء، بل لامتناع يرجع إلى حال القوابل عند استعداداتها التامة، وكل مغير لذلك المزاج المناسب PageVW0P019A لأفعاله وأحواله ممرض لذلك البدن مغير لأحواله الطبيعي، فمتى ورد على البدن غذاء خارج عن مزاجه في الكمية أو الكيفية، أما في الكمية بأن يحدث في البدن امتلاء بحسب القوة أو بحسب الأوعية كما مر. * وأما (118) في الكيفية هو أن يحدث في البدن من الحرارة أو البرودة أو الرطوبة أو اليبوسة الزائدة كل واحدة منها على الطبيعي، كما إذا أورد على البدن شيء حار زائد على مزاجه فيسخنه ويخرجه عن حاله إلى أن يكون أحر مما ينبغي، وكذلك إذا ورد عليه شيء بارد أو يابس أو رطب واعلم أن الشيء الذي يقال له حار أو بارد أو رطب أو يابس على ضربين PageVW1P012B أحدهما بالفعل والآخر بالقوة، فالحار بالفعل هو أن تكون حرارته موجودة عند حس الإنسان كالباه وكذلك البارد والرطب واليابس والحار بالقوة هو أن لا تكون موجودة عند الحس إلا أنه ممكن أن يصير من بعد بالفعل كالفلفل والثوم والغامر مزجا. فالحار بالفعل يسخن البدن ساعة بلقاه والحار بالقوة يأخذ مبدأ PageVW0P019B الإسخان من البدن، أعني أنه يأخذ مبدأ الاستحالة إلى الحرارة من البدن حتى إذا صار حار بالفعل عاد وأسخن البدن، * وذلك لأن سخونة البدن (119) بالفعل وسخونة الفلفل وغيره بالقوة. وأما الحار بالفعل، يقال على أربعة أضرب: أحدها يقال مطلقا والآخر يقال بالأغلب والثالث أن يقال بالعرض والرابع أن يقال بالإضافة. فالحار المطلق هو ما كانت حرارته خالصة محضة غير مشوية بالضد، وكذلك كل واحد من البارد والرطب واليابس. وأما الحار بالأغلب فهو ما اجتمعت فيه الحرارة والبرودة غير أن الحرارة تكون غالبة على البرودة، وعلى هذا القياس البارد والرطب واليابس. وأما الحار بالإضافة فهو الذي توجد حرارته بحسب الاعتبار إلى شيء آخر، كما يقال * لحمام (120) إنه حار أي أن حرارته توجد بحسب الإضافة إلى حمام آخر أبرد منه. وأما قوله غذاء خارج عن الطبيعة كثير، فلو جعلت قوله كثير صفة للغذاء * ورفعته (121) يكون تقدير كلامه متى ورد على البدن غذاء كثير خارج عن الطبيعة بحسب الكمية، ويجوز PageVW0P020A أن ينصبه، ويكون تقديره PageVW1P013A متى ورد على البدن غذاء * كثير (122) خارج عن الطبيعة خروجا كثيرا في الكيفية أي مهما كان الشيء الوارد على البدن مقدارا معتدلا في الكمية والكيفية بحيث لم يغيره يكون ملائما موافقا طبيعيا. وأما إن ورد عليه شيء وغيره وأخرجه عن حاله الطبيعي فلا بد أن يحدث مرضا فيه. ويدل برؤه بالاستفراغ ان حدوث مرضه كان من جهة كثرة كمية الشيء الوارد عليه وبرؤه بتبديل المزاج واستعمال الضد، يدل على حدوثه أنه كان من الكيفية الخارجة من مزاج البدن.
16
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال أبقراط الحكيم: ما كان من الأشياء يغذو سريعا دفعة فخروجه أيضا يكون * سريعا. (123)
[commentary]
إن الأشياء تغذو سريعا بحسب لطافة جوهرها وسرعة انهضامها ومطاوعتها للقوة الهاضمة بسرعة، خصوصا متى كانت القوة قوية وكان البدن جائعا يفتقر إلى الغذاء والحرارة قوية في جميع البدن تحلل وتجوع العروق وتهيجها إلى مص PageVW0P020B بعد مص ينتهي إلى الكبد * فيجذب (124) الكبد بحرارتها الجذابة وقوتها الجاذبة الكيلوس من المعدة سريعا ويميز الثفل منه فيخرج من المعاء سريعا إن لم يكن مانعا فيكون معنى كلامه على هذا التقدير ما كان من الأشياء ينهضم سريعا فخروج أثفاله يكون سريعا أو لأن الأغذية بعضها غليظة كثيفة بطيئة الانهضام يتولد منها دم ثخين متين، فإذا صار جزء عضو يكون ذلك الجزء صلبا قويا لا يتحلل بسرعة ويمكث زمانا طويلا ولا ينحل بسهولة. PageVW1P013B وبعضها لطيف ا لجوهر وهي التي يتولد منها دم لطيف رقيق بعد انهضامها في المعدة بسهولة. وإذا صار بدل ما يتحلل من البدن جزء عضو يكون أسخف قواما وألطف جوهرا فتؤثر فيه المحللات بسرعة وسهولة لقابليته، فيخرج من البدن وينحل منه بسهولة. فيكون معناه ما كان من الأشياء يغذو سريعا فخروجه بالتحليل أيضا يكون سريعا لأن اللحم الوثيق التركيب المنعقد من الدم المتين لاندماجه PageVW0P021A وتكرره لا ينفعل عن الموثر ولا يقبل التذويب والتحليل بخلاف اللحم السخيف النابت من الدم اللطيف المتهلهل النسج الواهي التركيب، فإنه باد في سبب يقبل التحليل والتذويب.
17
[aphorism]
قال أبقراط * الحكيم رحمه الله (125) : كل حركة يتحركها البدن * فإراحته (126) منها حين يبتدي به الإعياء تمنعه من أن يحدث له * الإعياء. (127)
[commentary]
إن الإنسان خلق بالطبع متحركا لأنه حساس متحرك بالإرادة وليس له أن تعطل نفسه مما خلق له فالبدن مهما احتاج إلى الحركة والرياضة واستعملها بالمقدار المعتدل ولم يتجاوز حد الرياضة كانت سببا للصحة. وإن بلغ الإعياء ودخل حد التعب * كانت (128) مضعفة ممرضة لأن في استعمال الرياضة والحركة المعتدلة نوع استفراغ وفي تركها ضرب من الاحتقان لأن الحركة التي في حد الرياضة تحلل الفضلات وتهيح الحرارة الغريزية وتجود أفعال القوى، والحركة التي تجاوزت حد الرياضة ودخلت حد * التعب (129) PageVW0P021B وهو الذي أخذ يظهر في الحركة الإعياء. فاعلم أنه آخر الرياضة وابتداء الإعياء الذي يحلل البخار الروحاني PageVW1P014A والحرارة الغريزية * ويضعفها (130) ، فترك الحركة عند ظهور الإعياء أمان من أمراض كثيرة تتولد من التعب كالحمى وتثوير الأخلاط وضعف القوى وغيرها. وكل إعياء يكون سببه الحركة فتركها عند ابتداء أثر * الإعياء (131) يمنع حدوث الإعياء المتعب المغير لصحة البدن.
18
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال أبقراط رحمه * الله (132) : الإعياء الذي لا يعرف له سبب ينذر * بالمرض. (133)
[commentary]
الإعياء هو ضعف القوة المحركة بسبب ضعف آلات البدن وكلالتها. وسبب هذا الضعف إما وارد على جرم العضو أو على الروح الحامل للقوة المحركة أو على نفس القوة. والذي يكون السبب فيه خاصا بالعضو فإما سوء مزاج يفسد بسببه مزاج الروح * الحامل (134) للقوة، والذي يكون خاصا بالروح فهو إما تحلل باستفراغ يخصه، والذي يخص القوة فكثرة الافعال وتكررها، فإنها توهن القوة. وإذا لم يكن للإعياء PageVW0P022A سبب ظاهر من مزاولة الحركات وتكرر الافعال التي تسخن الأعضاء وتجلب إليها الفضول بسبب سوء مزاجها وضعفها، فتثقل الفضلات على القوة المحركة، فيحدث الإعياء ينذر بالمرض لأن الفضلات المتجلبة المثقلة وسوء المزاج إما عارضة وإما على الأعضاء التي هي آلات للقوة المحركة فتنالها الكلالة بسبب ضعف الأعضاء أو وردت على الروح الحامل للقوة المحركة فحدث به الإعياء أو تثقل الفضلات القوة بحيث عرض لها منها ما يعرض لها في وقت تكرر الافعال PageVW1P014B ومزاولة الحركات. * فالأعياء (135) يكون * كلالا (136) يلحق القوة المحركة من جهة الأسباب المذكورة، * وهي (137) ثلاثة أصناف: القروحي والتمددي والورمي. فالقروحي إعياء يحس * منه (138) في الظاهر من الجلد شبيه بمس القروح وقد يحس ذلك في المس وقد * يحس (139) به صاحبه عند حركته وضعف تثاؤبه وتمطيه وكراهته الحركات وسببه كثرة فضول رقيقة حادة وانتشار أخلاط رديئة. * وأما تمددي (140) يحس صاحبه كان بدنه قد رض ويحس بحرارة وتمدد ويكره صاحبه الحركة PageVW0P022B ويكون من فضول محتبسة في العضل. والإعياء الورمي فهو أن يكون البدن أسخن من العادة وشبيها بالمنتفخ حجما ولونا ويتأذى بالمس والحركة. فهذه كلها تنذر بالمرض إن لم يكن للإعياء سبب * ظاهر (141) .
19
[aphorism]
قال أبقراط : المشايخ أحمل الناس للصوم ومن بعدهم الكهول والفتيان أقل احتمالا له وأقل الناس احتمالا للصوم الصبيان، ومن كان من الصبيان أقوى شهوة فهو أقل * احتمالا (142) * له (143) .
[commentary]
اعلم أن القوة الغاذية وهي التي تحيل الغذاء إلى مشابهة المغتذي تورد الغذاء في البدن تارة مساويا لما يتحلل وتارة أنقص وتارة أزيد، والنمو لا يكون إلا بأن يكون الوارد أزيد من المتحلل لأن النمو يحتاج إلى تحصيل دم أكثر مما يتحلل من البدن ليجعل البعض بدلا لما تحلل، والباقي زيادة في جوهر الأعضاء على التناسب الطبيعي الذي هو النمو. إن * الأسنان (144) أربعة: سن النمو وهو إلى قريب من ثلاثين سنة وينقسم إلى سن الطفولة وإلى سن الصبوية PageVW0P023A والفتى، ثم سن الوقوف PageVW1P015A وهو إلى نحو من خمس وثلاثين سنة أو أربعين وهو سن الشباب، وسن الانحطاط مع بقاء القوة وهو سن المكتهلين وهو إلى نحو من ستين سنة، وسن الانحطاط مع ظهور الضعف وهو سن الشيوخ إلى آخر العمر. ولما كان الدم الذي يخلف بدل ما يتحلل وينصرف إلى النماء والنشوء يحتاج إلى تناول غذاء كثير فيكون الصبيان أقل الناس احتمالا للصوم وأحوج إلى الطعام ليصرف بعضه إلى بدل ما يتحلل والبعض إلى النماء، ولأن الصبيان لنعومة أبدانهم ورطوبتها وكثرة حركاتهم أكثر تحليلا ولقرب عهدهم بالمني والروح هم أرطب من المعتدل لأجل النمو ولأن الرطوبة مادة للنمو، * ولما كان النمو (145) لا يحصل إلا عند تمدد الأعضاء الأصلية والتمديد لا يتم إلا عند أمرين: أحدهما: كون العضو قابلا للتمديد برطوبته والآخر ما يفعل ذلك التمديد وهو الحار الغريزي. فيثبت أن في الصبيان الحرارة والرطوبة أكثر * ولتوفر (146) حرارتهم الغريزية كانوا أشد اشتهاء وأقل احتمالا PageVW0P023B للصوم ولرطوبة أبدانهم كانوا أكثر تحليلا لأن الهيولى * المتحلل (147) هو * الجوهر الرطب (148) والفاعل له الحرارة، فيحتاجون إلى غذاء أزيد من المتحلل ولأن النمو يحتاج إلى أمرين: لتبدل ما يتحلل ولزيادة جوهر الأعضاء. فيكون أقل احتمالا للصوم والجوع وأكثر احتياجا إلى الغذاء. وما كان من الصبيان أكثر حرارة غريزية يكون أقوى شهوة ومن كان أقوى شهوة فهو أقل احتمالا للصوم. ثم من بعدهم الشبان * لأن (149) أفعالهم الطبيعية من الشهوة والهضم أكثر * وأقوى (150) * الحرارة (151) PageVW1P015B الغريزية المستفادة فيهم من المني أحدث وأجمع بالنسبة إلى الكهول، ولم يقع لهم سبب يزيد في حرارتهم الغريزية ولم يقع بسبب لطفها بل تلك الحرارة مستحفظة فيهم برطوبة معتدلة في الكيفية والكمية معا. فيكون * حينئذ (152) الوارد على البدن مساويا لما تحلل منهم، ويكون وسطا بين سن النمو والانحطاط في احتمال الصوم والجوع. وأنهم أرطب من الكهول في المزاج وأكثر تحليلا، فيكون أقل احتمالا بالنسبة إلى الكهول PageVW0P024A والمشايخ لسلوكهم طريق الفناء وقلة حرارتهم الغريزية لكثرة تحليلات مضت في مادتها وهي الرطوبة الغريزية واستحالهم إلى المزاج البارد اليابس * الغير (153) القابل للتحليل وتشرب الغذاء فيهم، فلا يحتاجون إلا قليلا من بدل ما يتحلل ولضعف حرارتهم الغريزية وقصور * هضمهم (154) ونقصان استمرائهم هم أحمل الناس للصوم والجوع.
20
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال * أبقراط (155) : أصعب ما يكون احتمال الطعام * على البدن في الصيف والخريف وأسهل ما يكون احتمال الطعام (156) عليه في الشتاء ثم بعده في * الربيع. (157)
[commentary]
واعلم أن الفصول الأربعة عند المنجمين هي أزمنة انتقالات الشمس في * الربع (158) ربع من فلك البروج مبدأه من النطفة الربيعية. وأما عند الأطباء فإن الربيع هو الزمان الذي لا يحوج في البلاد المعتدلة إلى دفاء يعتديه ويكون فيه ابتداء زمان الإزهار والإثمار، ويكون الخريف هو المقابل له لأنه زمان تغير اللون من الورق في الأشجار وابتداء سقوطها. وما سواهما شتاء وصيف، والصيف هو جميع الزمان الحار والشتاء PageVW1P016A هو جميع الزمان البارد. فالشتاء PageVW0P024B هو مقابل للصيف. يقول الحكيم أبقراط: احتمال الطعام في الصيف والخريف صعب عسر لأن الحرارة الغريزية في حر الصيف تميل إلى خارج البدن وتنتشر في سطحه الظاهر للجذب والمجانسة فيبرد الباطن وتضعف القوى الطبيعية، فلا يكون حال الهضم والاستمراء على ما ينبغي فلا يحتمل فيهما الغذاء الكثير. ويكون في * الشتاء (159) والربيع الذي يتلوه على العكس لأن الحرارة التي هي آلة للأفعال الطبيعية تنهزم من البرد وتجمع في الباطن وتشد الأعضاء وتقوي القوى لعدم التحليل. فيكون استمراء الغذاء فيهما جيدا ويكون احتمال الطعام على الأبدان سهلا. ولكن يناقض هذا الحكم ما قاله الشيخ في كلياته، إنه ينبغي أن يتناول في الشتاء من الأشياء الحارة بالفعل وفي الصيف من الأشياء الباردة بالفعل لأنه لو كان الباطن في الشتاء حارا * بالفعل (160) وأكل الشيء الحار بالفعل، فلا * بد أن (161) يلتهب الباطن ويسخن سخونة قوية نارية. ولو أكل في الصيف الذي يكون فيه الأحشاء والجوف باردا بالفعل * الأشياء (162) PageVW0P025A الباردة بالفعل فربما برد الباطن وانطفأت الحرارة من قوة البرد.
21
[aphorism]
قال أبقراط * رحمه الله (163) : الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما يكون بالطبع والنوم فيهما أطول ما يكون، فينبغي أن يكون في هذين الوقتين ما يتناول من الأغذية أكثر، وذلك لأن الحرارة الغريزية في الأبدان في هذين الوقتين كثيرة بالطبع والكسب، ولذلك يحتاجون إلى غذاء كثير، والدليل على ذلك أمر الأسنان * والصريعين. (164)
[commentary]
ولما كانت الحرارة الغريزية آلة للطبيعة بدفع ضرر البارد * الوارد (165) بالمضادة والحرارة الغريبة العارضين للبدن بتحريكها الروح إلى دفعها وإنما يدفع ضرر البارد بالمضادة ويحمي الرطوبات الغريزية عن أن يستولي عليها البرد فيجهدها وعن الحرارة الغريبة لئلا يعفنها لأن الحرارة الغريزية إذا كانت قوية تمكنت الطبيعة بتوسطها من التصرف في الرطوبات على سبيل النضج والهضم وحفظها على الصلاح فلم تعفن وأقبل على استمراء الغذاء ودفع الفضلات PageVW0P025B لأنها آلة للقوى كلها. فأما إذا كانت الحرارة الغريزية ضعيفة خلت الطبيعة عن الرطوبات لضعف الآلة المتوسطة بينها وبين الرطوبات فاستولت عليها الحرارة الغريبة وحركتها حركة غريبة فحدثت العفونة وبسبب ضعفها لا تقدر الطبيعة على هضم الغذاء ودفع الفضلات * ولأن (166) الحرارة وهي المدبرة تقوى جدا في الشتاء بما تسلم من التحلل وتجتمع جميع القوى الطبيعية تفعل فعلها بجودة. ولهذا قيل قلما يعرض للأبدان الصحيحة مرض في الشتاء، وإن برد الشتاء يجمع الحرارة الغريزية في البدن ويمنعها من التحلل والانتشار والانفشاش بسبب تكاثف المسام وانسدادها. ولما جعل الدستور في الأشتهاء وهضم الغذاء هذه الحرارة. وقال في الأسنان: من كان أوفر حارا غريزيا فهو أقل احتمالا للصوم وأحوج إلى الطعام، فقال في فصول السنة إن احتمال الطعام في الشتاء والربيع أيسر وأسهل، فبين في هذا الفصل PageVW1P017A كمية ذاك. فقال: الأجواف PageVW0P026A في الشتاء والربيع أسخن ما تكون بالطبع لأن الحرارة المحيية فيهما تجمع وتغوص في الباطن وتصير كامنة في الأجواف وتقوى في الاستمراء وتوليد الدم ودفع الفضول فتزداد شهوة الطعام. وإنما أدخل الربيع في حكم الشتاء لأن أوائل الربيع قريب منه ومما يعين على اكتساب الحرارة الغريزية طول النوم في ليالي الشتاء لميلها في حالة النوم إلى الباطن وإجمام القوى وإقبال الطبيعة إلى هضم الغذاء ونضج الفضول. وأما في الصيف وأواخر الخريف تبرز الحرارة الغريزية المحيية إلى الظاهر وتنفش وتتحلل وتضعف الأفعال الطبيعية. وإنما قال: والدليل على ذلك * أمر الأسنان (167) والصريعين، أي على أن الحرارة الغريزية سبب على هضم الغذاء أمر * الأسنان (168) ، فإن من كان منهم أوفر حرارة بالطبع كالشبان والذين في سن النمو يكون أحوج إلى الغذاء وأقل احتمالا للجوع، وكذلك الصريعين الذين يكسبون الحرارة بالرياضة ويحتاجون باستيفاء الغذاء الكثير. PageVW0P026B
22
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال أبقراط * رحمه الله (169) : من كان بدنه غليظا جدا بالطبع فالموت إليه أسرع منه إلى * القضيف (170) .
[commentary]
واعلم أن السمين والشحم مادتهما دسومة الدم * وينعقد (171) بهما البرد وتذيبهما الحرارة ويدلان دائما على البرودة. فإن كان مع ذلك ضيق من العروق وقلة من الدم وكان صاحبه يضعف على الجوع دل على أن هذا المزاج غريزي وهذه السحنة جبلية. وإذا لم يكن هذه دل على مزاج PageVW1P017B مكتسب لأنه يمكن أن يتغير المزاج الطبيعي بسبب العادة كما يقولون العادة طبيعة خامسة وسبب التدبير كقضيف البدن إذا استعمل الراحة والدعة وقلة الرياضة، فكسب السمن وبالعكس السمين إذا استعمل التعب والصوم، يعني السمين المفرط الذي يكون سمنه طبيعيا يكون ضيق العروق ومنضغطا في اللحم والشحم والأرواح والحرارة الغريزية فيه قليلة لبرودة المزاج. فإذا PageVW0P027A وقع في * سن (172) الانحطاط إزداد برودته ونقص حرارته الغريزية وانغمرت في الرطوبات الغريبة وأخذ في الانطفاء فيكون أسرع إلى الموت من السمين المكتسب سمنه ومن القضيف الواسع العروق الكثير الروح والحرارة المحيية.
23
[aphorism]
قال أبقراط * الحكيم (173) : عظم البدن في الشبيبة ليس يكره بل يستحب إلا أنه عند الشيخوخة يثقل ويعسر احتماله، فيكون أردأ من البدن الذي هو أنقص منه.
[commentary]
أراد بلفظ الغليظ في الفصل المقدم السمن لأنه ذكر في مقابلته * القضيف (174) ويعني في هذا الفصل من الغلظ الزيادة في الأقطار الثلاثة * والطول (175) . والفرق بين السمن والزيادة في الأقطار أن الأجزاء الزائدة من الغذاء في النمو تنفذ في جوهر الأعضاء وتهددها وتزيدها طولا وعرضا وعمقا على التناسب الطبيعي. وأما في السمن لا ينفذ في جوهر الأعضاء بل يلتصق بها، يعني الزيادات التي تحصل للبدن في الشبيبة من النمو * مستحبة (176) PageVW0P027B مستحسنة في حال الشباب خصوصا الطول مادام شابا إلا أنه عند * الشيخوخة (177) ينحني ويثقل عليه ويعسر احتماله، فيكون أردأ من البدن الذي هو أنقص منه في PageVW1P018B الطول.
24
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
قال أبقراط: من كان لحمه رطبا فينبغي أن يجوع، فإن الجوع يجفف * الأبدان. (178)
[commentary]
إن المجففات كثيرة مثل * الاستفراغ (179) وتواتر الحركات البدنية والنفسانية وملاقاة الشيء اليابس بالفعل المجفف حسب ما يفعله التراب ويبس السمائم * وتناول (180) الشيء اليابس بالقوة والمجفف كالنمكسود وورود المستفرغ المحلل كالاستحمام والسهر والتضحي للشمس وغيرها من المسخنات. وإنما خص التجفيف من بين المجففات بالجوع لينبئنا أن الجوع الذي يجفف بالعرض ومع تجفيفه الخفي اليسير ينفع البدن الرطب فانتفاعه بالمجففات القوية الظاهرة يكون أولى، فلا جرم من عرض له مرض بلغماني وانحرف مزاجه إلى الرطوبة كالاستسقاء والفلج والتشنج PageVW0P028A والاسترخاء ونحوها ينبغي أن يقلل طعامه ويجوع لئلا يرد على بدنه بدل مما يتحلل منه من الرطوبات * وأقبلت (181) القوة المدبرة الإلهية على هضم الرطوبات الفضلية واشتغلت الحرارة المحيية بتسخينها وتحليلها ونهضت القوى إلى إنضاجها ليكون غذاء للبدن إن كانت قابلة وصالحة لاستحالتها إلى الغذاء، وإلا دفعتها باستفراغ مناسب فحصل له التجفيف بطريق حسن ويمكن أ ن يكون البدن الصحيح مائلا إلى الرطوبة ويتوقع فيه حدوث المرض الرطوبي فينتفع بتقليل الغذاء.
25
[aphorism]
قال أبقراط * رحمه الله (182) : من كان بطنه لينا فإنه ما دام شابا فهو أحسن حالا ممن كان بطنه يابسا، ثم يؤول حاله إلى الشيخوخة إلى أن يصير أردى، PageVW1P018B وذلك أن بطنه يجف إذا أشاخ على الأمر الأكثر.
[commentary]
اعلم أن مزاج الشبان حارة رطبة بالاعتدال ومزاج المشايخ باردة يابسة والحرارة الغريزية في الشبان PageVW0P028B أوفر والقوى الطبيعية أقوى، فكان ما يرد عليهم من الغذاء الزائد من بدل ما يتحلل منهم ينصرف إلى النماء، فمتى وقف النمو جمع الفضلات ودفعتها القوة الدافعة بتليين البطن. فيكون أحسن حالا من الشاب الذي يكون يابس البطن. فإذا شاخ وصار يابس المزاج نشف رطوباته الرقيقة استيلاء يبس مزاجه وجهد برودة مزاجه الغليظة منها وضعفت القوة الدافعة عن دفعها. فيكون يابس البطن. فقال بناء على هذا المعنى إنه تؤول حاله عند الشيخوخة إلى أن يصير أردى، أحسب أنه يبين في هذا الفصل أن لين الطبن أجود وأقرب إلى الصحة في * الشاب (183) كان أو في الشيخ ويكون فحوي كلامه أنه من كان بطنه في شبابه لينا فهو أحسن حالا ممن كان بطنه في شبابه يابسا لأن فضلات بدنه تستفرغ بالتدريج وينقي بدنه ولا يجتمع فيه الأخلاط الرديئة والمواد المؤدية إلى السقم بخلاف ما لو كان في PageVW0P029A شبابه يابس البطن فتحتبس فيه الفضلات والمواد الغير المحتاجة إليها فيتوقع حدوث الأمراض التي تقتضيها، فلا جرم يكون الشاب اللين البطن أحسن حالا وأصح بدنا من الشاب اليابس البطن ما دام شابا لا مطلقا لأنه يؤول إلى العكس عند الشيخوخة لأنه يصير الشاب اليابس البطن حاله أجود وأحسن عند الشيخوخة PageVW1P019A لأنه يلين بطنه من الشاب اللين البطن لأنه يكون يابس البطن، فلا جرم يصير أردى حالا عند الشيخوخة من الشاب اليابس * البطن (184) .
26
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
* قال الحكيم أبقراط (185) : من كان بطنه في شبابه لينا فإنه إذا أشاخ يبس بطنه ومن كان في شبابه يابس البطن فإنه إذا أشاخ لان بطنه.
[commentary]
يبين وينور هذا الفصل * لقوله (186) إذا أشاخ لأن بطنه في الفصل الذي يليه مقدما إن لين الطبيعة في * الشباب (187) يكون إما لبرودة فم المعدة وازدياد شهوته فيتناول أكثر من جذب الكبد فيلين بطنه. وإذا شاخ وتفاقمت تلك البرودة لاستيلائها PageVW0P029B على مزاج الشيخ بحيث ابطلت القوة ا لشهوانية وتناول الطعام أقل من رزء البدن وجذبه يبس بطنه. وأما أن يكون شابا مكتنز اللحم مستغنيا عن الغذاء لامتلاء بدنه وعدم تحلله فيلين بطنه. فإذا شاخ وتخلخل بدنه لاستفراغات وتحليلات تقدمت عليه وبنشفان الأيام الماضية التي أذهبت برطوباته واحتاج إلى جذب الغذاء ليخلف لما تحلل منه فيجف * بطنه (188) . وأما إن تكون قوة الدافعة في المعدة وأمعاء الشاب قوية بحيث لا يمهل الكبد على استيفاء جذب عصارة الغذاء فتتحرر سريعا فيلين بطنه. وإذا شاخ * وغلبت (189) اليبوسة على بدنه وضعفت القوة الجاذبة الشهوانية في المعدة وجذبت الكبد رطوبات * الغذاء (190) من المعدة ومصتها عروق البدن يجف بطنه. وأما إن يكون لخلط حامض بلغمي يلحج في فم المعدة ويدغدغه بحموضته فيغتذي أكثر من رزء البدن فيلين بطنه. فمهما شاخ ونقصت رطوبات * المعدة والبدن (191) كلها بسبب PageVW1P019A غلبة اليبوسة. وقل تناول الغذاء PageVW0P030A بالنسبة إلى رزء البدن يبس بطنه. وأما إن يكو * ن (192) من كثرة انصباب السوداء إلى فم المعدة فتهيج الشهوة ويتناول أكثر من احتياج البدن فلان بطنه فإذا شاخ وقل انصبابها وقل تناول الطعام يبس بطنه. وأما يبس بطن الشاب يكون لحرارة فم المعدة وكبده فيجذب فم المعدة * بحرارته (193) الرطوبات إلى نفسه ويسترخي بها فتضعف وتنقص الشهوة ويقل تناول الغذاء والحرارة الكبدية تجذب عصارته إليها فيعرض يبس البطن. فإذا شاخ * وبردت (194) المعدة والكبد ويتناول الغذاء أكثر من رزء البدن ولم يقدر الكبد لبرودتها على استيفاء جلبه وجذبه فيلين بطنه. وأما من خلط مراري أو مالح في فم المعدة فيحدث نقصان الشهوة إلى الطعام فجف بطنه، فإذا شاخ وانتقص فيه الخلط المراري لغلبة البرودة واليبس وإزداد التغذي بالنسبة المعهودة لان بطنه أو يكون لشدة قوة الماسكة فتشبث به ويطول لبث الغذاء في المعدة ريثما تجذب الكبد * رطوباته (195) جميعا فيجف بطنه. فإذا شاخ وضعفت * (196) الماسكة في المعدة والجاذبة PageVW0P030B في الكبد لان بطنه وفي الجملة إذا استبدل مزاج الحار الرطب الذي للشاب بالمزاج البارد اليابس في حاله الشيخوخة فجميع القوى والأفعال الحاصلة للشاب على وجه الكمال تختلف وتتغير بل تضعف إذا شاخ ووقع في سن الانحطاط PageVW1P020A لأنها تابعة للمزاج فتختلف بحسب اختلافه. فلا جرم الشاب اليابس الطبيعة يلين بطنه في * حالة (197) الشيخوخة، وإن كان الشاب لين البطن يكون الأمر على العكس في هذا.
27
[aphorism]
* قال أبقراط الحكيم (198) : ما كان من الأبدان في النشوء فالحار الغريزي فيه على غاية ما يكون عليه من الكثرة ويحتاج من * الوقود (199) إلى أكثر مما يحتاج إليه غيره، فإن لم يتناول ما يحتاج إليه من * الوقود (200) ذبل بدنه ونقص. وأما في الشيوخ فإن الحار الغريزي فيهم قليل، فمن قبل هذا ليس تكون الحمى في المشيخة حادة كما تكون في الذين في النشوء.
[commentary]
واعلم أن حرارة الصبيان أكثر كمية من حرارة الشبان كما أن جوهرا لطيفا حارا واحدا في الكيف والكم، فشيء تارة في جوهر PageVW0P031A رطب * كثير (201) كالماء وفشى * أخرى (202) في جوهر يابس قليل كالحجر. وإذا كان كذلك فإنا نجد * حينئذ (203) الحار المائي أكثر كمية وألين كيفية والحار الحجري أقل كمية وأحد كيفية. وعلى هذا فقس وجود الحار في الصبيان والشباب، * وقيل (204) لو أخذ الصبى الخصب وضمه الإنسان إلى نفسه فإنه يسخن البدن على أنه يزيد في جوهر الحرارة الغريزية وفي كميتها وفي الجملة كل من هو في النشوء فهو أكثر حرارة غريزية لقرب عهده بالكون وذلك أن كون الإنسان من الدم والمني والروح، وثلاثتها حارة حرارة غريزية ولان البدن من حين يوجد لا تزال تؤثر حرارته في رطوبته فتفنيها وتفنى هي أيضا بفنائها. إذا الرطوبة الغريزية تجري من الحرارة مجرى المادة لها كالدهن للسراج، فصار الصبيان ومن هو بعد في النشوء أكثر الإنسان حارا حرارة غريزية PageVW1P020B وأقلها حرارة الشيوخ والمتوسطون بينهما متوسط منهما. فإذا ضم الإنسان إلى صدره صبيا PageVW0P031B خصبا وهو أكثر الصبيان حرارة ورطوبة غريزية انضافت حرارة من بدن الصبى إلى حرارة فيتوفر جوهر الحرارة فيه * وتزداد (205) كميتها كالنار التي أضاف إليها نارا آخرى، ولهذا كانت القدماء فيمن كان يعتريهم ضعف الحرارة الغريزية إما من قبل السن أو من قبل الخلقة أو لعارض أخر مرضي كانوا يعتنقون * جزء الكلاب فيضمونها إلى صدورهم طلبا لهذه المنفعة (206) بعينها، وذلك أنه ليس شيء من أولاد الحيوان ما هو أطيب وأسمن وأنعم وأسخن من جزء الكلاب. فعلم أن جوهر الحرارة الغريزية في الصبيان كثير بحيث يزيدها في غير صاحبها كمية والرطوبة الغريزية أيضا فيهم غالبة لأن الرطوبة مادة للنمو والمادة لا تنفعل ولا تتخلق بنفسها بل عند القوة الفاعلة فيها والقوة الفاعلة هي النفس والطبيعة بإذن الله تعالى ولا تفعل إلا بالآلة وهي الحرارة الغريزية. ولما كان الصبيان أرطب من المعتدل لأجل النمو والتمديد ويدل عليه لين عظامهم وأعضائهم PageVW0P032A وقرب عهدهم بالمني والروح وهذه الرطوبة الغريزية التي هي بمنزلة الدهن للسراج بعد سن الوقوف تأخذ في الانتقاص بنقص الحرارة الغريزية فلا جرم يكون الصبيان والذين في النشوء أكثر حرارة غريزية ويحتاجون إلى غذاء أكثر من سائر الأسنان ليكون بدل ما يتحلل منهم ويفضل منه لأجل النمو وازدياد أقطار البدن. ولما غلبت اليبوسة وقلت الحرارة الغريزية في المشايخ وضعفت القوى PageVW1P021A * الطبيعية (207) فيهم لم يحتاجوا إلا إلى غذاء قليل لأن حرارتهم قليلة هادئة فاترة تنطفي وتنغمر بالغذاء الكثير كما تنطفي الشعلة الضعيفة التي * قاربت (208) الانطفاء من الدهن الكثير والنار الضعيفة من الوقود الكثير. ولما كان الصبيان والذين هم في النشوء على غاية الحرارة الغريزية فيحتاجون إلى الوقود الكثير ولأن التحلل فيهم كثير لرطوبة أبدانهم ولينها فيحتاجون من الخلف وبدل ما يتحلل منهم إلى أكثر مما يحتاج إليه غيرهم. ومع ذلك أبدانهم في النماء تحتاج إلى الزيادة في الغذاء لأجل النمو وأما الشيوخ PageVW0P032B فإنهم لا يحتاجون إلا إلى الوقود القليل لأن أعضائهم لجفافها وصلابتها لا تتمدد ولا تتشرب فيها الرطوبة ولا يحتملون الكثرة لانخزال قواهم وضعف الحرارة فيهم، ولما كان مزاجهم باردا يابسا مستبعد القبول لحدة الحرارة الغريزية وكثرتها فلا يكون * قابلا (209) لحدة الحرارة الغريبة التي للحمى لاتحاد موضوعهما. لما حكم الحكيم أبقراط بأن الذين هم في النشو أكثر الأبدان حارا حرارة غريزية أتبع ذلك بأن الشيوخ أقل الناس حارا، ثم استشهد على ذلك بأن الحمى ليست * تكون (210) في المشايخ حادة كما يكون هم في النشوء لأن الذين هم في * النشوء (211) تكون حرارتهم كثيرة وهم حار المزاج، فمتى أصابتهم حرارتهم الحمى وإنضافت إلى حرارتهم الغريزية تكون حمامهم حادة وأشد كيفية بخلاف مالو أصابت تلك الحمى بعينه ونوعه وعلى وتيرة واحدة على الشيوخ لم تكن حادة لأن مزاجهم بارد يابس يقاوم حرارة الحمى فلم تظهر فيهم شدة كيفية حرارة الحمى كما تظهر في الشاب الحار PageVW1P021B المزاج الكثير الحرارة الغريزية PageVW0P033A .
28
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
* قال أبقراط الحكيم رحمه الله (212) : البدن الذي ليس بالنقي كلما غذوته زدته شرا.
[commentary]
يعني من البدن الغير النقي الذي فيه أخلاط رديئة وكيموسات فاسدة كثيرة بحيث لو ورد الطعام الجيد عليها واستحال إلى كيموس محمود تغير وفسد جوهره بمجاورة تلك الفضلات الرديئة ومصاحبة تلك الأخلاط الفاسدة التي في البدن بسبب غلبة كميتها وكيفيتها. فتزيد الأخلاط الرديئة وإزداد البدن شرا. فينبغي أن ينقي البدن الذي هذه حاله قبل التغذية. فأما لو كانت الفضلات الفاسدة قليلة في كميتها يسيرة في ردائة كيفيتها بحيث يمكن أن تصلحها الطبيعة بخلطها في الغذاء المحمود وشوبها في الكيموس الجيد أحالها إلى الغذاء وإلا انغمرت * تحته (213) وبقيت مكنونة إلى حين كما هو حال أكثر * الأصحاء (214) ، ولذلك يؤمر لمن في بدنه فضلات * رديئة (215) ولا يحتمل الاستفراغ أن يتوسع في الأغذية والأطعمة الجيدة PageVW0P033B * الكيموس (216) لتغمرها وتكسر * سوأها (217) بمخالطتها ومصاحبتها.
29
[aphorism]
* قال الحكيم أبقراط رحمه الله (218) : من كان بدنه صحيحا فاستعمال الدواء فيه يعسر.
[commentary]
يعني من كان بدنه نقيا يعسر في استعمال الدواء المسهل لأن وجود البدن الصحيح يستلزم وجود نقاء البدن وعدم نقائه يستلزم عدم صحته. فذلك الملزوم وأراد لازمه. فلما كان بين الصحة ونقاء البدن وبين الفضلات الرديئة والأخلاط الفاسدة تناف لا يجتمعان في بدن واحد ولا يرتفعان لأنه بينهما نسبة * المانعة (219) للجمع والخلو ثابت. قال الحكيم أبقراط: من كان بدنه نقيا من الفضلات الغير الطبيعية * يعسر (220) PageVW1P022A استعمال الدواء فيه لأن الدواء * المسهل (221) يستعمل إما في بدن ليست صحته بحيث لا يذم بسبب اجتماع الفضلات الرديئة فيه وأمارات الامتلاء المنذرة بأن صحته قد تزول أن لم يعن بها ويستفرغ من موادها PageVW0P034A . ويقال لهذا التدبير التقدم بالحفظ ولو كان بالحقيقة مركب من حفظ الصحة ومن التقدم بالحفظ. وإما إن يستعمل في بدن صحته قد أخذت تزول بسبب امتلائه من الأخلاط المؤذية، وهذا التدبير مركب من المداواة ومن التقدم بالحفظ لأنه ما قد زال من الصحة يحتاج إلى المداواة وما هو مزمع بالزوال يتقدم بالحفظ لئلا يزول. وإما يستعمل في البدن الذي قد زال صحته بسبب اجتماع المواد الرديئة المحدثة للمرض كالنقرس ووجع المفاصل والفالج وغيرها وهذا التدبير هو المداواة البحت. وأما في البدن الصحيح النقي لا يستعمل الدواء المسهل * أصلا (222) ولا يشرب * لأنه (223) لو شرب الدواء ولم يجد في البدن * شيئا (224) من الفضلات فيتصرف في الرطوبات الطبيعية المفتقر إليها البدن ليخرجها، عرض لشاربه قلق واضطراب ومغص وكرب ودوار وربما حدث عند استفراغها مع الصعوبة والعسر مرض صعب مثل التشنج اليابس والكزاز وتحليل الأرواح والحرارة الغريزية المؤدي إلى الغشي PageVW0P034B .
30
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
* قال أبقراط (225) : من كان بدنه صحيحا فأسهل أو قيئ بدواء أسرع إليه الغشي وكذلك من كان يغتذي بغذاء رديء.
[commentary]
واعلم أن الأدوية المسهلة والمقيئة هي التي تميز الأخلاط عن الدم وتجذب الفضلات من العروق وتجمع المواد في المعدة PageVW1P022B والأمعاء ثم * القوة (226) الدافعة التي فيها تخرجها من البدن، فمهما شرب الدواء المسهل أو المقيء وسرت قوة الأدوية في الأعضاء وسلكت العروق. فإن لم يجد فيها فضلة وكان البدن نقيا عمل في الرطوبات الغريزية التي هي مادة الحرارة المحيية وأخذ في تحليلها واستفراغها فشارف الحرارة الغريزية الانطفاء أو هيجت قوى الأدوية الأرواح وعملت فيها بالتحليل بسبب استتباع المستفرغ الأرواح فحدث الغشي لأن الغشي * هو (227) تعطل حل القوى المحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح كله إليه * أو (228) استفراغ الروح وتحلله حتى لا يفصل على الموجود المعدن، وكذلك PageVW0P035A من كان يغتذي بغذاء رديء لأن الأغذية الرديئة تتولد منها الكيموسات الفاسدة السمية المخالفة فما ارتقت منها الأبخرة الرديئة الكيفية بمصاحبة الأرواح إلى القلب يحدث الغشي أو لو تمادى الإنسان في أكل الأغذية الرديئة القليلة الغذاء الرقيقة الكيموس * فيقل (229) في البدن الدم ولم تتولد فيه الأرواح والحرارة الغريزية بمقدار ما ينبغي ولم يحصل للبدن بدل ما يتحلل منه فتسقط القوى لضعف الأرواح التي هي مركبها فيحدث الغشي.
31
[aphorism]
* قال الحكيم أبقراط (230) : إنما ينبغي لك أن تستعمل الدواء والتحريك بعد أن ينضج المرض، فأما ما دام نيئا في أول المرض فلا ينبغي أن تستعمل ذلك إلا أن يكون المرض مهتاجا وليس يكاد في أكثر الأمر أن يكون * كذلك (231) .
[commentary]
إن جالينوس يجزم القول بأن الأمراض المزمنة ينتظر فيها النضج لا غير وهو ترقيق الأخلاط الغليظة إن كان المانع الغلظ وتغليظها إن كان المانع PageVW1P023A الرقة وتقطيع الأخلاط اللزجة. PageVW0P035B فلو لم تنضج مادة المرض ولم تستعد للدفع ولاستيلاء الطبيعة جذب الدواء المسهل من البدن ما هو أرق الفضلات وألطفها وبقيت الغليظة العسرة الإخراج. وما كانت منها نيئة غير قابلة الامتياز عن الدم وعن الخلط المحتاج إليه البدن وهي ساكنة هادئة، فلا ينبغي أن يحرك بالدواء قبل إن ينضج وفي ابتداء المرض إلا أن تكون متحركة في نفسها مهتاجة في البدن من عضو إلى عضو آخر. وليس يكاد في أكثر الأمر أن يكون كذلك يعني ليس يكاد أن يكون في أول الأمر وابتداء المرض المادة * متحركة (232) مهتاجة، فإنه يرخص في تلك الحالة استعمال الدواء المسهل قبل النضج لئلا تنصب المادة المتحركة إلى عضو شريف ويعظم * الخطب (233) .
32
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
* قال أبقراط (234) : ما دام المرض في ابتدائه فإن رأيت أن تحرك شيئا فحركه وإذا صار المرض إلى منتهاه فينبغي أن * يستقر (235) المريض ويسكن.
[commentary]
إن المبدأ من الأوقات الكلية للمرض ليس هو البدوء الأول الذي PageVW0P036A لا عرض له، فإن ذلك غير مضبوط على الأكثر لكنه الوقت الذي يحس الإنسان فيه * بالتكسر (236) والاضطراب في جسده ويعلم أن حاله قد فارقت الصحة مفارقة يظهر معها ضرر الفعل ، يعني متى أحست الامتلاء في البدن فبادر إلى الاستفراغ في ابتداء المرض ووفور القوة قبل النضج لتنكسر عادية المرض وسورته وتقل المادة بحيث اقتدر القوة المدبرة على الاستيلاء عليها لتنضجها وتدفعها، ولئلا تغلب على الطبيعة PageVW1P023B بكميتها * وكيفيتها (237) وعجزت القوة المدبرة عن مقاومتها كالذي يجاهد ويصارع الخصم فإنه يحتاج في ابتداء الأمر إلى المعين مع بقاء القوة في أول المجاهدة لأنه يؤول حاله آخر الأمر إما استيلاؤه على الخصم عند عجز الخصم وضعفه * وإما (238) غلبة الخصم عليه عند انهرامه وعجزه، فلا يحتاج إلى المعين بعد خؤر الطبيعة وتركها المجاهدة والمقاومة أو بعد استيلائها وغلبتها على المادة، وإذا صار المريض إلى منتهاه فينبغي أن يستقر المريض ويسكن لأنه فيه يتوقع البحران التام ويؤول الأمر * إما (239) إلى السلامة أو التلف. PageVW0P036B
33
[aphorism]
* قال الحكيم أبقراط (240) : ينبغي أن تستعمل دواء الاستفراغ في الأمراض الحادة جدا إذا * كانت (241) الأخلاط هائجة منذ أول يوم، فإن تأخيره في مثل هذه الأمراض رديء.
[commentary]
يعني ينبغي أن تستعمل الدواء المسهل أو المقيء في ابتداء المرض الحاد الذي له مع سرعة انقضائه عظم ويكون بحرانه في الأسبوع الأول * أو (242) الثاني، فربما لم يمهل الطبيعة في نضج المواد لأنه إذا كانت هائجة سابحة في تجاويف العروق الكبار بعد خروجها من المسالك الضيقة ومضايق العروق الدقيقة بحدتها ولطافتها فتتوقع منها الانصباب إلى عضو رئيس أو إلى المخانق. * فيجب أن (243) لا يؤخر استعمال المستفرغ في مثل هذا المرض الحاد التي مادته هائجة قاهرة لتنقص كميتها * وتفتر (244) عادية كيفيتها، واقتدرت الطبيعة على مقاومتها، ولئلا * تتغلب (245) عليها بحسب كثرتها وحدتها منذ أول الأمر. PageVW0P037A
34
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
* قال أبقراط رحمه الله (246) : قد تحتاج في الأمراض * الحادة (247) في الندرة إلى أن تستعمل الدواء المسهل في أولها وينبغي أن تفعل ذلك PageVW1P024A بعد أن * تتقدم فتدبر للأمر (248) على ما ينبغي.
[commentary]
اعلم أنه قد تحتاج في الأمراض الحادة في الندرة إلى أ ن تستعمل الدواء المسهل في أولها، أ ي لو اتفق هيجان مادة المرض في ابتدائه ولم تمهل الطبيعة لتتصرف فيها فالمبادرة إلى استفراغها أولى لئلا يلحق البدن من رداءة كيفيتها أو كثرة كميتها ضرر عظيم إذ ضرر حركة المادة الحادة أعظم من ضرر استفراغها قبل النضج خصوصا * إن (249) كانت هائجة سابحة في تجاويف العروق الكبار. وأما إذا كانت محصورة في تجاويف العروق الصغار الدقاق غير مداخلة في الأعضاء فلا يحرك حتى ينضج ويحصل له القوام المعتدل الصالح * للدفع (250) ، وكذلك إذا لم يأمن من ثبات القوة إلى وقت النضج استفرغنا ما قبله بعد PageVL7P037B إن يتقدم فتدبر الأمر على ما ينبغي، ثم تستعمل الدواء لأنه يجب إعداد البدن قبل الدواء المسهل بتوسيع المسام وتليين الطبيعة، وخصوصا في الأمراض الحادة المحتاجة إلى الاستفراغ قبل إعداد المادة، وفي الجملة * تليين (251) الطبيعة وتفتيح السدد * قانون (252) جيد في شرب * الدواء (253) المسهل وتوجيه المادة إلى جهة ميلها إليها. ولو كانت المادة حارة والمريض * محموما (254) ينبغي أن يكون المسهل من الأشياء الباردة * كالشيرخشت (255) والترنجبين والأجاص ليكون الجمع بين المصلحين وهو استفراغ المادة مع تبديل المزاج. قوله قد يحتاج دليل * على (256) قلة وقوع الاحتياج إلى المسهل في ابتداء المرض حتى لا ينضج ولم يستعد. وأعني بالنضج تغيير مادة المرض PageVW1P024B عن رداءة طبيعتها إلى حال يستعد بها لأن يخرج من البدن.
35
[aphorism]
* قال الحكيم أبقراط (257) : من أحتاج إلى الفصد أو شرب الدواء فينبغي أن يسقى الدواء أو يفصد في الربيع.
[commentary]
* اعلم (258) أن الفصد هو استفراغ كلي يستفرغ الكثرة والكثرة هي PageVW0P038A تزايد الأخلاط على * تساو (259) منها في العروق وتفصد إما لكثرة الدم أو لردائة وإما لكليهما، وإذا أوجبت الضرورة * فصدا واستفراغا (260) فيجب أن تبدله بالفصد هذا من وصايا أبقراط، * وكذلك (261) إذا كانت الأخلاط البلغمية مختلطة بالدم، ولكن إذا كانت لزجة باردة فربما زادها الفصد غلظا ولزوجة فالواجب أن تبدأ بالمسهل. وفي الجملة إن كانت الأخلاط متساوية * يقدم (262) الفصد، وإن كانت غير متساوية * استفرغ (263) أولا الفضلة الغالبة حتى تتساوى ثم يفصد * يعني (264) الحكيم أبقراط أن البدن إن * كان ممتلئا (265) أو فيه * حال (266) فساد الكيموسات وأردت الاستفراغ فينبغي أن تسقي الدواء أو تفصد في الربيع لأن الصيف يجذب إلى السطح * الظاهر (267) من البدن، فلو جذبها الدواء والفصد إلى داخله فوقع المجاذبة والمدافعة المتخالفة في * الجهة (268) وتحيرت الطبيعة، وفي الشتاء تكون الأخلاط جامدة غليظة يعسر إخراجها من البدن، وأوائل الخريف في حكم الصيف وأواخره في حكم الشتاء أو لأنه بارد يابس في المزاج تغلظ المواد. PageVW0P038B وأما الربيع يحل ويذيب الفضلات بحرارة اللطيفة وتكون فيه المواد متحركة هائجة قابلة للاستفراغ والإسهال.
36
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
* قال أبقراط (269) : من كان به زلق الأمعاء في الشتاء فاستفراغه بالدواء من فوق رديء.
[commentary]
إن زلق PageVW1P025A الأمعاء مرض معوي وهو أن لا يلبث الطعام في الأمعاء بل يزلق عنها سريعا غير منهضم، وسببه إما لبثور يخرج في السطح الداخل من الأمعاء أو الخارج منها. وإما * لرطوبات (270) فاسدة تجتمع في الأمعاء * فيزلق الطعام (271) ويخرجها، وإما لسوء المزاج * وإما (272) من أخلاط صفراوية لذاعة فيها وإما من ضعفها. فإذا ورد * الغذاء (273) الأمعاء في البثوري لذع الغذاء البثور ولذعت البثور الأمعاء دفعت ما فيها غير منهضم. وإنما قال من كان به زلق الأمعاء في الشتاء فاستفراغه بالدواء من فوق رديء عسر بل يستفرغ من أسفل * إن (274) كان سببه لرطوبات فاسدة في الامعاء أو لترهلها وسوء مزاج رطب * يعرض (275) لها أو من أخلاط مزلقة أو لذاعة فيها لأنها في الشتاء تكون PageVW0P039A غليظة كثيفة مائلة إلى * السفل، (276) فيستفرغ من جهة ميلها لتزيل سبب الزلق ويبرأ. فأما إن كان سببه بثوريا فاستفراغه بالدواء من فوق كان أو * من أسفل (277) رديء لأنه لما كان لذع الطعام البثور يهيج الزلق * فكان (278) لذع الأدوية القوية المقيئة أو المسهلة البثور أولى بالتهيج، وفي إزدياد سبب الزلق المعوي. وقال الشيخ في كلياته: من كان خلطه نازلا مثل أصحاب زلق الأمعاء تقيئته محال.
37
[aphorism]
* قال أبقراط رحمه الله (279) : ينبغي * أن (280) يكون ما يستعمل * في الاستفراغ (281) بالدواء في الصيف من فوق أكثر وفي الشتاء من أسفل.
[commentary]
إن الصيف أولى زمان يستعمل فيه القيء * وإن (282) احتاج إليه من لا يوافي القيء سجيته. فالصيف زمان يرخص له ذلك لأن آلات الصدر تكون في الصيف لينة مطاوعة * للانبساط (283) PageVW1P025B مواتية للامتداد وفي الشتاء يكون صلبا غير مطاوعة للتوسيع بالقيء والقذف أو لأن الأخلاط في الصيف ترق وتميل إلى المرارية وتطفو إلى فوق PageVW0P039B وفي الشتاء تغلظ وتجمد وترسب إلى تحت، فتستعمل المقيء في الصيف والمسهل في الشتاء ليكون دفع الفضلات إلى جهة مالت إليها.
38
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ
* قال الحكيم أبقراط (284) : الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ يجب إن تستفرغ من المواضع التي هي إليها * أميل (285) بالأعضاء التي تصلح لاستفراغها.
[commentary]
واعلم أن في كل استفراغ يجب * رعاية (286) * أربعة (287) أمور: أحدها استفراغ ما يجب استفراغه، أي يكون من الفضل المؤذي ويعقب بعد استفراغه راحة وخفة في البدن. والثاني رعاية جهة ميله كالغثيان الدال على ميل المادة إلى فم المعدة فتستعمل القيء والخيالات * الحمر (288) التي تحس أمام للعين تدل على ترقي الدم اللطيف إلى فوق، * فتستعمل (289) الترعيف والمغص والقراقر تدل على انحدار * الخلط (290) فتستعمل المسهل. والثالث رعاية جهة العضو المأوف ومخرج المادة من العضو القريب كالباسليق الأيمن * لعلل (291) الكبد والأيسر لعلل الطحال. والرابع أن يكون مخرجه طبيعيا كأعضاء البول لحدة الكبد والأمعاء PageVW0P040A لمقعرها يعلمنا سلوك طريق الاستفراغ. قال ينبغي أن تستفرغ * الفضول (292) الرديئة من المواضع التي هي إليها أميل وبالأعضاء التي كانت صالحة لعبور الأخلاط فيها، مثال ذلك أن فضول الدماغ لو كانت في مقدمه يستفرغ من المنخرين ولو كانت في مؤخرة أو وسطه يستفرغ من ثقب الحنك PageVW1P026A لأن مستفرغها وميلها الطبيعية إلى هذه المجاري، * وكذلك (293) تستفرغ مادة الكبد المأوفة إذا كانت في مقعرها بالإسهال، ولو كانت في محدبها بالإدرار ويستفرغ فضل المعدة المائلة إلى فمها بالقيء وإلى أسافلها بالإسهال لأن استفراغ فضول هذه الأعضاء من هذه النواحي أسهل وأوفق إن لم يكن مانعا فيها وكانت أميل إليها بالطبع. * فأما (294) إن كانت هذه النواحي مأوفة تستفرغ من غير هذه النواحي وترد إلى جهة آخرى.
39
[aphorism]
* قال الحكيم أبقراط (295) : كل بدن تريد تنقيه فينبغي أن تجعل ما تريد إخراجه منه يجري فيه بسهولة. PageVW0P040B
[commentary]
يعني كل بدن تريد تنقيته ينبغي أن يكون المستفرغ من الخلط الغالب على البدن * ومن (296) الفضل الغير المحتاج إليه وأن يكون نضيجا معتدل القوام وأن يكون استفراغها من الجهة التي كانت مائلة إليها وأن يسهل * سبيلها (297) إلى الاندفاع من العضو المحتبس فيه بدفع من الدافعة لئلا يصعب استفراغها ويخرج بسهولة وحصل للبدن نقاء تام.
40
[aphorism]
ناپیژندل شوی مخ