280

البحث الرابع

قد عرفت أن البول يدل بقوامه وبلونه وبرسوبه وقد مضى الكلام في القوام والرسوب وبقي ذكر اللون. ولينبسط الآن القول فيه * فنقول الإمام (884) أبقراط قد أشار إليه في هذا الموضع فنقول أصول اللون أي لون البول خسمة. الأصفر والأحمر والأخضر والأسود والأبيض ثم الأصفر ستة التبني والترجي والأشقر والنارنجي (885) والناري والزعفراني PageVW5P096B . والأحمر أربعة أصهب والوردي والقاني والأقتم. والأخضر ستة الفستقي والزنجاري والأسمانجوني والنبلنجي والكراتي والزيتي. والأسود لون واحد، وللأبيض مشف وغير مشف والأول واحد والثاني سبعة المخاطي و الدسمي والفقاعي والأهالي والمنوي والرصاصي واللبني فتكون بسائط الألوان خمسة وعشرين. فلنذكر كل واحد من هذه وما يدل عليه فنقول. قد عرفت أن المائية من حيث هي هي جوهر شفاف مائل إلى بياض PageVW1P123B ما فلونه المخالف للطبيعي منه مستفاد من أمر خارجي وهذا الأمر الخارجي إما خلط يخالطه وإما قوة من تأثير الحرارة الغريبة فيه وإما صابغ من مأكول أو مشروب أو ملاق للبشرة. مرادنا هاهنا باللون الحاصل من الخلظ أو من فعل الحرارة لأنه المعتمد عليه والدال على الأحوال البدنية. إذا عرفت هذا فنقول في اللون الأصفر إما اللون التبني منه فهو لون مؤلف من صفرة يسيرة مع بياض وإشفاف شبيه بالماء المنقوع فيه التبن فهو يدل على نقصان الصفراء الصابغة للبول. وذلك إما لانصرافها إلى جهة أخرى وإما لأنها في الأصل قليلة وذلك إما لنصان مادتها وإما لاستيلاء البرودة عليها والأترنجي لون صفرته أظهر من صفرة الأول مع إشفاف شبيه بصفرة قشر الأترج (886) وهذا يدل على اعتدال الحرارة. ولذلك صار هذا اللون هو اللون الطبيعي المقارن للثفل الطبيعي المذكور آنفا. والأشقر لون أصفر يميل إلى قليل حمرة يسيرة وذلك لتوفر الصفراء المخالطة له أو دم قليل. والنارنجي لون أصفر شديد الصبغ مع صفاء متوفر PageVW5P097A . وذلك المخالطة صفراء لطيفة ولا يكون من مخالطة الدم وإلا تبع ذلك (887) قانية ما. وهذا يدل على حرارة أقوى من حرارة الأشقر. والناري لون أصفر مشبع الصفرة بحيث أنه يميل إلى (888) حمرة يسيرة وله شعاع كشعاع النار وسببه حرارة قوية جدا أو مخالطة صفراء متوفرة المقدار لطيفة القوام. وهذا اللون يدل على قوة المرض وقصر مدته. والزعفراني لون شديد الصفرة بحيث أنه يقارب الحمرة وبالجملة هو شبيه بشعر الزعفران وسببه حرارة أقل حدة من الحرارة الفاعلة لما قبله ويدل على طول المرض بالنسبة إلى ما قبله. وأما اللون الأحمر فاعلم أولا أن اللون الأحمر له أسباب أكثرية وأسباب أقلية فالأكثرية مخالطة الدم للمائية والأقلية إما مواد بلغمية كانت محتبسة في بعض المجاري فعفنت وعملت فيها الحرارة الغريزية واستفادت منها لونا أحمر (889) وإما مواد صفراوية قد تراكمت واجتمعت بعضها على بعض فإنها عند ذلك يحصل لها لون قريب من الحمرة. ولنعد إلى غرضنا فنقول أما الأصهب فهو لون أحمر صافي الحمرة رقيق القوام. وهذا اللون لا يمكن أن يكون من الدم الغلبة القانية عليه ولا من البلغم المذكور لغلظ قوامه فبقي أن يكون من الصفراء المتراكمة فإن لونها يميل إلى الإشراق وقوامها رقيق. ولذلك صار هذا البول يدل على قوة الحرارة واستيلائها على البدن. فإن كان خاليا من الثفل أنذر بدق فإن رؤي عل ظاهره أجزاء دسمة كان أكد في ذلك. وإن كان فيه ثفل أنذر بحدة المرض وقصر مدته. فإن تناقصت صفرته وكان الدماغ ضعيفا أنذر باسرسام PageVW5P097B . وإن كان قويا فتوقع سحجا أو قيئا مفرطا. وذلك بحسب استعداد المادة وقبول العضو. وأما الوردي فهو لون أحمر أقل إشراقا من الأول ولذلك لم يكن تولده من البلغم العفن لغلظ البلغم ولا من الصفراء المتراكمة لإشراق الصفراء فبقي أن يكون من الدم بشرط أن يكون رقيقا. ومن هذا يعلم أن حمرة هذا اللون لا يمكن أن يكون لضعف مميزة الكبد فإن الحادث (890) عن هذا يكون غليظ القوام لاختلاط السوداء به ولا يكون بحرانا للحمى المطبقة لأن مادة هذه غليظة بل للحمى الغليانية فقط. وقد يكون لضعف مميزة الكلى فإن الدم النافذ مع المائية إلى الكلى دم لطيف. فالبون الوردي في الأكثر يكون لهذين الأمرين أحدهما بحران الحمى الغليانية. والثاني لضعف مميزة الكلى. وأما القاني فتارة يكون بحرانا للحمى المطبقة وتارة يكون لانفتاح عرق في آلات البول لا سيما في الكلى فتارة يكون من امتلاء البدن وتارة يكون لقطع عضو كبير. واعلم أن البول الأحمر في اليرقان كلما كان أكثر وأصبغ لونا بحيث أنه يصبغ ما يقع عليه فهو أجود وأحمد لدلالته على انفتاح سدد الكبد وغيرها ودفع المادة الموجبة لها والمحتبسة عنها وبالصفة التي (891) تحمد بها في اليرقان تذم بها في الاستسقاء لدلالته على ذوبان الكبد وخروج شيء من جرمها. وأما الأقتم فيكون من البلغم العفن المحتبس على ما عرفت ومن الدم المحترق ومن ضعف مميزة الكبد. وأما اللون الأخضر الفستقي هو لون أصغر يخالطه سواد يسير وهو دال على غلبة الصفراء ويسير من السود. فإن كانت جمودية دلت (892) على البرد وإن كانت احتراقية دلت (893) على قوة الحر. وأما الزنجاري فهو لون يميل عن الخضرة إلى بياض يسير ويدل PageVW5P098A عل قوة الاحتراق. ولذلك متى ظهر في الحميات أنذر بالموت وإن خرج عقيب حركة قوية أو تبع شديد أنذر بتشنج أو بالموت (894) لدلالته على قوة الحرارة. وإن حصل للصبيان أنذر بتشنج أو بموت لدلالته على بعدهم عن المزاج الأصلي. وأما الاسمانجوني فهو لون أخضر يميل إلى زرقة صافية وسببه برد قوي يجمد رطوبات البدن أو سوداء تخالط المائية. ولا شك أن هذا يدل على البرد لا على الحر لأنه لم يشبه الصفراء (895). وأما النيلنجي فهو لون أخصر يميل إلى زرقة قوية وسببه إما سوداء جمودية تخالط المائية أكثر من مخالطتها للأول وإما برد مجمد. وأما الكراتي فهو لون ظاهر الخضرة ويدل على الحر أقل من دلالة الزنجاري عليه. وأما زيتي فقد قسمه الأطباء إلى ثلاثة أقسام. زيتي في لونه وزيتي في قوامه وزيتي فيهما جميعا لأن دسومات الأعضاء إما أن يكون في ابتدائه وإما أن يكون في تزيده وإما أن يكون في منتهاه. فإن كان الأول كان (896) زيتيا في لونه وإن كان الثاني كان في قوامه وإن كان الثالث كان في قوامه ولونه. لكن في قول الأطباء في هذا شيء وهو أن هذا البول إذا انتقل من زيتية لونه إلى قوامه هل يبقى مع ذلك زيتية لونه أم تفارقه؟ فإن كان الأول فيلزم من هذا أن يكون المراتب اثنتين (897) لا PageVW1P124A ثلاثا وهو في اللون وفيهما. وإن كان الثاني فهو محال وذلك لأن لون لطيف الدسم كلون غليظه وإذا كان كذلك لم يبق فرق بين ذلك. واعلم أن الحق هو الأخير وهو أن زيتية لونه إذا صارت إلى القوام فارقته ثم حصلت واجتمعت مع القوام في المرتبة الثالثة. وذلك لأن لون لطيف الدسم كيف كان لا بد وأن يكون PageVW5P098B مباينا للون الغليظ (898) فإن الصافي الرائق من الزيت يميل إلى صفرة يسيرة مع خضرة يسيرة (899) ومثل هذا يغير اللون فقط دون القوام. فإذا فعلت الحرارة في الغليظ تغير القوام مع مفارقة اللون وذلك لأن لون هذا الغليظ كمد مع خصرة يسيرة وقوامه لا شك أنه أغلظ من الأول. فإذا * فعلت الحرارة في الغليظ تغير القوام مع مفارقة اللون وذلك لأن لون هذا الغليظ كمد مع خضرة يسيرة وقوامه لا شك أنه أغلظ من الأول فإذا (900) قويت الحرارة على هذا الغليظ ميزت لطيفه عن كثيفه فحصل من الأول تغير اللون ومن الثاني تغير القوام. وأما الأسود فهو إذا لم يكن لصابغ ملاق للبشرة ولا مأكول إما لبرد مجمد أو لحر محرق أو لدفع الطبيعة للمواد السوداوية. وقد عرفت الفرق بين الجمودي والاحتراقي. وأما الفرق بين الدفعي وبينهما فهو أن الأول تعقبه خفة وراحة ويكون خروجه في يوم باحوري بخلاف الكائن للأولين والاحتراقي والجمودي كلما كانا أقل مقدارا فهو أردأ وكذلك كلما كانا أغلظ قواما. أما الأول فلأن قلة المقدار يكون لأحد أمرين إما لفناء الرطوبة المزيدة في مقداره وإما لضعف الطبيعة عن دفعه بالكلية وكل ذلك رديء. فإن قيل المادة الصابغة إلى السواد المذكور (901) مادة رديئة وقلة الرديء أجود من كثرته. فنقول قلة ظهور الرديء تارة يكون لقلته في نفسه وبمعنى أن يكون سببه ضعيفا. وتارة تكون قلته بمعنى أن يكون أجود ما فيه قد ذهب وتلاشى وهو لطيفه وتارة يكون لضعف الدافعة عن دفعه فإن كانت لقلة للفناء وللضعف فالكثير من البول الأسود أجود من القليل وإن كانت لضعف السبب فالقليل منه أجود من الكثير. وأما الثاني وهو الأعلظ أردأ فنقول وذلك لفناء رطوباته التي هي أفضل PageVW5P099A مما غلظ منه لأنها تعيننا في نضج ذلك والأبيض المشف دال على قصور الهضم لاستيلاء البرد لأن هذا هو لون المائية وقد علمت أن المائية من حيث هي هي مائية لونها مستفاد من أمر خارجي وقد عرفت أن الأمر الخارجي المراد به هاهنا الخلط أو الحرارة القوية. فإذا لم يكن خلظ ولا حرارة خرجت المائية على ما هي عليه. وأما المخاطي فسببه بلغم لزج غليظ القوام يخالط البول ويفيده اللون والقوام المذكورين. وهذا البول متى خرج في حال الصحة أنذر بحدوث أمراض بلغمية وإن كانت حاصلة فهي للكثرة. فإن أعقبه خفة وراحة كان اللدفع. وأما الدسمي فسببه حرارة قوية تذيب دسومات البدن كالشحم الذائب والسمين والشحم الذائب تارة يكون شحم الكلى وتارة يكون شحم سائر البدن وقد عرفت الفرق بينهما. وأما الأهالي فسببه بلغم مع ذوبان من دسومات البدن لاستيلاء مذيب عليها. وأما فقاعي فله ثلاثة أسباب أحدها * مختلط بجوهر (902) مدى بالبول غير أن هذه المدة التي توجب ذلك لا يمكن أن يكون إلا من المثانة لأن مدة قرحة الكلى تشوبها حرارة يسيرة ومدة ما هو إعلانها يكون قليل الوقوع ومع ذلك فتشوبه حمرة. وثانيها بلغم خام يخالط البول مخالطة شديدة. ثالثها ذوبان حصاة المثانة فقط لا حصاة الكلية فإن لونها أحمر والفرق بين هذه الثلاثة أسباب ظاهر. وأما المنوي فسببه مخالطة بلغم لزج قد علمت فيه الحرارة عملا يسيرا حتى شبهته بالمني. وهذا البول تارة يكون حصوله بعد حصول أمراض وتارة يكون حصوله ابتداء. فإن كان الأول فإما أن يكون اندفاعه PageVW5P099B للطبيعة وللكثرة. فإن كان الأول فيكون بحرانا. ومثل هذا النوع تعقبه خفة وراحة وإن كان الثاني فهو بلغم لزج زجاجي متوفر المقدار. وإنما قلنا إن هذا البلغم زجاجي لأن هذا الصنف من البلغم يكون حرارة قد علمت فيه لأحتباسه في المفاصل على ما بيناه في كتابنا البسوطة. وإن كان ابتداء فهو منذر بأمراض بلغمية مثل السكتة والفالج واللقوة * والاسترخاء والتشنج الامتلائي (903) وذلك بحسب استعداد الأعضاء وقبولها للمادة. وأما الزجاجي فهو لون * فيه بياض (904) مع خضرة يسيرة وسببه مخالطة بلغم متوفر المقدار لقليل من السوداء. وذلك لبرد قوي استولى على البلغم وأزال عنه الإشراق وأفاده الكمودة. وأما اللبني فسببه إما ذوبان الأعضاء الشحمية وإما اختلاط بلغم غليظ به أكثره البلغم ألفته لأن ما عداه قد استفاد لونا لفعل الحرارة فيه أو مخالطة مدة له. فهذه أصناف ألوان البول وفي ذلك كلام طويل قد ذكرنا في شرحنا لكليات القانون. * فمن أراد معرفة ذلك فعليه بمطالعة ذلك الكتاب (905).

البحث الخامس

الذي ظهر لنا مما ذكرنا أن البول الأحمر دال على الحرارة والأبيض المشف دال على البرد. وهذا القول لا يصح مطلقا فإن لنا أمراضا باردة والبول فيها أحمر. وذلك ستة أمراض القولنج الشديد الألم والقولنج الصفراوي والاستسقاء والفالج والتشنج والتمدد الامتلائيات والحمى البلغمية. ولنا أمراض حارة والبول فيها أبيض مثل السرسام وحمى الدق. وأما القولنج الشديد الألم فإن هذا المرض سببه مواد بلغمية ارتكبت PageVW5P100A في طبقات الأمعاء ومنعت الأثفال من الخروج ومع هذا والبول معه أحمر اللون وسبب ذلك شدة الوجع وتحليله للصفراوي أذابته لها وذلك لأن الوجع الشديد تلزمه السخونة لاضطراب الأرواح بسبب تحريك PageVW1P124B النفس للقوى البدنية لمقاومة الألم. فعند ذلك ترق المواد وتخالط البول وتفيده صبغا. والذي يقبل من المواد ذلك الألطف فالألطف ولا شك أن الصفراء ألطف مواد البدن. وأما القولنج الصفراوي فسببه سدة في مجرى المرارة المتصل بالمعاء بحيث أنها تمنع ما كان ينصب منها إلى المعاء لينبهها على دفع ما فيها من الفضلات البرازية وغيرها فيرجع القهقري إلى الكبد إلى محدبها ثم يندفع مع المائية إلى الكلى ثم إلى المثانة ثم إلى خارج. هذا إن لم يصعد إلى المعدة في الشعبة الأخرى المعروفة من التشريح ويحدث غثيانا وقيئا. وأما الاستسقاء فسبب حمرة البول فيه ضعف مميزة الكبد عن تمييز الدم المخالط للمائية فيبقى منه مقدار متوفر مخالط للمائية ويفيدها لونا أحمر. هذا كله بشرط أن لا يكون مع الاستسقاء ورم وإلا فمتى كان معه ذلك كان معه حمى فيكون سبب صبغ البول الحمى. وأما الفالج فسبب حمرة البول فيه ضعف القوى عن دفع المائية على مخصوصيتها. هذا إذا كان في الجانب الأيمن وضعف العروق عن جذب المواد. هذا إذا كان في أي جانب كان أو توفر الحرارة على أحد الجانبين لاسيما متى كان ذلك (906) الجانب هو الأيمن من اليد أو قلة احتياج العليل إلى الغذاء فينفذ الدم مخالطا للمائية ويخرج بالبول. وأما التشنج والتمدد الامتلائيات PageVW5P100B فسبب ذلك فيهما انفزار بعض أوردة البدن وخروج الدم منها فيخالط البول ويخرج معه. وأما الحميات البلغمية فإن هذه إذا حصل معها سدة في بعض مجاري البدن منعت من خروج ما غلظ المواد وبقي محتبسا فتعمل فيه الحرارة وتفيده لونا أحمر (907) فإذا افتحت السدة وخروج ذلك صبغ البول ففي هذه الصورة المرض في نفسه بارد والبول أحمر. وأما البياض فكما في السرسام وذوبان الأعضاء في حمى الدق ففي هاتين الصورتين أيضا المرض حار والبول أبيض.

البحث السادس

قال الأطباء الألوان المذكورة منها ما لا يكون معه قوام رقيق البتة كالأسود البدني والقاني ومنها ما لا يكون معه قوام غليظ البتة كالأترجي والزعفراني والناري وغير ذلك من طبقات الصفرة. ومنها ما يمكن اجتماع القوامين معه كالأبيض. وأما الأسود فقد عرفت أنه إذا لم يكن لصابغ ملاق للبشرة أو مأكول فهو إما لدفع الطبيعة للمواد السوداوية كما في بحران حمى الربع وإما لحر محرق وإما لبرد مجمد وكل هذه مغلظة لقوام البول. وأما القاني فهو لاستيلاء الدم وذلك مغلظ للقوام فلا يوجب الرقة. وأما الأصفر بأصنافه فهو لغلبة الصفراء وهي رقيقة فلا توجب الغلظ. وأما الأبيض فتارة يكون القوام معه رقيقا كما في فساد الهضم وتارة يكون غليظا كما إذا خالطه بلغم غليظ على ما عرفت (908) مفصلا.

البحث السابع

الذي تلخص مما ذكرنا أن البول منه فاضل ومنه غير فاضل. والثاني قد عرفته في لونه وقوامه ورسوبه والأول له شروط سبعة PageVW5P101A أحدها أن يكون قوامه معتدلا فإن ما عدا ذلك من قوامات البول ليس بمحمود على ما عرفته إلا أن يكون الغلظ لتراكم المواد الناضجة بدفع الطبيعة. وثانيها أن يكون لونه أترجيا لأن ما عدا هذا اللون فهو إما لغلبة الحرارة أو البرودة. وثالثها أن يكون محمود الرسوب وقد عرفت صفات المحمود. ورابعها أن يكون مقداره بمقدار المشروب الوارد على البدن. وخامسها أن يكون خروجه في الوقت المعتاد. وسادسها أن يكون سهل الخروج. وسابعها أن لا يكون عديم الرائحة ولا ظاهر النتن فإن عديم الرائحة دليل على قوة البدر والنتن على قوة (909) العقن وهذا البول متى ظهر في المرض دل على استيلاء الطبيعة البدنية على المادة المرضية استيلاء تاما سواء كان المرض حادا أو مزمنا وسواء (910) خرج دفعة أو قليلا قليلا.

البحث الثامن

في ذكر البول الخالص بكل واحد من الأسنان نقول قد عرفت أن الأسنان أربع وعرفت لم صارت أربع (911). فهذه الأسنان لكل واحد من أصحابها بول خاص له خصوصيات لم توجد في غيره. فيجب عل الطبيب الماهر أن يعرف تلك الخصوصيات ليعلم متى لم ير (912) مزاجهم الخاص بهم عنه أنهم قد خرجوا عنه. أما بول الصبيان فله خصوصيات خمس (913). أحدها غلظ القوام وثانيها (914) بياض اللون وثالثها (915) كثرة المقدار ورابعها (916) تثور القوام وخامسها (917) اعتدال الرائحة. أما الخاصية الأولى فقد عرفت العلة فيها. وأما الثانية فلوجوه ثلاثة أحدها لبنية غذائهم في أول عمرهم وما بعده لقلة توليد الصفراء فإنها هي الصابغة للبول في الأكثر. وثانيها (918) لكثرة PageVW5P101B ما يشربون من الماء وذلك لكثرة مآكلهم وحركاتهم عليها. وثالثها لفساد الهضم فيهم وذلك لسوء ترتيبهم في مآكلهم ومشاربهم. وأما الثالثة فلوجوه ثلاثة أحدها لانسداد مسامهم وذلك لاستيلاء الرطوبة على أبدانهم وذلك مما تتبعه قلة التحلل التابع له كثرة البول. وثانيها لكثرة ما يشربون من الماء لما عرفته. وثالثها لكثرة رطبوباتهم فينحدر لطيفها مع البول ويكثر مقداره. وأما الرابعة فلوجهين أحدهما لكثرة ما يعتريهم من سوء الاستمراء فإن ذلك يلزمه كثرة الرياح وهي موجبة لتثوير البول. وثانيهما لكثرة حركاتهم على الأغذية فإن ذلك تخصص (919) الغذاء ويولد فيه رياحا والرياح مثورة للبول. وأما الخامسة فإن حرارتهم وإن كانت متوفرة غير أنها مكسورة السورة لتوفر PageVW1P125A الرطوبة الغريبة في أبدانهم.فتكون الرائحة ليست حادة ولا خاملة. وأما بول الشباب، فله ثلاثة خصوصيات، أحدها ظهور النارية، وثانيها (920) اعتدال القوام، وثالثها قوة الرائحة. أما الأولى فلكثرة الصفراء المتولدة في أبدانهم. وأما الثانية، فلجودة الهضم فيهم وذلك لحسن تدبيرهم في أغذيتهم. وأما الثالثة، فلقوة الحرارة وميلها إلى الحدة وذلك موجب لقوة الرائحة. وأما بول الكهول، فله خصوصيات خمس: أحدها غلظ القوام، وثانيها قلة صبغه، ثالثها كثرة مقداره، ورابعها تعذر خروجه، وخامسها ضعف رائحته. أما الأولى فلاستيلاء المواد الباردة اليابسة في هذه السن. وأما الثانية، فلقلة الصفراء * في هذه السن (921). وأما الثالثة، فلقلة PageVW5P102A التحلل وقلة انصراف الغذاء إلى جهة الأعضاء لتغذيتها لا سيما في أول سن الكهول. وأما الرابعة، فلوجهين. أحدهما لقلة الصفراء في هذه السن وثانيهما قوة القوة الماسكة في أبدانهم لا سيما في المثانة لبردها ويبسها. وذلك لعصبية جوهرها وأما الخامسة فلضعف الحرارة في هذا السن ولقلة الصفراء فيها (922) أيضا. وأما بول المشايخ، فله ثلاث خصوصيات. أحدها رقة القوام، وثانيها قلة المقدار، وثالثها بياض البول. أما الأولى فلثلاثة أوجه. أحدها لضعف الهضم فيهم، وثانيها لضعف الدافعة فيهم عن دفع ما غلظ من المواد. وثالثها لضيق المجاري فيهم، وذلك لاستيلاء البرد واليبس في هذه السن، فتعتذر نفوذ ما غلظ من موادهم وأما الثانية، فلقلة المشروب لضعف الحرارة في هذه السن. ولاحتباس ما غلظ من موادهم لما ذكر فيقل مقدار البول. وأما الثالثة، فلثلاثة أوجه، أحدها لضعف الحرارة التي هي أحد الملونات للبول في هذه السن، وثانيها ضعف الهضم فيهم وقد عرفت كيفية إيجاب ذلك للبياض. وثالثها قلة ما يتولد في هذه السن من الصفراء.

ناپیژندل شوی مخ