شرح فصول ابوقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرونه
في الصلة: وذلك من وجهين: أحدهما PageVW1P110A أن أبقراط لما تكلم في أحكام العرق من جهة وقته أي النوم الذي يحدث فيه ومن جهة كيفيته أي حره وبرده ومن جهة محله أي موضعه، ذكر في هذا الفصل أحكامه من جهة كميته أي كثرته وقلته، وكان ينبغي أن يوصل هذا الفصل بالفصل الذي أوله «وحيث كان العرق من البدن فهو يدل على أن المرض في ذلك الموضع» لو لا لما ذكرناه من وجوب تقديم الفصول التي وقعت بين هذا وبين ذلك؛ ثانيهما أن حكم هذا الفصل أعم من الأول فإنه يتناول دلالة العرق في مقداره في حالتي الصحة والمرض.
البحث الثاني:
إنما خصص وقوع الكثير من العرق عند النوم لأن النوم أشد تعريقا من اليقظة. وذلك لأن اليقظة تتحلل المواد فيها بالتحليل الخفي أي بالبخار، وذلك لانتشار الحرارة فيها في ظاهر البدن وباطنه ولانفتاح المسام بسبب ذلك، والنوم الحال فيه بالعكس فإن الحرارة تقوى فيه في الباطن ومسام البدن فيه متكاثفه لاستيلاء البرد عليها، فإذا بخرت الحرارة في الباطن تراكمت الأبخرة في الظاهر واستولى البرد عليها قطرت ماء PageVW5P046B كما (452) نشاهده في الخارج عند دفع غطاء القدر في زمان الشتاء فإن البخار االذي يتصاعد إليها من القدر يقطر ويصير ماء فهذا هو علة كثرة العرق في النوم علته في حال اليقظةس وخصوصا في الجانب الأعلى من البدن. وذلك لوجهين: أحدهما لأن البخار بطبيعته يطلب الارتفاع؛ ثانيهما لأن الجانب الأسفل ينضغط بالأرض وبالنوم عليه.
البحث الثالث:
مادة العرق الغير مرضية رطوبة متوفرة قريبة من الجلد والمخرج لها أمور خمسة: أحدها حركة مفرطة فإنها ترقق المادة وتفتح مسام البدن؛ وثانيها حرارة الهواء الخارجي فإنها تفعل ما تفعله الحركة وزيادة لأنه يسخن الباطن لوروده على القلب بالاستنشاق. ولذلك صار هواء الحمام معرقا؛ وثالثها دثار متوفر فإنه يفعل ما تفعله حرارة الهواء، وذلك لأنه يعكس البخار المتحلل من البدن فيرجع على البدن ويسخنه ويعفل ما ذكرنا؛ ورابعها مزاحم يزاحمها من داخل بالضغط، وذلك إما لاستكثار من طعام أو من (453) شراب، والأول أبلغ من ذلك من الثاني لأن الطعام أغلظ وأثبت في المعدة بل وفي باقي الأعضاء فيكون ضغطه أشد، فلذلك ذكر الغذاء دون الشراب؛ وخامسها انتهاض الطبيعة للدفع، وذلك كما في أوقات البحارين العرقية فإنها تتشمر لدفع المادة إذا كان فيها مؤاتاة لذلك، فالعرق لما كان يحدث عما ذكرنا وكان غرضه أن يذكر العرق الدال على توفر المواد في البدن، احتاج أن يميز ذلك عن غيره، فقال «من غير سبب بين» أي ظاهر، فإنه متى كان كذلك كان لكثرة ما يتناول من الغذاء إما عن قرب PageVW5P047A وإما عن بعد.
البحث الرابع:
إنما شرح الكثرة في ذلك لأن العرق الكثير قد يكون من سخافة البدن، فإن مسام البدن متى كانت متخلخلة تحللت المواد أولا فأولا، وعند ذلك يكون الخارج قليلا قليلا. وقد يكون من ضعف القوة الماسكة، فإن القوة المذكورة متى كانت كذلك خرجت المادة المندفعة إلى مسام البدن أولا فأولا ففي مثل هاتين الصورتين لم يمكن اجتماع المادة وارتباكها تحت الجلد بحيث أنه إذا حصل محرك يحركها خرجت جملة وكان لها مقدار متوفر وعند ذلك لم يحتج البدن في تدبيره إلى ما ذكره أبقراط من تخفيف الغذاء أو استفراغ البدن.
البحث الخامس:
العرق الكثير الحاصل للاستكثار من الأغذية قد تكون هذه الأغذية على ما عرفت قريبة العهد بالاستعمال، وقد تكون بعيدة العهد بذلك،. فإن كان الأول فالتدبير في ذلك تخفيف الغذاء فإن الطبيعة عند ذلك تلتفت إلى تلك الكثرة وتهضم ما يصلح منها للهضم وتغتذي به الأعضاء وتقوى على دفع ذلك (454) وتحليل ما لا يصلح منها لذلك. وإن كانت بعيدة العهد فالتدبير في أمرها إخراجها عن البدن بالاستفراغ بما يخص المادة المستولية عليه غير أنه يجب أن يكون المخرج لها رقيق العمل لأنها غير مؤذية للبدن أذية ظاهرة لا بالكمية ولا بالكيفية. والله أعلم.
42
ناپیژندل شوی مخ