شرح فصول ابقراط
شرح فصول أبقراط
ژانرونه
[aphorism]
قال أبقرط: إذا كان الهواء يتعثر (321) في مجاريه من البدن، فذلك رديء، لأنه (322) يدل على تشنج.
[commentary]
قال عبد اللطيف: يريد بالهواء هنا هواء (323) التنفس، وتعثره (324) في مجاريه خروجه عن الأمر الطبيعي، إما في حركته من داخل إلى خارج، وإما من خارج إلى داخل، وإما (325) فيهما جميعا. ومجاري البدن هي مجاري النفس (326) في آلاته، أعني الرئة والقلب وسائر المسالك. ويروى إذا كان الهواء يتعثر (327) مستعار من قولنا: عثر الرجل في مشيته، إذا عارضه ما يفسد حركته ويمنعها PageVW3P079A عن مجراها الطبيعي. وأما قولنا: يتعثر فأكثر ما يستعمل إذا كان المفسد للحركة والمعارض لها (328) من داخل أي من (329) ذات المتحرك بسبب ضعف أو نقصان بصر أو بصيرة، فيقال: تعثر الرجل في مشيته، إذا كان سبب الفساد من قبله؛ وعثر، إذا كان سبب الفساد من خارج، ثم يستعمل لفظة تعثر في سائر الحركات النفسانية والطبيعية وغير ذلك، فيقال فيه: تعثر فلان في دنياه إذا كانت حظوظه وسعيه * فيها يجري على غير استقامة (330) وكانت مساعيه PageVW2P082B خائبة (331) غير ناجحة ومن هذا قيل للنفس (332)، إذا لم يجر في دخوله وخروجه على ما ينبغي له: قد تعثر. ثم قال: "فذلك ردئ لأنه يدل على تشنج" أما رداءته فظاهرة (333) لأنه دليل على آفة نزلت (334) بمجاري التنفس، وأن العضل والعصب المحرك للصدر قد ناله ابتداء (335) التشنج، فإن قويت العلة وسرت في الجسد بأسره (336) ظهر التشنج في الأعضاء. واعلم أن تعثر الهواء وتغيره قد يكون في إدخال النفس فقط، وإياه عنى أبقراط بقوله: إن إدخال النفس قد يتضاعف، حتى كان الإنسان يستنشق استنشاقا (337) بعد استنشاق. وقد يكون في (338) إخراجه PageVW0P069B فقط، وإياه عنى أبقراط (339) بقوله: إن الهواء يتعثر (340) في مجاريه عند حركته إلى خارج. وقد يتعثر (341) الهواء في خروجه ودخوله معا، وإياه عنى بهذا الفصل؛ فإنه أتى به عاما يشمل تعثرات (342) النفس الثلاثة.
[فصل رقم 179]
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بوله غليظا شبيها بالعبيط (343) يسيرا (344)، وليس بدنه ينقى (345) من الحمى فإنه إذا بال بولا كثيرا رقيقا انتفع به، وأكثر من يبول هذا البول PageVW1P060A من كان يرسب في بوله منذ أول مرضه أو بعده بقليل ثفل.
[commentary]
قال عبد اللطيف: العبيط هو الدم الطري، ومن شأن الدم أن يجمد ويغلط، ويبقى فيه قطع جامدة وأجزاء رقيقة فيكون مختلف القوام، فيريد أن يشبه به البول في غلظه واختلاف قوامه وتشتته بحيث يري فيه قطع لحم (346) كثيرة منحازة كقطع العبيط. وفي بعض النسخ القديمة: شبيها بالحماة موضع العبيط. فإن كان يريد به الغلظ فهو كالأول، وإن كان يريد به النتن (347) PageVW3P079B فسياق الفصل يقتضي أن أبقراط لم يرده، ولهذا جعل في قبالته الكثير الرقيق، فالكثير بإزاء القليل، والرقيق بإزاء الغليط، ولم يتعرض فيه بالنتن ولا بالطيب. واعلم أن هذا البول الغليط اليسير قد يكون من غير حمى، عندما تدفع الطبيعة فضول البدن وتنقيها PageVW2P083A من الكلى. وقد يكون مع حمى يسيرة، وذلك إذا كانت المادة نيئة غليظة غير نضيجة؛ فإذا غزر البول ورق دل على نضج تلك المادة وأنها قد أماعت وسالت وتفتحت (348) لها المجاري وجرت على حالها الطبيعية. * فكل حال خارجة عن الطبيعة (349) إلى جهة، إذا انتقلت عنها إلى الحال المعتدلة، أو المنحرفة (350) إلى الجهة الأخرى، دل على صلاح وانتفع بها. وقال: وليس بدنه ينقى (351) من الحمى، ولم يطلق القول بأن به حمى؛ لأن من شأن البول في الحمى أن يكون في الابتداء رقيقا، وعند النضج يغلظ ويحسن قوامه. فأما البول الغليظ اليسير فلا يكون مع الحميات القوية، بل إن كان ولابد فمع الحميات الضعيفة؛ وجالينوس يرى هذا، ويرى أن أبقراط إنما ذكر هذا الفصل على جهة أنه أحب أن يخبرنا (352) بأمر نادر عجيب، فإنه ربما كان البول في أول المرض أو بعده بقليل، قليلا (353) ثخينا، وحيئنذ فيرسب ثفله (354) لثقله، وحيئنذ لا يكون الرسوب علامة محمودة. وإنما يحمد الرسوب PageVW0P070A إذا كان البول رقيقا ثم حسن قوامه ورسب ثفله، وكانت (355) المادة الغليظة النيئة يعسر نفوذها إلا يسيرا، فلذلك كان الغليظ يسيرا، فإذا استنقى البدن من أكثره (356) ونضج الباقي سهل نفوذه فغزر. فجالينوس يرى أن هذا البول اليسير الغليظ قلما يكون إلا في الندرة، وأنه لا يكون في الحميات القوية. وأنا أرى أنه المصدق في تجربته، لكن القياس لا يمنع وقوع مثل هذا في الحميات القوية العظيمة إذا أحرقت (357) الأخلاط ونشفت بلتها ورطوبتها، فيغلظ قوامها ولا ينفذ منها إلا الغليظ اليسير، فإذا بال المريض بولا رقيقا كثيرا دل على نقصان الاحتراق وبوخ الحمى المنشفة لرطوبات ما يؤكل PageVW3P080A ويشرب. فأما قلة البول في الحميات الحادة الملتهبة (358)، فكثيرا ما رأيناه، حتى أن صاحبها PageVW1P060B يشرب من الماء مقدارا كثيرا جدا ويبول PageVW2P083B بولا قليلا جدا، وما ذلك إلا لأن قوة حرارة الحمى تحلل الماء وتنشفه بالتبخير القوي؛ وإذا كان كذلك فلا مانع أن يكون - مع قلته - غليظا، لأن الحرارة التي في الكبد وآلات البول إذا نشفته عاد الباقي غليظا.
[فصل رقم 180]
ناپیژندل شوی مخ