136

شرح فتح المجيد للغنيمان

شرح فتح المجيد للغنيمان

ژانرونه

ذكر اللقاء ودلالته
قوله في هذا الحديث: (لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة) يقول العلماء: كل ما جاء من هذا النوع في كتاب الله وفي أحاديث رسوله ﷺ من ذكر لقاء الله، كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ﴾ [البقرة:٤٦] وما أشبه ذلك كله يدل على رؤية الله، أن العبد سيرى ربه يوم القيامة، وأنه يقف بين يديه، وقد جاء في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم قول الرسول ﷺ: (ما منكم من أحد إلا سيكلم ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة)، فيكلم ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه، وهذا خلاف ما يقوله أهل البدع الذين هم في الواقع يتبعون أهواءهم وزعموا أنهم يتبعون عقولهم، ولكن العقول قاصرة لا تغني من الحق شيئًا، وإنما الواجب اتباع كتاب الله وما أرشد إليه رسول الله ﷺ.
وقوله: (لقيتني لا تشرك بي شيئًا) هذا هو الشرط الذي علق عليه أنه يأتيه بأكثر من ذنوبه مغفرة، ثم هذا أيضًا يكون معلقًا بمشيئته، ولا يقال: يلزم أن يكون مغفورًا له.
بل ذلك معلق بمشيئة الله جل وعلا؛ لأنه قال جل وعلا: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء:٤٨]، وهذا عام في كل من كان مذنبًا ولقي الله بذنوب، فإن الأمر يتعلق بمشيئة الله جل وعلا.

14 / 6