ومنه الأذنان، وغَسلُ الرجلين مع الكعبين،
شعبةَ (^١)، ونحن نقولُ به. وعَفَى في "المبهج"، و"المترجم" عن يسيرِه، للمشقَّةِ. وصوَّبه في "الإنصاف". قال الزركشي: وظاهرُ كلامِ الأكثرين بخلافِه (^٢).
(ومنه الأذنانِ) الأذُنُ: بضمِّ الهمزة معَ ضمِّ الذال المعجمة، وسكونها. لحديثِ ابنِ ماجه وغيرِه (^٣) من غيرِ وجهٍ مرفوعًا: "الأذنانِ من الرأسِ". فيجبُ مسحُهُما.
(و) الرابعُ: (غسلُ الرجلين معَ الكَعبين) لقولِه تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] قُرئ: أرجلَكم. بالنصب، وهي قراءةُ ابنِ عامرٍ، فتكونُ معطوفةً على المغسولِ. وقُرئ بالجرِّ؛ للمجاورةِ. كقولِه تعالى: ﴿إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ [هود: ٢٦] بالمجاورةِ ليومٍ. مع أنَّه صفةٌ لعذابٍ، وهو منصوبٌ. ورُدَّ بأن الإعرابَ بالمجاورةِ شاذٌّ، فلا ينبغي حملُ الكتابِ العزيزِ عليه.
وقيل: بل بالعطفِ على الممسوحِ، وأنَّ المرادَ: مسحُ الخفين، على قراءةِ الجرِّ، وغسلُ الرجلين على قراءةِ النصبِ.
وإذا احتملتْ الأمرين: وجبَ الرجوعُ إلى فعلِه ﵇؛ لأنَّه مبيِّنٌ، إما بقولِه، وإما بفعلِه، وقد قال ﵇ في حديثِ عمرِو بنِ عبَسة (^٤): ثم غسلَ
(^١) يشير إلى حديث المغيرة بن شعبة: أن رسول الله ﷺ توضأ، فمسح ناصيتَه، وعمامتَه، وعلى الخفين. أخرجه النَّسَائِيّ (١٠٧)، وصححه الألباني.
(^٢) انظر "الإنصاف" (١/ ٣٤٨).
(^٣) أخرجه ابن ماجه (٤٤٤). وهو عند أبي داود (١٣٤)، والترمذي (٣٧) من حديث أبي أمامة. وصححه الألباني في "الإرواء" (٨٤).
(^٤) في الأصل: "عشة" والحديث أخرجه أحمد (٢٨/ ٢٣٩) (١٧٠١٩)، وأصله عند مسلم (٨٣٢).