============================================================
شرح الأنفاس الروحانية وطريقة أخرى أسهل من ذلك وهو آن تمسك لسانك عن القراءة وينطق فؤادك بلا تحرك لسان ورفع صوتك بالكلام تقرأ في قلبك سورة، أو آية طويلة من أولها الى آخرها على الترتيب المرتب، فإذا قدرت على ذلك القراءة وقرأت فقد قرأت بقلبك، ثم إن أدركت ذلك القراءة وسمعتها فقد سمعت كلام القلب ولا تسمع ذلك أيضا إلا بإذنك الباطن، وهو القلب هذه مما عرفناها بالمشاهدة بالحواس الباطنة، ونظير ذلك ما إذا تحرك برغوث في داخل أذنك تسمع صياحا من حركات أرجلها كما تسمع من هبوب الريح العاصف، والسيل المنحدر، ولو كان البرغوث خارج الأذن لا تسمع قط كأنه ليس ذلك البرغوث ولا حركتها في الوجود كذلك حال حواس القلب الباطن لا يسمع كلامها إلا صاحبها فافهم.
ولا تستبعد أن يكون بعض الناس قاسية القلب لا يكون لقلبه لسان ينطلق، ولا عين تبصر، ولا أذن تسمع، ولا خيشوم يشم به الروائح، ولا مذاق يذوق به الطعوم و الأذواق، وملمس يلمس به الملموسات اللطاف فذلك بليد بعيد لا يفهم ما قلنا، كما لا يفهم الأعمى، الألوان ثم المشايخ إنما سموا هذه اللحظات كلام القلب، وما سموها فكرا، أو علما، أو إرادة وما أشبه ذلك، وإن كان جميع ذلك من لحظات القلب لأن الكلام في لغة العرب، إنما سمى كلاما لتأثيره في سمع السامع كالسهم والسيف يجرح المحل الذي يصيب، والكلم جرح ثم كان هذه المعاني تأثير في انجراح صاحبها وتخلفه عن طريقه وانقطاعه عن التوجه إلى الحقيقة إلى توجه إليها، وإن كان لمحة فسموها باسم الكلام مجازا إذا عرفت ذلك فقد عرفت آنه أراد بقوله " اللحظ كلام القلب" أي: اللحظ التفات القلب إلى غير الحق تعالى، فقد عرفت شكل القلب في كتاب "مرآة الأرواح" ثم أكثر ما يكون لحظات القلب صرفا لصاحبها إلى الدنيا.
مخ ۱۴۳