============================================================
المرصد الثاني- في تعريف مطلق العلم العلوم المستندة إلى الحس، وثبوت الاحتمال الأول لا يقدح في شيء منهما (والمعاني خصت بالأمور العقلية) كلية كانت أو جزئية، إذ المراد بها ما يقابل العينية الخارجية التي تدرك بإحدى الحواس الخمس، (فيخرج) عن حد العلم (إدراك الحواس) الظاهرة لأنه يفيد تميزا في الأمور العينية، (ومن يرى) كالشيخ الأشعري رأنه) اي إدراك الحواس الظاهرة (من قبيل العلم) كما سيأتي (يطرح هذا القيد)، قوله: (وثبوت الاحتمال الأول إلخ) يعني أن هذا التجويز جار في جميع الممكنات، ولا اختصاص له بالأمور العادية مع آن ما علم منها بالحس كحصول الجسم في حيزه لا يحتمل النقيض اتفاقا، فلا فرق بين أن يعلم كون الجبل حجرا مشاهدة، وبين آن يعلم عادة في التجويز العقلي اللازم للإمكان الذاتي، ونفي الاحتمال بحسب نفس الأمر مثلا إذا وقع أحد طرفي الممكن، فإن قيس طرفه الآخر إلى ذاته من حيث هو كان ممكنا لا في ذلك الوقت، وإن قيس ذاته من حيث إنه متصف بذلك الطرف كان متنعا لا بحسب الذات بل بحسب تقييده بما يتافيه، فهو امتتاع بالغير، وعلى هذا فالممكن المطابق يمكن نقيضه بالذات وهو معنى التجويز العقلي، ويستحيل بالغير وهو معنى نفي الاحتمال هذا نهاية التحقيق الذي افاده الشارح في حواشي شرح مختصر الأصول.
به في الحال او المآل، بإثبات الانقلاب نظرا إلى قدرة القادر أما على تبديل صفة الحجرية إلى الذهبية، أو إعدامه وإيجاد الذهب بدله سواء قصد به إظهار المعجزة أو الكرامة أم لا فالسؤال باق لتحقق الاحتمال بالمعنى الثاني، نعم لو بين إيجاب المادة حالا ومآلا لم يرد البحث فيه، قالجواب الحق أن المراد عدم احتمال ان يتبدل التميز المتعلق بشيء ما دام ذلك الشيء، وهو واقع في العلوم العادية لبقاء موجب التميز، اما إذا تبدل المتعلق فتبدل التمييز هو العلم، وبقاؤه جهل فاحتمال ذلك التبدل غير قادح في عدم الاحتمال المراد كما في الضروريات، فإن العلم بكون الكل اعظم من الجزء علم بديهي لكن ما دام الكل كلا، والجزء جزءا فاحتمال تبدله بتبدل الكلية والجزئية غير قادح فكذا فيما نحن فيه.
قوله: (إذ المراد بها ما يقابل العينية) قيل : يرد عليهم أنهم صرحوا بأن الجزئيات العينية تدرك علما كادراك زيد قبل رؤيته، وإحساسا كادراكه عند الرؤية، ومقتضى التعريف أن لا يعلم تلك الجزئيات، وأجيب بأن مثل زيد إذا أخذ جزئيا فعين، وعلى وجه كلي فمعنى ولا يدرك قبل الرؤية إلا على وجه كلي، كمال سيصرح به في مباحث العلم، فإن قلت: الأمر في إدراكه بعد غيبته عن الحواس مشكل، قلت: أجيب عنه أن المدرك في هذه الصورة أمر خيالي فلا يكون عينا، وهو لا شيء محض عند المتكلمين، فليس من الأعيان بل من قبيل المعاني لكن بمطابقته للامر الخارجي، وكونه وسيلة إلى معرفته بوجه ما اشتبه الحال .
قوله: (ومن يرى أنه من قبيل العلم إلخ) قال شارح المقاصد في مباحث العلم: والحق أن اطلاق العلم على الإحساس مخالف للعرف واللغة، فإنه اسم لغيره من الإدراكات انتهى كلامه، ويؤيده
مخ ۹۱