============================================================
مقدمة المؤلف وزنت أحدهما بالآخر لتعرف أيهما أرجح (ولا يوازي) لا يحاذي ولا يقابل بأحد (وهو غني عن أن يباهي) غيره ويفاخر (وأجل من أن يباهي) ويفاخر والمعنى أنه أجل من متعلق المباهاة أي مما يمكن أن تتعلق به فلا يتصور أن يفاخره أحد أصلا (وهو أعظم من ملك البلاد وساس) أى حفظ وضبط (العباد شانا) تمييز عن النسبة في أعظم (وأعلاهم منزلا ومكانا وأنداهم راحة وبنانا) يقال: فلان ندي الكف إذا كان سخيا (وأشجعهم جاشا) هو بالهمزة رواع القلب إذا اضطرب، وفلان رابط الجاش أى يريط نفسه عن الفرار بشجاعته. (وجنانا وأقواهم دينا وإيمانا وأروعهم سيفا وسنانا) يقال: رعته فارتاع أي أفزعته ففزع. (وأبسطهم ملكا وسلطانا وأشملهم عدلا وإحسانا وأعزهم أنصارا واعوانا، وأجمعهم للفضائل النفسية) التي أصولها ثلاثة الحكمة والعفة والشجاعة، (وأولاهم بالرياسة الأنسية من شيد) رفع وأحكم (قواعد الدين بعد أن كادت تنهدم واستبقى حشاشة الكرم) بقية روحه (حين أرادت أن تنعدم، ورفع رايات المعالي أوان) زمان (ناهزت) قاربت (الانتكاس) الانقلاب على رؤوسها (وجدد مكارم الشريعة) الفضائل التي دعي إليها في الشرع، ولو أبدل لفظ المكارم بالمعالم لكان أقعد (وقد آذنت) أعلمت (بالاندراس) بالانمحاء (محرز ممالك الأكاسرة بالإرث والاستحقاق جمال الدنيا والدين أبو إسحاق لا زالت الأفلاك متابعة لهواه، والأقدار متحرية لرضاه) هذا دعاء قد شاع في قوله: (والمعتى أنه أجل من متعلق المباهاة) المقصود من هذا التكلف دفع ما يورد عنى التركيب المذكور وأمثاله من آن ما بعد من لا يصلح أن يكون مفضلا عليه، إذ ليس يشارك ما قبلها في اصل الفعل أعني الجلالة مثلا، لم يلتفت إلى ما يقال : من أن من متعلقة بفعل يتضمنه اسم التفضيل اى متباعد في الجلالة من أن يباهي تحرزا عن لزوم استعمال أفعل التفضيل حينثذ بدون الاشياء الثلاثة كما صرح به في شرحه للمفتاح وإن أمكن أن يجاب بأن من التفضيلية محذوفة بقرينة المقام، كما في قوله تعالى: فإنه يملم السر وأخفى [طه: 7]، والمعنى هر اجل من سائر السلوك، ثم الظاهر في العبارة أن يقال : ممن يمكن لكنه أراد الوصف أي من ملك بمكن أن تتعلق به المباهاة فأورد على ما ذكر وأمثاله ما آت سورة الكافرين وغيرها.
قوله: (اصولها ثلاثة الحكمة والعفة والشجاعة) الحكمة هي التوسط في تدبير المعاش، والعفة هي التوسط بالنسبة إلى القوة الشهوانية، والشجاعة هي التوسط بالنسبة إلى القوة الغض، ومجمع الثلائة العدالة وسيفصل الشارح هذه المعاني في أواخر مباحث الكيفيات النفسانية، وتحقق أن هناك الحكمة المذكورة ها هنا ليست هي الحكمة التي جملت قسيمة للحكمة النظرية، كما توهم ولا الحكمة التي قسمت إلى العملية والنظرية.
مخ ۳۶