============================================================
مقدمة المؤلف الأول المنوع إياه (وما يتبعها) من الكمالات الثانية التي بها تتفاضل افراده بعضها على بعض (من العقل) أي استعداده لادراك المعقولات، (والعلوم الضرورية) الحاصلة له باستعمال الحواس، وإدراك المحسوسات، والتتبه لما بينها من المشاركات والمباينات، (وأهليته للنظر والاستدلال) وترقيه بذلك في درجات الكمال، (وعلمه بما امكن واستحال فإذا كماله) الأشرف الأعلى إنما هو (بتعقل المعقولات) الأولى (واكتساب المجهولات) منها، وإن كانت الأخلاق الحسنة التابعة للأعمال الصالحة كمالا له معتدا به أيضا لكن الكمالات العلمية أرفع وأسنى إذ لا كمال له كمعرفته تعالى، (والعلوم متشعبة متكثرة والإحاطة بجملتها متعسرة، أو متعذرة فلذلك) أي فلتعسر الإحاطة بل لتعذرها (افترق أهل العلم زمرا) فرقا (وتقطعوا) أي تقسموا (أمرهم بينهم زيرا) هو بفتح الباء جمع زبرة وهي القطعة من الحديد ونحوها، وبضمها جمع زبور بمعنى الكتاب أي اتخذوا أمر العلم وطلبهم إياه فيما بينهم قطعا مختلفة، أو كتبا متفاوتة دائرا أمرهم فيه (بين منقول) متخالف الأصناف (ومعقول) متباين الأطراف (وفروع) متدانية الجنوب (وأصول) متشابكة العروق، (وتفاوت) عطف على افترق (حالهم) في اقتناء العلوم (وتفاضل رجالهم) في الترقي إلى مراتبها (إلى أن قال ابن عباس) رضي الله عنهما (في درجاتهم: إنها خمسمائة درجة ما بين الدرجتين) من تلك الدرج (مسيرة خمسمائة عام)، والمراد تصوير الكثرة لا الحصر في هذه العدة (وقال بعض اكابر الأثمة واحبار الأمة) الحبر بالكسر والفتح العالم الذي يحبر الكلام ويزينه (في) بيان (معنى الخبر المشهور والحديث الماثور) المروي من أثرت الحديث إذا ذكرته عن غيرك (اختلاف أمتي رحمة) عطف بيان للخبر، وقوله (يمنى) أي يريد الرسول باختلاف أمته (اختلاف هممهم في العلوم) مقول ذلك البعض، وما بعده تفصيل لذلك الاختلاف أعني قوله (فهمة واحد في الفقه) لضبط الأحكام المتعلقة بالأفعال، (وهمة آخر في الكلام) لحفظ كون النشر بلفظه، او كقوله تعالى {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى [البقرة: 111)، فلذا اختار أو على الواو.
قوله: (أي استعداده لادراك المعقولات) قيل: الاستعداد لادراك المعقولات لا يختلف في افراد الإنسان فكيف يكون الأمر المشترك سببا لتفاضل بعض آفراد المشتركين على بعض؟
وأجيب بعد تسليم دلالة كلامه على أن كلا مما ذكر في حيز من البيانية، سبب لتفاضل الأفراد
مخ ۳۰