============================================================
المرصد الخامس - المقصد الرابع: كيفية إفادة النظر الصحيح للعلم عن الله) كما تزعمه الحكماء القائلون بانه موجب لا مختار (ولا) وجوب (عليه) أيضا كما تزعمه المعتزلة، وإنما يصح إذا حذف قيد الابتداء في استناد الأشياء إلى الله سبحانه، وجوز أن يكون لبعض آثاره مدخل في بعض بحيث يمتنع تخلفه عنه عقلا، فيكون بعضها متولدا عن بعض وإن كان الكل واقعا بقدرته كما تقول المعتزلة في أفعال العباد الصادرة عنهم بقدرتهم، ووجوب بعض الأفعال عن بعض لا ينافي قدرة كونه مختارا لوجوب العلم بعد النظر بمعنى اللزوم العقلي لمتافاته للازمه: قوله: (إذ لا وجوب إلخ) استدلال على انتفاء الوجوب عليه مطلقا باتتفاء فردية المنحصر فيهما، فلا مصادرة وليس دليلا لقوله: لا يصح مع القول إلخ أما اولا فلانه بعد ملاحظة الاستناد ابتداء، وكونه مختارا لا يحتاج الحكم بعدم صحة المذهب المذكور إلى دليل، وأما ثانيا فلأنه لا ينفي الوجوب من النظر وإنما ينفي الوجوب له كما عرفت فلا يتم التقريب.
قوله: (كما تزعمه المعتزلة) بناء على القول بالحسن والقبح العقليين.
قوله: (وإنما يصح إلخ) حصر الصحة على حذف قيد الابتداء، إذ كونه تعالى فاعلا مختارا بالمعنى المذ كور مما اتفق عليه اهل السنة بخلاف الاستناد، ابتداء فإنه قول بعض الاشعرية على ما صرح به في شرح المقاصد.
قوله: (لبعض آثاره مدخل) اي في التاثير بان يكون علة موجبة له.
قوله: (ووجوب إلخ) يعني انه قادر مختار فيه بواسطة ما يوجبه وإن لم يكن مختارا فيه ابتداء: القول بأنه تعالى قادر مختار، وإنه لا يجب عليه شيء والتقريب ظاهر فان هذا المدهب يشتمل على القول بالوجوب فإما عنه وإما عليه.
قول: (وإنما يصح إذا حذف قيد الابتداء) إنما اختار في صحة المذهب المذ كور حذف قيد الابتداء، بل حصر الصحة فيه، فلم يذكر حذف أحد القيدين الباقيين، مع أنه ذكر أولا أنه لا يصح مع القول بالأمور الثلاثة بناء على أن القول باستناد الجميع إليه تعالى ابتداء المعنى المراد ها هنا، يستلزم القول بأنه قادر مختار كما سيشير إليه الشارح في بحث القدم، وكذا يستلزم سلب الوجوب عليه تعالى لان هذا الوجوب متفرع على قاعدة التحسين والتقبيح، وهذه القاعدة تفضي إلى القول باستناد بعض الأشياء إليه تعالى بواسطة بعض كالثواب بواسطة الطاعة، فحذف كل من القيدين الأخيرين، يستلزم حذف قيد الابتداء ومما ينبغي أن يملم آنه أراد ها هنا بالاستناد ابتداء كما دل عليه سياق كلامه، ان لا يكون لبعض آثاره مدخل في بعض بحيث يمتنع تخلفه عنه عقلا كما هو مذهب الشيخ، وغيره من اهل السنة، لا أن يكون تعالى هو الموجد ابتداء اي من غير واسطة إيجاد شيء آخر، بأن يكون الله تعالى موجدا لشيء وذلك الشيء موجدا لآخر، فيكون الله تعالى موجدا لذلك الآخر، يتوسط الشيء الأول كما ذهب إليه الفلاسفة فعلى هذا يندفع أيضا اعتراض بعض الأفاضل، بأن ما ذكر من المذهب يصح، وإن لم يحذف قيد الابتداء بناء على أن معنى الاستناد ابتداء هو المعنى الأخير فلا ينافي القول بالتوليد.
مخ ۲۵۴