============================================================
المرصد الخامس - المقصد الثالث: التظر الصحيح عند الجمهور تندرج في هذه الموجبة الكلية، قلت : لا بأس بذلك فإن المقصد الأصلي هو الأنظار التصديقية لأن حالها في الإفادة مما علم يقينا، وفي نهاية العقول : أن من عرف حقيقة النظر الذى يدعي أنه يفضي إلى العلم علم بالضرورة كونه كذلك، فإنا نعني بالنظر ما يتضمن مجمورع علوم أربعة الأول العلم بالمقدمات المرتبة، الثاني العلم بصحة ترتيبها، الثالث العلم بلزوم المطلوب عن تلك المقدمات المعلومة صحتها وصحة ترتيبها، الرابع العلم بان ما علم لزومه عن تلك المقدمات كان صحيحا، ولا شك أن كل عاقل يعلم ببديهة العقل أن من حصلت له هذه العلوم الأربعة فلا بد من أن يحصل العلم حة المطلوب هذا محصول كلامه، وحاصله أن من تصور النظر من حيث أنه صحيح مادة وصورة ولاحظ معه حال اللازم منه بالقياس إليه جزم بأن كل نظر صحيح يستلزم العلم جزما بديهيا لا يحتاج فيه إلى تعقل الطرفين على الوجه الذي هو مناط قوله: (لأن حالها في الإفادة إلخ) بخلاف الأنظار الواقعة في التصورات فإن في إفادتها شبهة، ولذا انكرها الإمام.
قوله: (وفي نهاية العقول إلخ) تأييد لقوله لا بأس بذلك بأن الإمام أيضا خص بالأنظار التصديقية لكن يمكن أن يقال: إن تخصيصه بها لإنكاره الأنظار التصريرية.
قوله: (علم بالضرورة) اي بالبديهة حيث رتبه على مجرد عرفان حقيقة النظر، وإنما لم يتمرض لتصور المحمول على ما هو متاط الحكم لعدم الخفاء فيه قوله: (فرانا نعني بالنظر) أي بمعرفته كما يدل عليه السابق واللاحق، قوله: (ما يتضن مجوع علوم أربعة) تضمن معرفة حقيقة النظر الصحيح للعلوم الثلاثة ظاهر، إذ لا معنى للصحيح إلا ذلك، وأما العلم الرابع، فخارج عن حقيقة النظر مستفاد من مقدمة صادقة معلومة لنا حقيقة، وهو لازم الحق حق، وإلا لبطل اللزوم فلعله اراد بالتضمن الاستتباع، فإن هذا العلم تابع في الحصول لتلك العلوم الثلاثة .
ليس ضدا للعلم لأن اسبحالة اجتماعهما ليست لذاتيهما بل لفوات شرط العلم، وهو الحياة بالموت لأنا نقول : لو صح هذا لامتنع التضاد مطلقا، إذ ما من شيء يقدر بينهما تضاد إلا ويمكن أن يقال: امتناع الجمع بينهما ليس لذاتيهما بل لفوات شرط أحدهما وهو خلاف الإجماع.
قوله: (وفي نهاية العقول) قيل: فائدة نقل هذا الكلام تقويمه الجواب المذ كور ببيان أن الإمام أيضا صرح بالأنظار التصديقية، والتنبيه على أنه كما صرح بالجزئية صرح بالكلية أيضا، ثم إن مراده بالضرورة في قوله علم بالضرورة كونه كذلك هو البداهة لا مجرد القطع واليقين بقرينة قولهم، ولا شك أن كل عاقل يعلم ببداهة العقل إلخ واشتراطه تلخيص تصور الموضوع، أعتي النظر على ما هو مناط للحكم قرينة على ذلك ايضا.
قوله: (فإنا نعني بالنظر) أي بمعرفة معنى النظر.
مخ ۲۱۷