============================================================
المرصد الخامس المقعد الثالث: النظر الصحيح عند الجمهور بحسب الصورة فلذلك خص الدليل بالذكر (فإن أريد) بجلاء النظر وخفائه (ذلك) الذي ذكرناه (فهو لا يعرض للنظر) حقيقة بل للدليل أو المعرف (والتجوز لا يمنعه) بل يجوز أن يوصف النظر بما هو من صفات ما وقع النظر فيه، ويحمل على هذا التجوز ما وقع في كلامهم من أن هذا نظر جلي، وذاك نظر خفي (وإن أريد) بجلاء النظر وخفائه (غيره) أي غير ما ذكرنا (فلا ثبت له) أي لا دليل له يدل على ثبوته (المقصد الثالث النظر الصحيح عند الجمهور) المشتمل على شرائطه بحسب مادته وصورته (يفيد العلم ) بالمنظور فيه (عند الجمهور) واما إفادته للظن فقد قيل: إنها معفق عليها عند الكل (ولا بد) قبل الشروع قوله: (فلذلك) آي: لكونه بعيدا.
قوله: (فلذلك خص الدليل بالذكر) واندفع ما في شرح المقاصد من أن عبارة المواقف توهم اختصاص انقسامه إلى الجلي والخفي بالدليل وليس كذلك : قوله: (المشتمل على شرائطه إلخ) فسر صحة النظر بما هو سببها ليترتب الحكم عليه بإفادته للعلم من غير شبهة بل يكون بديهيا على ما نقله من نهاية العقول لا لأنه لا يصح هاهنا تفسيرها بما هو صفة، إذ لا خفاء في صحة قولنا النظر الذي يؤدي إلى حصول المطلوب يفيد العلم به في الجملة ولأنه لو كان كذلك لكان تقسيمه إلى القسمين باعتبار التادية وعدمها عبثا.
قوله: (متفق عليها إلخ) لأنه لو لم يكن مفيدا للظن أيضا لم يكن مؤديا إلى حصول المطلوب أصلا لا علما ولا ظنا فلا يكون صحيحا.
قوله: (ولا بد إلخ) فإن المذكور سابقا مهملة تحتمل الجزئية لكونها في قوتها وتحتمل الكلية بناء على أن مهملات العلوم كليات.
قوله: (فهو لا يعرض للنظر حقيقة) قيل قد ثبت بل اشتهر إطلاق النظر على تفس الأمور الرتبة فلا خفاء في صدقها عليها حقيقة وأنت خبير بان ذلك الإطلاق مجازي عند الجمهور، والكلام في اتصاف النظر الحقيقي بهما حقيقة، وقد يقال المراد بجلاء النظر وخفائه كونه مؤديا أداء واضحا سريما، أو أداء خفيا بطيئا وإن كانا مستفادين من مادة البيان وصورته، وقيل ايضا المراد بجلاء النظر كون مقدماته جلية، وهذا الكون المخصوص صفة النظر حقيقة، وكذا الكلام في الخفاء والتقل الصريح من أرباب هذه الصناعة بهذه الإرادة غير لازم لأن قولهم هذا النظر جلي وذا خفي شائع، والأصل في الكلام حقيقته فيحمل مرادهم على هذا والحق أن الجلاء والخفاء بالمعنى المتيادر منهما صفة للشيء باعتبار وتعلق العلم به فلا يوصف به النظر حقيقة لأن النظر ما يحصل به العلم لا ما يتعلق به ذلك، ويمكن ان يحمل قول الشارح على هذا وهذا بعيد فليتأمل: قوله: (المشتمل على شرائطه إلخ) كانه إشارة إلى ان ليس المراد بالصحيح هاهنا ما مروهو الذي يؤدى إلى المطلوب لأن القول بأن النظر المؤدى إلى المطلوب يؤدي إليه لغو ولا يتطرق إليه
مخ ۲۱۴