============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية خطأ بل كانت بأسرها صوابا (اجتمع النقيضان) في الواقع لصحة الدليلين حينيذ، وإذا كانت إحداهما خطا مع جزم بديهة العقل بصحتها، فقد ارتفع الوثوق عن أحكامها (فإن قيل: لا نسلم العجز عن القدح فيهما) دائما (فإن ذلك) العجز (لا يدوم ويحق الحق ويبطل الباطل) من ذينك الدليلين المتعارضين (عن كثب) أي قرب (قلنا: نحن لا ندعي العجز عن القدح دائما بل بالإطلاق فحين العجز، ولو أنا نجزم بما لا يجوز الجزم به وإنه) أي الجزم في آن بما لا يجوز الجزم به (كاف في رفع الشقة) عن أحكام البديهة (والجواب) بعد تسليم كون مقدمات ذينك الدليلين المتعارضين بديهية (إن البديهي ما يجزم به بتصور الطرفين) مع ملاحظة النسبة بينها (فيتوقف) البديهي (على تجريدهما) أى تجريد الطرفين عما لا مدخل له في ذلك الحكم، وتعلقهما على وجه هو مناط الحكم فيما بينهما (:: .ل فيه) أي في تجريد الطرفين وتعلقهما على ذلك الوجه (خللا) لوجود خفاء فيهما إما قوله: (وهي الأمور إلخ) يعني المراد بالمقدمة ما يتوقف عليه صحة الدليل ليعم الشرائط أيضا، لا ما جعل جزعا منه، والأولى تقديته في تفسير قوله بمقدماتهما.
قول: (لصحة الدليلين) وصحتهما تقتضي صحة لازميهما أعني النتيجتين المتناقضتين.
قول: (بعد تسليم الخ) أي لا نسلم ان مقدماتهما بديهية حتى يكون خطؤنا فيها موجبا لرفع الوثوق عن الأحكام مطلقا، واعلم ان خلاصة الشبهة المذكورة أن البديهة قد تجزم ببعض المقدمات مع كونها خطا، فارتفع الوثوق عن أحكامها مطلقا، وحاصل الجواب ان البديهي يتوقف على تصور الطرفين كما هو مناط الحكم، فإذا لم يتصور كذلك اخطات البديهة في ذلك البديهي، وحكمت بخلاف الواقع، وذلك لا يوجب ارتفاع الوثوق عن احكامها فيما تصور اطرافها على ما هو مناط الحكم بلا شبهة، فتدير فقد زل فيه اقدام.
منع اللزوم بين عدم الاقتدار على القدح، والجزم بالمقدمات بناء على جواز كون العجز لعدم الاطلاع على أسباب القدح، كماظن ثم المراد بالقدح ان يقال : لا نسلم فلا يرد أيضا جواز كون العجز لعدم الاطلاع على اسباب القدح لا للجزم بالمقدمات، لأن القدح بهذا المعنى لا يستدعي الاطلاع على أسبايه فإنه المنع لا يقتضي السند.
قوله: (والجواب بعد تسليم كون المقدمات إلخ) فيه بحث أما أولا فلان هذا التسليم لا يضر عدمه فإن كلام الخصم في الجزم بالبديهية بصحة المقدمات كما يدل عليه قوله: مع جزم بداهة العقل بصحتها سواء كانت المقدمات بديهية في تفس الأمر أو نظرية، وأما ثانيا فلان الكلام في الجزم الحاصل، وعدم التجريد سبب عدم الجزم بالأولي فإن سبب الجزم الغلط، ومآله إلى منع بداهة هذا الجزم الاصل، فكيف يتحقق تقرير الجواب بعد تسليم بداهة مقدمات الدليلين فتامل؟
مخ ۱۸۳