182

============================================================

المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية (كذلك) أي حاصلة بتاثير المزاج أو العادة فإن الجزم بكون الكل أعظم، أي أزيد من الجزء ليس مما للأمزجة أو العادات فيه مدخل قطعا. الشبهة (الرابعة) للفرقة المنكرة للاحكام البديهية فقط، قولهم: (مزاولة العلوم العقلية دلت على أنه) قد (يتعارض) دليلان (قاطعان) بحسب الظاهر بحيث (تعجز عن القدح فيهما وما هو) أي العجز عن القدح فيهما (إلا للجزم بمقدماتهما مع أن إحداها) أي إحدى تلك المقدمات، وهي الأمور المعتبرة في صحة الدليلين (خطا قطعا، وإلا) اي وإن لم تكن إحداها للمجيب منع استلزامه ذلك الجواز الكلي، فلا برد ان الجواب مشعر بجواز تاثيرها في بعض البديهيات، أى الأوليات وليس كذلك.

قوله: (فإن الجزم بكون الكل إلخ) هذا تبرع من المجيب ولا حاجة له إليه، لأنه مانع يكفيه مجرد الجوان فلا يرد آن لهم أن يمنعوا ذلك فإنهم ينكرون البديهيات، فلا يسمعون دعوى البداهة في عدم المدخلية للمزاج والعادة.

قوله: (بحسب الظاهر) قيد به إذ لا يمكن تعارض القواطع حقيقة.

قوله: (عن القدح فيهما ) بالمنع والتقض والمعارضة.

قوله: (إلا للجزم بمقدماتهما إلخ) أي الجزم بصحتها بداهة كما صرح به الشارح، أما الصحة فلأن الجزم بالمقدمات ليس معناه إلا الجزم بصحتها، وكونها صادقة، وأما البداهة فلأته لا يتم التقريب بدونها، إذا الجزم باحكام النظر مع كونه إحداهما خطا يوجب ارتفاع الوثوق عن أحكام البداهة، وهذه مقدمة ثانية للدليل معطوفة على قوله مزاولة العلوم العقلية إلخ، وذلك لأنه لولا الجزم بها لكان لنا القدرة على القدح فيها ولا أقل من المنع: على التنزل، او يقال: سلب الدلالة على جواز الإيجاب الكلي لا ينافي سلب الدلالة على جواز الايجاب الجزئي، حتى يرد الاعتراض، نعم تعرض للأول ليكون رد المدعي الخصم صريحا، والحق أن المراد من القضايا البديهية القضايا المعدودة منها، وحيتثذ لا محدور فتأمل.

قوله: (ليس مما للأمزجة أو العادات إلخ) لهم أن يمنعوا بذلك فإنهم ينكرون البديهيات فلا يسمعون دعوى البديهة في عدم المدخلية للمزاج أو العادة، والحق أن هذا وسائر ما ذكر من قبل في إثبات كون البديهيات موثوقا بها، إنما پنتهض على من يمترف بمعلومية المقدمات البديهية أو المنتهية إليها المذكورة في صدد الإثبات لا على من انكرها، وقد سبق الإشارة إلى مثله في الاستدلال على ان الكل ليس بنظري: قول: (وما هو إلا للجزم بمقدماتها) الواو في قوله وما هو حالية والجملة قيد لما قبلها، حصول الكلام أنه قد يتعارض قاطعان بحيث يمجز عن القدح بهذا السبب، وليس المراد أن العجز في جسيع مواقع التعارض لذلك ثم المراد من القدح أن يقال: لا نسلم إذا نظر إلى كل واحد لدليلين من قطع النظر عن الآخر المعارض، وهذا ظاهر الوجوه، فعلى هذا التقدير لا يرده

مخ ۱۸۲