Shama'il al-Rasul
شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
خپرندوی
دار القمة
د ایډیشن شمېره
-
د خپرونکي ځای
الإسكندرية
ژانرونه
النهار، ولم يحلّ ذلك لأحد غيره، وحتى نتصور كم تعدّ هذه مكرمة للنبي ﷺ يلزم أن نعرفه حرمة مكة، وهي الفائدة التالية.
الفائدة الثانية:
عظيم حرمة مكة، ويتبين ذلك من الأمور التالية:
١- أن الله- ﷾ هو الذي حرم مكة، لما ورد في الحديث: «إن مكة حرمها الله»، أي: لم يكن تحريمها باجتهاد من أحد، وإضافة تحريمها إلى الله- ﷾ يدل على تعظيم هذا التحريم وغضب الله- ﷾ لمن انتهكه، وقد أكد النبي ﷺ هذا الأمر بقوله: «ولم يحرمها الناس» .
قال الإمام ابن حجر ﵀: (وما ذكر من حديث أنس في البخاري: «إن إبراهيم حرم مكة» . فمعناه: أنه حرم مكة بأمر الله تعالى لا باجتهاده، أو أن الله قضى يوم خلق السماوات والأرض أن إبراهيم سيحرم مكة، أو أن المعنى: أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس) «١» .
٢- لم تكن مكة في يوم من الأيام حلّا قطّ فتحريمها كان مع خلق السماوات والأرض كما أنها لن تكون حلا أبدا إلى يوم القيامة، ورد في إحدى روايات البخاري: «فإن هذا بلد حرم الله يوم خلق السماوات والأرض وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة» «٢» .
٣- لم يكن إحلال مكة للنبي ﷺ باجتهاد منه لضرورة الفتح، وإنما كان بإذن من الله ﷿، وقد نص الحديث على ذلك: «إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم» .
٤- مما يوضح عظيم حرمة مكة- حفظها الله وزادها شرفا- أن الله لما أذن لرسوله ﷺ بالقتال فيها لم يكن الإذن مفتوحا بل كان إذنا مقيدا بوقت معين للضرورة فقط ثم عادت حرمتها مباشرة، ورد بالحديث: «وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس» .
٥- إرادة الله- ﷾ الشرعية إبلاغ الأمة كلها أن حل الحرام لساعة من نهار إنما كان أمرا خاصّا بالنبي ﷺ وعادت بعدها حراما إلى يوم القيامة، مع إقامة الحجة على كل من أراد الترخص بما حدث للنبي ﷺ، ورد في الحديث: «وليبلغ الشاهد الغائب» .
وورد أيضا: «فإن أحد ترخص لقتال الرسول ﷺ فيها فقولوا....» .
(١) انظر «فتح الباري»، (٤/ ٤٣) . (٢) البخاري، كتاب: الحج، باب: لا يحل القتال بمكة، برقم (١٨٣٤)، من حديث ابن عباس ﵄.
1 / 236