المعروفون بالمترنمين
Lollards
لأنهم كانوا يترنمون بالصلوات وأناشيد الضراعة والابتهال، فقد كان هذا الواعظ الفيلسوف يخوض معركة الجدل بين أنصار مذهب الواقعية
Realism
وأنصار مذهب الاسمية
Nominalism
ويسترعي إليه أسماع العامة بزهده وغيرته وأسماع الخاصة ببلاغته ومضاء حجته، وما زالت دعوته تشتد وتشيع حتى أقلقت رؤساء الدولة والدين فحاربوها وكادوا يسكتونها، ولكن بعد أن هيأت العقول في البلاد لقبول ثورة أشد وأبقى منها، وهي الثورة البروتستانتية، وفي أعقابها ثورة المتطهرين التي قبضت على زمام الحكم في عهد الملك شارل الأول وجمعت إليها طبقات الأمة من النبلاء ومن تابعوهم من حواشيهم متابعة الطاعة العمياء.
ومن الواضح أن عصرا كعصر النهضة خليق بأسبابه العامة أن يعم الأمم الأوروبية ولا ينحصر في ناحية منها دون سائر نواحيها؛ لأنه كان ينبعث من حركة العلماء والرهبان الذين هاجروا من بلاد الدولة البيزنطية إلى أقطار أوروبة الشرقية والوسطى بعد سقوط القسطنطينية في أيدي العثمانيين، وسبقهم من الطرف الآخر تلاميذ العرب في غرب القارة بفرنسا وفي جنوبها بالأندلس وصقلية، وراحوا يتنقلون جميعا في بقاع الشرق والغرب والجنوب التي ارتفع فيها السخط من داخلها على فساد السلطة الدينية والدنيوية، فلم تسمع بين أمم القارة صيحة إصلاح واحتجاج إلا قابلتها صيحة مثلها من سائر الأمم تلبيها أو توافقها في الزمن لأسباب مثل أسبابها وإلى وجهة قريبة من وجهتها.
غير أن الجزر البريطانية قد اجتمعت لها في عزلتها أسباب خاصة - مع هذه الأسباب الأوروبية العامة - جعلتها في ثورة مطبقة تشترك فيها بجملتها فضلا عن الثورة التي كانت تعتلج في نفوس المحكومين منها على حكامها وسادتها.
فهي في عزلتها كانت بعيدة من سيطرة رومة، قريبة من معاهد العلم في أوروبة الغربية، فخف طلاب المعرفة من أذكيائها إلى مدارس إسبانيا وفرنسا وصقلية ونبغ منهم حوالي القرن الثاني عشر نفر لا يساويه في عدده ولا في علمه نظراؤهم من الأمم الأوروبية الأخرى، ويذكر في طليعتهم أديلارد أوڤ بات، ودانيال أوڤ مورلي، وروجر أوڤ هيرفورد، وإسكندر نكوام. ويليهم: رائد المدرسة التجريبية الحديثة روجر باكون (1214-1292) أستاذ سكوتس زعيم الاسميين، وأكهام زعيم الواقعيين الذي كان لوثر يفخر بالانتساب إليه، فيقول: «أستاذي العزيز أكهام.»
ناپیژندل شوی مخ