ولقد أعدته أربابه الوثنية في ساعة التجلي ليأوي إلى جزيرة زمردية في صفاء لون السماء، يتجسم في نضرتها الخالدة طيف الأمل المستجاب، وما كان ينظر إلى الأبدية إلا كما ينظر إلى جزيرة تختتم عندها الحياة اليومية، كما تختتم السمفونية الإلهية في نهايتها، ويئوب إليها الحي مآب الملاح المشوق إلى الملاذ الموموق. وطالما رأيته في الحلم على صورة ربان قرصان يسيطر على ذخائر البحر جمعاء، بين رباتها وسحبها وآكام مرجانها، وعرائسها، ومنازل نجومها وشموسها ولآلئها ورياحها.
رياحها التي تحيل حرير السماء الأزرق وما تضرجت به أعلام أرباب البحر الحمراء.
روزاليا دي كاسترو
Rosalia De Castro
2
تمطر السماء في جميع أنحاء جليقية، وتشتبك الأرض بالسماء في ذلك القلب الرباعي التجاويف الذي تجري فيه دوافق الأمطار، وإن هذا القلب الموار ليحيط بجوانب جليقية جمعاء !
وفي القرى تتناسق الكنائس التي ضربتها الأمطار زمنا، فاسودت بين حالكة وأحلك منها تمج روائح الرطوبة من هذه الحظيرة الآدمية.
ووقفت روزاليا كاسترو على باب دارها في ثوب الحداد تفكر في حقلها: دلو من الذرة والعنب والغلال، يجري إلى جوارها الماء.
وترى روزاليا المطر يتدفق على الخضرة الناعمة، وعلى الثرى المبتل، وعلى الماء الوحل! وترى البقرة تخوض في ذلك الوحل، كما ترى ذلك اليافع الشاحب الذي يحييها وهو عابر في سبيله، وكما ترى الحاج الأشعث، والقس الأغبر، والطفلة المعتلة، والمركبة ذات الأنين، وتستمع إلى دقات الأجراس تكاد تغرق في الهواء المطير.
أجراس بسطابل.
ناپیژندل شوی مخ