النفس ، وزمها وحفظها من الإنزلاق في مهاوي الشهوات ، والنزوات في مثل هذه الفترة لهو أمر جد عسير ، ولو أن الانسان حرم من تربية عائلية صحيحة مستقيمة كان عليه أن ينتظر مصيرا سيئا ، ومستقبلا في غاية البؤس والشقاء.
فترة الشباب في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
ليس من شك في ان فتى قريش « محمد » صلى الله عليه وآله وسلم كان يتمتع في أيام شبابه بصحة جيدة ، وقوة بدنية عالية ، وكان شجاعا قويا ، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد تربى في بيئة حرة بعيدة عن ضوضاء الحياة ، وفتح عينيه في عائلة اتصف جميع أفرادها واعضائها بالشجاعة والفروسية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر كان يمتلك ثروة « خديجة » الطائلة فكانت ظروف الترف ، والعيش الشهواني متوفرة له بشكل كامل ، ولكن كيف ترى استفاد من هذه الامكانات المادية هل مد موائد العيش واللذة وشارك في مجالس السهر والسمر واللهو واللعب. واطلق العنان لشهوته ، وفكر في إشباع غرائزه الجنسية كغيره من شباب ذلك العصر ، وتلك البيئة الفاسدة.
أم أنه اختار لنفسه منهجا آخر في حياته ، واستفاد من كل تلك الإمكانات في سبيل تحقيق حياة زاخرة بالمعنوية ، الأمر الذي تبدو ملامحه بجلاء لمن تتبع تلك الفترة الحساسة من تاريخه.
ان التاريخ ليشهد بأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعيش كما يعيش أي رجل ، رجل عاقل لبيب وفاضل رشيد ، وأنه طوى تلك السنوات الحساسة من حياته كأحسن ما يكون ، بعيدا عن العبث والترف والضياع والانزلاق إلى الشهوات والانسياق وراء التوافه.
بل ان التاريخ ليشهد بأنه كان اشد ما يكون نفورا من اللهو ، والعبث ، والترف والمجون فقد كانت تلوح على محياه دائما آثار التفكر والتأمل ، وكثيرا ما كان يلجأ إلى سفوح الجبال أو الكهوف والمغارات للابتعاد عن الجو الإجتماعي الموبوء في مكة ، يلبث هناك أياما يتأمل فيها في آثار القدرة الآلهية ،
مخ ۲۷۶