قال: أحمد فيه: إن بعض أحاديثه مناكير، وكذلك عكرمة رمي بالكذب، وقد ظهر سبب ذلك فإن ابن حجر ذكر أن عكرمة أتهم بمذهب الخوراج فرمي بالكذب في العقيدة لذلك، ومحمد بن إبراهيم قد عدله الأكثرون وتلقي خبره بالصحة، وأما أن في بعض أحاديثه مناكير فمن القاعدة إذا قد شارك الثقة العدل في أكثر أحاديثه غيره من الثقات ثم تفرد بحديث لا يعد تفرده فيه من الأحاديث المنكرة أصلا كما حققه مسلم في مقدمة كتابه صحيح مسلم، والمذكور قد شارك الحفاظ في كثير من أحاديثهم، وقد أشبع الفصل والرد على الدار قطني، وتكلم في بعض رجال الحديث في الصحيحين ابن حجر أول فتح الباري في مقدمته وأجاب عن كل رجل بكل ما فيه وبين الوجه في ذلك بما لا مزيد عليه. وكذلك الشيخ محمد بن أسعد بن علي بن هاشم بن علي بن عروان القرشي الهاشمي المكي الشافعي، والذهبي أيضا أفرد كتابا لطيفا مستقلا فيمن ذكره من رجال الصحيحين وغيرهم من الثقات في الميزان، وبين أن ذلك الكلام قيل فيهم ولا يضرهم ولا يكون جارحا فيهم وإنما ذكرهم في الميزان لئلا يتعقب في ذلك لا لضعفهم، ثم إنه قد روى عنهم أهل الكتب المعينة التي قصر ابن سعد الدين الحديث عليها دون غيرها، فإما كانوا عدولا وزال الإشكال، أو ضعفا وترك الحديث بالمرة؛ فإن عكرمة كثيرا ما يروي عنه المؤيد بالله في "شرح التجريد" وغيره، ولو كان عكرمة خارجيا لما روى الحديث عن الصحابة أصلا لأنهم لا يستحلون رواية الحديث عن أحد من الصحابة بعد التحكيم.
وأما ما تكلم فيه هو عن جماعة من المتأخرين قد رد عليه ابن السبكي في "طبقاته الكبرى"، وقال: ذلك كان منه لأجل أنه كان مذهبه في الأصول على رأي الحنابلة، وقد عرف ما وقع من الخلاف بين الحنابلة والأشاعرة في علم الكلام مما ليس هذا محل ذكره.
إن قيل: فيلزم من هذا أن لا يقبل جرح كثير من الرجال لأنه يحتمل مثل هذا فكما لا يقبل في رجال الصحيحين كذلك في رجال غيرها.
مخ ۲۱