[139] قال أبو العباس الوليد : وقد سمعت من شهد ذلك اليوم - يعني يوم قاتل ابن أسيد الخزر - في ولاية بني العباس (ccclv[355])، قال : وركب ابن أسيد على بغلة له شهباء ، وقد تعبأ الناس وتهيأوا ووطنوا أنفسهم على القتال ، وأقبل ابن أسيد على الناس بوجهه ، فوعظهم وحرضهم ، وقال لهم في ما يقول: يا معشر المسلمين وأبناء المهاجرين والشهداء إن الله قد أنعم عليكم وأحسن إليكم أن رزقكم الله هذا الأجر ، وساقكم إلى هذا الموضع ، وجعلكم ممن يختم عمره بالشهادة في سبيله ؛ التي يكفر بها ذنوبكم ، ويدخلكم بها الجنة ، ويزوجكم من الحور العين ، وقابلوا الله في هذه المواطن بالحسنى ، واستحيوا من الله أن يطلع من قلوبكم على ريبة أو خذلان أو فرار من الزحف ، فإن الله مقبل عليكم بوجهه ، وقد اطلعت عليكم الحور العين ، وزخرفت الجنة ، وأنتم أبناء الشهداء ، ومن فتح الله بهم القلاع والمدائن والحصون وجزائر البحور ، وليس موت بأكرم من القتل ، فلا يحدثن إنسان نفسه أن تزول قدماه من مكانهما لفرار ولا هرب ، فوالله لو فعل ذلك فاعل منكم ليخطفه أهل هذا الجبل وهذه الأمم ولكانوا أعدى العدو له ، فاستودعوا دماءكم هذه البقعة فإنها بقعة طيبة ساقكم الله إليها وأكرمكم بها ، واعلموا أنه آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة ، وإنما تقاتلون من لا يعرف الله ولا يوحده ومن يعبد الشمس والنار ويأكل الميتة ، لا يعرف له ربا نادا عن التوحيد وأهله ، فلتصدق نيتكم ، وليحسن ظنكم بثواب ربكم ، وإنجاز موعده لكم ، وقد استخلفت عليكم عبد الرحمن بن أسيد إن أصابتني مصيبة ، ثم تقدم ابن أسيد إلى كل جند في الصف فكلمهم بهذا الكلام ، ثم انصرف إلى الميسرة فكلمهم بمثل ذلك، ثم رجع إلى موضعه فنزل عن دابته ، وذكر الحديث(ccclvi[356]).
مخ ۸۶