[123] محمد بن عائذ ، عن الوليد ، قال : وأخبرني عبد الرحمن بن جابر: أن هشاما تابع إغزاء معاوية بن هشام (cccxix[319]) الصائفة سنين ، يفتح له فيها الفتوح، حتى توفي معاوية بن هشام ، ثم ولي بعده سليمان بن هشام (cccxx[320]) الصوائف سنيات لا يليها غيره ،فخرج في سنة من ذلك في بعث كثيف ، ووجه مقدمته في ثمانية آلاف ، عليها مالك بن شبيب(cccxxi[321]) ، وأصحبه البطال ، وأمره بمشاورته والأخذ برأيه ، فخرج معه حتى وغل في أرض الروم ... قال ابن جابر: فحدثني من سمع البطال يخبر مالك بن شبيب وهو بأقرن (cccxxii[322])، أن بطريق أقرن أرسل إليه ، لصهر بينه وبينه ، أنه يأتيه حتى يكلمك بكلام لا تحتمله الرسالة ، قال : فخرجت إليه حتى كلمني من بين شرافتين ، وهو يحسب أني أمير الجيش ، قال : وفي كم أنت ؟ فقلت : في كذا وكذا ألفا ، وزدت ، فقال: ما أدري ما تقول ، إلا أن أصحابك أقل مما قلت ، وبيننا وبينك من الصهر ما قد علمت ، وهذا إليون قد أقبل في نحو من مائة ألف ، وهو يريدك ، لما بلغه من قلة جيشك ، فما كنت صانعا فاصنعه في يومك هذا ، فإني قد أخبرتك الخبر ، فانظر لنفسك ، وها أنا قد أخبرتك الخبر فانظر لنفسك ومن معك ، قال : فما الرأي ؟ قال : الرأي أن تأتي إسناده ، فإنها مثغرة مفتوحة ، فتدخل فيها ، وتشد من ثغرها ، وتقاتلهم من وجه واحد ، حتى يأتيك سليمان بن هشام بالصائفة ، فقال من عند مالك من قومه : أراد والله العلج أن يلحق بك سماعها وعيبها ، فأخذ مالك بقولهم ، فقام عنه البطال ، ومضى مالك يومه ذلك ، ومن الغد ، فبينا هو يسير إذ أشرف على أرض رأى فيها سوادا ، فقال : غيضة! فقال البطال : كلا ، ولكن ليون في جيشه ، وما ترى من السواد الرماح وآلة الحرب ، قال : الرأي ؟ قال : اليوم ، وقد تركته بالأمس ! ، قال : الرأي أن تلقاه فتقاتله حتى يحكم الله ، قال : ولقيناه ، فقاتل مالك ومن معه حتى قتل في جماعة من المسلمين ، والبطال عصمة لمن بقي من الناس ، ووال عليهم(cccxxiii[323]).
مخ ۷۶