[121] ابن عائذ ، عن الوليد ، قال : سمعت عبد الله بن راشد مولى خزاعة (cccxiv[314]) ، يخبر عن من سمعه من البطال ، يخبر أن هشاما ، أو غيره من خلفاء بني أمية كان قد استعمله على ثغر المصيصة(cccxv[315]) وما يليها ، وأنه راث عليه خبر الروم ، فوجه سرية لتأتيه بالخبر عن غير إذن من الوالي ، قال البطال : فتوجهوا وأجلتهم أجلا ، فاستوعبوا الأجل ، فأشفقت من مصيبتهم ، ولائمة الخليفة ، وضعف أميرهم ، فخرجت متوحدا ، حتى دخلت في الناحية التي أمرتهم بها ، فلم أجد لهم خبرا ، فعرفت أنهم أخبروا بغفلة أهل ناحية أخرى ، فتوجهوا إليها ، وكرهت أن أرجع ولم أستنقذهم مما هم فيه ، إن كان عدو يكاثرهم ، أو أعرف من خبرهم ما أسكن إليه ، فلم أجد أحدا يخبرني بشيء ، فمضيت حتى أقف على باب عمورية(cccxvi[316]) ، فآمره بفتح الباب ، ففعل ، وأدخلني ، فلما صرت إلى بلاطها وقفت ، وأمرت من يشد يدي إلى باب بطريقها ، ففعل ، ووافيت باب البطريق قد فتح ، وجلس لي ، ونزلت عن فرسي وأنا متلثم بعمامتي ، فأذن لي ، ومضيت حتى جلست على مثال إلى جانب مثاله ، فرحب وقرب ، وقلت : أخرج من أرى ، فإني قد حملت إليك ، فأخرجهم ، وشددت عليه حتى غلق باب الكنيسة وعاد إلى مجلسه ، واخترطت سيفي فضربت به على رأسه ، فقلت له : قد وقعت بهذا الموضع ، فأعطني عهدا حتى أكلمك بما أردت حتى أرجع من حيث جئت لا يتبعني منك خلاف ، ففعل ، فقلت : أنا البطال ، فاصدقني عما أسألك عنه وانصحني ، وإلا أجهزت عليك ، فقال : سل عما بدا لك ، فقلت السرية ؟ فقال : نعم ، وافت البلاد غارة لا يدفع أهلها يد بالأمس ، فوغلوا في البلاد ، وملأوا أيديهم غنائم ، وهذا آخر خبر جاءني أنهم بوادي كذا وكذا ، فصدقتك ، وليس عندي من خبرهم غير هذا . فغمدت سيفي ، وقلت : ادع لي بطعام ، فدعا ، ثم قمت ، وقال : اشتدوا بين يدي رسول الملك حتى يخرج ، ففعلوا ، وقصدت إلى السرية حتى قدمت عليهم وخرجت بهم بما غنموا ، فهذا أعجب ما كان(cccxvii[317]).
[122] قال : ونا الوليد ، قال : وأخبرني بعض شيوخنا ، قال : رأيت البطال قافلا من حجه السنة التي قتل فيها رحمه الله ، وهو يخبر أنه لم يزل فيما مضى من عمره مشتغلا عن حجة الإسلام بما فتح له من الجهاد ، وسأل الله الحج والشهادة ، فإن الله قد قضى عنه حجته ، وهو يرجو أن يرزقه الشهادة في عامه هذا ، ثم مضى إلى منزله ، وغزا من عامه فاستشهد(cccxviii[318]).
مخ ۷۵