قال : وأنا الوليد ، قال : فحدثنا مرزوق بن أبي الهذيل ، أو غيره ، قال : لم يرع هشام بن عبد الملك وهو ينظر في شيء من ضيعته التي يقال لها الزيتون إلا ومروان قد خرج عليه لم يستأذنه ولم يعلم به حتى رآه فأفزعه ذلك ، وقال : ويحك ، مروان ! قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : فردد هذا القول عليه مرارا، قال : يا أمير المؤمنين ضقت صدرا بما ساء ذكره لأمير المؤمنين ، قال : فلم أر أن يكون في كتاب ، ولا أبوح به إلى أحد فترى فيه رأيك ، قال : ومم ذاك ؟ قال : إنه قد كان من غزو صاحب خزر أمير المؤمنين والمسلمين ما كان ، فساح في بلاده ، وقتل عامله ، وانتهك من حرمة الإسلام ما قد علمه أمير المؤمنين ، ثم قفل إلى بلاده وقد أبقى على المسلمين عارها ما كانوا ، ثم كان من رأي أمير المؤمنين في توجيه مسلمة بن عبد الملك ما قد علمه أمير المؤمنين ، فوالله ما وطئ من بلادهم إلا أدناها ، وما صنع شيئا ، ولقد أخرجه كسعا كالمنهزم ، فلا يزال عار ذلك فينا وفيهم ما كانوا ؛ وذلك أن مسلمة لما رأى من جموعه وكثرة من معه أعجبه ذلك ، فكتب إليه يؤدبهم لحربهم ويتهددهم بجموعه ، ثم أقام بعد كتابه نحوا من ثلاثة أشهر ، وقد جمعوا جمعا لم يكن به طاقة ، وقد رأيت أن يأذن لي أن أغزوهم غزوة أطأ فيهم حريمهم ، وأنتقم للمسلمين منهم ، فقال : قد أذنت لك ، قال : فأمدني عليهم بعشرين ومائة ألف فارس رامح ، فقال : قد فعلت ذاك وهم آتوك ، قال : ويكتم ذاك أمير المؤمنين من خاصته وعامته ؛ فإني لو قدمت البلاد أذعت محاربة أمة من الأمم ممن حولنا غيرهم ، فإذا قدمت الجنود وفرغت من أمورهم اغتررتهم بالدخول عليهم ، قال : فافعل ، فودعه وانصرف ، فلا يدري أحد ما كلمه به من ذلك(cclxxxvi[286]).
مخ ۶۵