والمرأة الحربية لا يجوز قتلها في غزوة هي فيها مستسلمة لكونها قد قاتلت قبل ذلك فعلم أن السب بنفسه هو المبيح لدمائهن لا كونهن قاتلن.
الوجه الرابع: أن النبي ﷺ آمن جميع أهل مكة إلا أن يقاتلوا مع كونهم قد حاربوه وقتلوا أصحابه ونقضوا العهد الذي بينهم وبينه ثم إنه أهدر دماء هؤلاء النسوة فيمن استثناه وإن لم يقاتلن لكونهن كن يؤذينه فثبت أن جرم المؤذي لرسول الله ﷺ بالسب ونحوه أغلظ من جرم القتال وغيره وأنه يقتل في الحال التي نهي فيها عن قتال من قتل وقاتل.
الوجه الخامس: أن القينتين كانتا أمتين مأمورتين بالهجاء وقتل الأمة أبعد من قتل الحرة فإن النبي ﷺ نهى عن قتل العسيف وكونها مأمورة بالهجاء أخف لجرمها حيث لم تقصده ابتداء ثم مع هذا أمر بقتلهما فعلم أن السب من أغلظ الموجبات للقتل.
الوجه السادس: أن هؤلاء النسوة إما أن يكن قتلن بالهجاء لأنهن فعلنه مع العهد الذي كان بين النبي ﷺ وبين أهل مكة فيكون من جنس هجاء الذمي أو قتلن لمجرد الهجاء مع عدم العهد فإن كان الأول فهو المطلوب وإن كان الثاني فإذا جاز أن تقتل السابة التي لا عهد بيننا وبينها يمنعها فقتل الممنوعة بالعهد أولى لأن مجرد كفر المرأة وكونها من أهل الحرب لا يبيح دمها بالاتفاق على ما تقدم لاسيما والسب لم يكن بمنزلة القتال على ما تقدم.
فإن قيل: ما وجه الترديد وأهل مكة قد نقضوا العهد وصاروا كلهم محاربين.
قيل: لأن النبي ﷺ لم يستبح أخذ الأموال وسبي الذرية