كما فعل نبينا صلى الله عليه وآله في القرآن فعلمنا بإضافته له إلى ربه أنه كلامه، فصار جميع القرآن دالا على الأحكام، وطريقا إلى العلم.
فأما الطريق إلى معرفة كون الخطاب، مضافا إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام فهو المشافهة والمشاهدة لمن حاضرهم وعاصرهم، فأما من نأى عنهم، أو وجد بعدهم ، فمن الخبر المتواتر المفضي إلى العلم المزيل للشك والريب، وهاهنا طريق آخر يتوصل به إلى العلم بالحق، والصحيح في الأحكام الشرعية، عند فقد ظهور الإمام، وتمييز شخصه، وهو إجماع الفرقة المحقة، وهي الإمامية التي قد علمنا أن قول الإمام - وإن كان غير متميز الشخص - داخل في أقوالها، وغير خارج عنها، فإذا أطبقوا على مذهب من المذاهب علمنا أنه هو الحق الواضح، والحجة القاطعة، لأن قول الإمام هو الحجة في جملة أقوالها، فكأن الإمام قائله ومتفرد به.
ثم قال السيد المرتضى بعد شرح وإيراد طويل حذفناه: فإن قيل: فما تقولون في مسألة شرعية اختلف فيها قول الإمامية، ولم يكن عليها دليل من كتاب أو سنة مقطوع بها، كيف الطريق إلى الحق فيها؟ قال: قلنا هذا الذي فرضتموه قد أمنا وقوعه، لأنا قد علمنا أن الله تعالى لا يخلي المكلف من حجة وطريق للعلم بما كلفه، وهذه الحادثة التي ذكرتموها إذا كان لله تعالى فيها حكم شرعي، واختلفت الإمامية في وقتنا هذا، فلم يمكن الاعتماد على إجماعهم الذي يتفق بأن الحجة فيه لأجل وجود الإمام في جملتهم، فلا بد من أن يكون على هذه المسألة دليل قاطع، من كتاب أو سنة مقطوع بها، حتى يفوت المكلف طريق للعلم يصل به إلى تكليفه. اللهم إلا أن يفرض وجود حادثة ليس للإمامية فيها قول على سبيل اتفاق واختلاف، وقد يجوز عندنا في مثل ذلك إن اتفق أن يكون لله تعالى حكم شرعي، فإذا لم نجد في الأدلة الموجبة للعلم طريقا إلى علم حكم هذه الحادثة، كنا فيها على ما يوجب العقل وحكمه.
مخ ۴۹