وتخلص أخي من قبضة يدي بجهد وهو يرمقني بقلق وانزعاج، على حين تداني منا عمي وهو يقول: أين كنت يا كامل؟ لقد بحثنا عنك في كل مكان فلم نعثر على أثر .. فرددت بصري بينهما، ثم ألقيت على السرادق نظرة غريبة وغمغمت: أحق هذا؟
فقال لي عمي: تمالك نفسك وكن رجلا.
فسألت أخي في همس وإشفاق: ماتت حقا؟ .. كيف؟ متى علمتم؟
فقال مدحت في كآبة: تلقيت برقية في التاسعة صباحا. هذا قضاء ربنا. أين كنت؟ لشد ما أرعبني أن نضطر إلى الخروج بالجنازة في غيابك.
فصحت به في غضب: فيم هذه العجلة؟ لماذا لم تؤجلوا الجنازة إلى غد؟
فقال أخي معترضا: أكد الطبيب أن الوفاة حصلت عند منتصف الليلة البارحة؛ فقر رأينا على أن نخرج الجنازة اليوم.
وارتعد جسمي المحموم وتمتمت في ذهول: منتصف الليلة البارحة؟ ولكني رأيتها نائمة في فراشها هذا الصباح!
ولاحت في عيني مدحت نظرة حزينة وقال برثاء: لم تكن نائمة. إنه القلب يا كامل.
تخيلت صورة ما بدا لي في وجهها من قنوط، وأطرافي ترتعش، وأعملت ذاكرتي لأستحضر الصورة كما رأيتها، وساءلت نفسي: أكان وجه ميت حقا؟!
وخارت قواي، ثم قلت بصوت ضعيف: أريد أن ألقي عليها نظرة الوداع!
ناپیژندل شوی مخ