91

ثم حرك سمينوف ببطء وبجهد جاهد شفتيه المصمغتين وتقبض وجهه كأنما يبتسم وسمع النظارة صوتا أجوف منكرا يخرج من أعماق صدره - وكأنه خارج من نعش - يقول: «أيها الشيخ الأحمق!»

وعيناه تنظران شزرا إلى القسيس وشاعت الرعدة في جسمه ودار حملاقاه كالمجنونين في كهفيهما وتمطى ...

وسمعوا جميعا كلماته الثلاث ولكن لم يتحرك منهم أحد وغاضت - لحظة - من وجه القسيس السمين الرطب آية الحزن وتلفت حوله في قلق غير أن لحظه أخطأ كل عين. وكان سانين وحده يبتسم.

وحرك سمينوف شفتيه ثانيا غير أنه لم يخرج منهما صوت واسترخى أحد شاربيه الخفيفين وتمطى مرة أخرى، وصار في رأى العين أطول وأفظع. وانقطع كل صوت وكل حركة. ولم يبك أحد الآن، فقد كان نزول الموت أهول من ترنيقه، وكأنما كان من الغريب المعجب أن ينتهي منظر ملفت كهذا بمثل تلك السرعة والبساطة.

فظلوا برهة وقوفا إلى السرير يتأملون معارف وجهه الميتة النافقة وكأنهم يتوقعون أن يحدث شيء جديد وراحوا - لكي ينبهوا في نفوسهم الإحساس بالهول والمرثية - يرقبون نوفيكوف وهو يغمض أجفان الميت ويضع له يديه على صدره.

ثم خرجوا في سكون وحذر. وكانت المصابيح قد أضيئت في الممر وبدا لهم كل شيء مألوفا فخلصت أنفاسهم.

وكان القسيس أول الخارجين فمضى بخطوات قصيرة وأراد أن يقول شيئا على سبيل العزاء للإيضاع من الحاضرين فتنهد وقال بصوت رقيق: «وا أسفاه! إنه لأمر محزن جدا! وفي مثل هذا الشباب أيضا. وا أسفاه! ومن الواضح أنه مات غير تائب ولكن الله رحيم.»

فقال شافروف وكأنه يليه متوخيا الأدب: «نعم، نعم بالطبع.»

فسأل القسيس: «أتعرف أسرته ما حدث.»

فأجابه شافروف: «لست أدري.»

ناپیژندل شوی مخ