158

ومضى هو فقال: «إني أعرف كل شيء يا ليدا بتروفنا. ولكن حبي لك باق على عهده. وربما أحببتني يوما ما فقولي لي هل تقبلينني زوجا؟»

وقال لنفسه: «خير لي أن لا أكثر من الكلام في هذا إذ لا ينبغي أن تعرف أي تضحية أبذلها من أجلها.»

فصمتت ليدا فكان المرء يسمع خرير الماء في هذا السكون وعاد نوفيكوف إلى الكلام فقال: «إننا شقيان يا ليدا. ولعل الحياة تعود أخف محملا إذا كنا معا.» وكانت هذه الكلمات خارجة من أعماق قلبه ففاضت عينا ليدا بدموع الشكر وهي تميل إليه وتقول: «لعل وعسى.»

على أن عينيها قالتا له: «ويعلم الله أني سأكون زوجة صالحة وأني سأحبك وأحترمك.»

ففهم نوفيكوف ما قالت العينان فهوى إلى ركبتيه وتناول يدها وأمطرها قبلات حارة، فأجاشت هذه العاطفة نفس ليدا فنسيت عارها وحدثت نفسها «أن قد انقضى ومضى ذلك الأمر وسأسعد مرة أخرى. فيا لك من رجل طيب!»

وأبكاها الفرح فآتته كلتا يديها وانحنت على رأسه ولثمت شعره الناعم الحريري الذي كانت تعجب به، ومثلت لعينها صورة سارودين ولكنها لم تظهر حتى غابت.

ولما عاد سانين بعد أن أفسح لهما الوقت للتفاهم ألفاهما جالسين وأيديهما مشتبكة وهما يتحدثان بصوت خافت هادئ.

فقال سانين بهيئة الجاد: «آها! اشكرا الله واسعا.»

وكان يهم أن يقول شيئا آخر ولكنه عطس بدل أن يتكلم ثم قال ومسح عينيه: «إن الجو هنا رطب فاحذر البرد.»

فضحكت ليدا وتجاوب ما وراء النهر بصدى صوتها الفاتن ثم قال سانين بعد فترة: «سأذهب عنكما.»

ناپیژندل شوی مخ