وذكرت بقول السيد قدس سره (برئنا من الاسلام) حكاية لطيفة ذكرها الصلاح الصفدي في شرح الرسالة (1) قال : كان القاضي الخليجي عبد الله بن محمد (2) ابن أخت علويه المغني تياها صلفا ، تقلد القضاء للأمين ، وكان علويه عدوا له ، فجرت له قضية في بغداد فاستعفى من القضاء ، وسأل أن يتولى بعض الكور البعيدة ، فولي قضاء دمشق ، أو حمص. ولما تولى المأمون الخلافة غناه يوما علويه بشعر الخليجي وهو :
برئت من الاسلام إن كان ذا الذي
أتاك به الواشون عني كما قالوا
فقال له المأمون من يقول هذا الشعر؟ قال : قاضي دمشق ، فأمر المأمون بإحضاره ، فأشخص وجلس المأمون للشرب ، وأحضر علويه ، ودعا بالقاضي فقال له : أنشدني الأبيات ، فقال يا أمير المؤمنين هذه ابيات قلتها منذ أربعين سنة وأنا صبي. والذي أكرمك بالخلافة وورثك ميراث النبوة ما قلت شعرا منذ أكثر من عشرين سنة إلا في زهد أو عتاب صديق. فقال له : اجلس ، فجلس ، فناوله قدح نبيذ كان في يده ، فأرعد وبكى وأخذ القدح من يده وقال : والله يا أمير المؤمنين ما غيرت الماء بشيء قط مما يختلف في تحليله ، فقال : لعلك تريد نبيذ التمر ، أو الزبيب فقال : والله يا أمير المؤمنين لا أعرف شيئا من ذلك. فأخذ المأمون القدح من يده وقال : أما والله لو شربت شيئا من هذا لضربت عنقك ، ولقد ظننت أنك صادق في قولك كله ، ولكن لا يتولى لي القضاء رجل بدأ في قوله بالبراءة من الاسلام ، انصرف إلى منزلك ، وأمر علويه فغير هذه الكلمة وجعل مكانها (حرمت مكاني منك).
مخ ۲۱۳