[ باب الوضوء ]
فإذا زالت الشمس ومالت، فضربت الظلال شرقا وطالت، فقل الحمد لله الذي أزال الشمس بعد استواء واعتدال، وجعل لها وفيها ما جعل من مختلف الظلال. ثم توضأ بعد الزوال متى شيت، وفي أي وقت الصلاة هويت، ولا تتوضأ أبدا قبلها، ولكن إذا أردت أن تقوم لها، فعند ذلك فتوضأ، وإنما تأويل الوضوء أن يتنقى، إلا أن يكون متوجها لها وإليها، ويريد القعود انتظارا أو محافظة عليها، أو يريد صلاة نافلة قبلها، فيجوز الوضوء لديها وبالإنتظار لها، فأما إن تشاغلت بعد الوضوء عنها بشغل من الأشغال، أو بعمل ما كان ليس لها من الأعمال، فلسنا نحب ذلك لك، ولا أن تخلط الشغل بما يشغلك.
وتبدأ - إن شاء الله - وضوءك بالماء، بالإفراغ على يدك اليمنى من الإناء، فإذا غسلت اليمنى، فأفرغ بها على اليسرى، فأنق بها ما أقبل وأدبر من دنس، ثم أنق من كل دنس أو درن يسراك، واغسل وجهك كله بها مع يمناك، واغسل بهما لحيتك وعنفقتك وشاربك، وأبدأ بالمضمضة والاستنشاق، ولا تلتفت إلى ما في أيديهم فيهما من الأخبار، فإنه زور، وباطل وغرور، لأن في ذلك من الأنف والفم والمنخرين، وغيرهما من اللحية والعنفقة والشاربين، من الوجه وأقسامه، فحكمهن كلهن في الغسل كأحكامه، يلزمهن كلهن من الغسل ما لزمه، إذ جعلهن الله كلهن منه، فمن ترك منهن كلهن شيا، لم يكن وضوءه له في صلاة مجزيا، وكان عليه الإعادة لكل صلاة صلاها، كما عليه الإعادة لو ترك ناحية من ذراعه فتعداها.
فإذا فرغت من وجهك كله، وغسل ما أمرك الله به من غسله، فاغسل يمنى يديك إلى المرفق بيسراهما، ثم يسرى يديك بيمناهما ، فإذا فرغت من غسل يديك فامسح بيمنى [ ويسرى يديك ]، رأسك كله وأذنيك، ما أقبل منهما وما أدبر، كما يحلق في الحج ما عليهما من الشعر، ولأنهما من الرأس حلق ما عليهما من شعرهما، وكذلك هما فيما هما عليه من المسح كأحكامه، يلزمهما من المسح ما لزمه، ولذلك جعلنا أحكامهما حكمه.
مخ ۴۶۶