سجينه تهران
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
ژانرونه
لكن كلماته أطلقت العنان للغضب الذي أكتمه بداخلي. - «أنتم لا تملكون الحق في أن تحددوا لي من أتزوجه؛ لا أنت ولا والداي ولا الحكومة بالطبع. سأقوم بما أريد أن أقوم به، سوف أفعل ما أراه صوابا، وكفى تنازلات!»
لم أكن قد رفعت صوتي هكذا من قبل، ولم أكن قد خاطبت أحدا أكبر مني بتلك الوقاحة. أدركت أنني أسأت التصرف، فقد امتقع وجه هوشانج خان وغادر الغرفة، بينما انفجرت باكية. لن أدع الحكومة تخطط لي حياتي، لقد ألقوا بي في السجن وعذبوني معنويا وبدنيا، وأجبرت على اعتناق الإسلام والزواج من رجل لا أعرفه، وشاهدت أصدقائي يلاقون العذاب ويموتون. كل ما يهمني الآن أن أفعل الصواب وأثبت لهم أنه مع أنني أجبرت على اعتناق الإسلام فسوف أتزوج من الرجل الذي أحبه حتى ولو كان ذلك سيعيدني إلى السجن ويعرضني لخطر حقيقي. لن أتنازل تلك المرة، فلم يتمكنوا من تحطيمي، ولن ينجحوا في ذلك أبدا.
وفي اليوم الذي ذهبت فيه مع أندريه لشراء خاتم الزواج، حاولت أن أخبره بشأن علي، وكنت على يقين من أنه سيتفهم الأمر. ظللنا ندور حول الواجهة الزجاجية لمحل المجوهرات نشاهد المعروضات. كان من حقه أن يعرف، وكنت أريد أن أخبره. لفت انتباهي خاتم ذهبي يبدو كأنه خاتمان متصلان، فطلبت أن أراه. أعجب كلانا بالخاتم، وعندما عدنا إلى السيارة وجدنا مخالفة على زجاج السيارة الأمامي، وأخبرني أندريه بأن تلك المرة الأولى التي يحرر له فيها مخالفة مرورية، واستغرقنا في الضحك.
وفي طريق العودة إلى المنزل، فكرت من أين أبدأ حديثي. كان علي أن أبدأ من البداية؛ منذ اللحظة الأولى التي خطوت فيها إلى «إيفين»، ثم أسترسل في سرد كل لحظة وكل حدث مر بي؛ لكن كلا، لا أستطيع القيام بذلك، لا يمكنني معايشة كل تلك الأحداث مرة أخرى. •••
في ذلك الصيف ذهب والداي لقضاء بضعة أيام في المنزل الصيفي، ورافقتهما أنا وأندريه. كان المنزل جميلا هادئا كما عهدته، ولكن السعادة التي كنت أستمدها من وجودي هناك لم تعد إلا ذكرى. وفي الصباح الباكر من اليوم الأول جريت إلى «صخرة الصلاة» بينما لا يزال الجميع مستغرقين في النوم. بدا كل شيء كما تركته؛ كانت الأشجار العتيقة تطاول عنان السماء وتتشرب أوراقها أشعة الشمس المشرقة. تبلل حذائي وسروالي بالندى، ورقدت على الصخرة أستشعر ملمسها الخشن الرطب على بشرتي، وتذكرت اليوم الذي صليت فيه أنا وأراش هنا. لقد تغير الكثير منذ ذلك الحين. أخرجت خاتم زواجي الأول من جيبي، وانحنيت بجوار الصخرة وحاولت أن أنتزع أحد أحجارها، ولكنها لم تتزحزح، حاولت جاهدة مرارا وتكرارا، ولكن الأحجار كانت متماسكة جدا، فآلمتني أصابعي، جريت إلى المنزل، فلم أجد صوتا سوى غطيط أبي، مشيت على أطراف أصابعي إلى المطبخ وأحضرت سكينا ثم عدت مسرعة إلى الصخرة، وتمكنت أخيرا من اقتلاع ثلاثة أحجار، ووضعت الخاتم داخل التجويف المظلم وأعدت الأحجار مكانها، وتخيلت أن الخاتم محاط الآن بآلاف الدعوات. •••
عندما عدنا إلى طهران أخبرتني أمي بأن أبي قد تبرأ مني عندما اعتنقت الإسلام. كانت تغسل الأطباق وهي تتحدث إلي ولم تنظر لي مباشرة، لم أفاجأ بذلك، لكني شعرت بالإهانة، توقعت أن أجد الحماية والأمان في منزلي، ولكن الأبواب أوصدت في وجهي، ويبدو أن الهوة التي تفصل بيننا قد زادت اتساعا. جففت أمي يديها وخرجت من المطبخ. حتى لو كنت قد صارحتها بأسراري، لم تكن لتقدر على أن تمنحني ما أحتاجه منها، فهي بحاجة لأن تتفهمني. كانت تلك طريقتها؛ نظرتها إلى العالم وأولوياته تختلف عن نظرتي تماما، لم أجرؤ على القول إنني المحقة وهي المخطئة؛ كل ما هنالك أن إحدانا تختلف عن الأخرى. علي أن أتوقف عن توقع أن تفكر مثلي؛ علي أن أتقبلها كما هي، لأنني أريدها أن تفعل نفس الشيء معي. لم أفهم لم أخبرتني برد الفعل القاسي لأبي تجاه اعتناقي الإسلام، فلم يكن أبي قد تفوه لي بكلمة في هذا الشأن، لكني ظننت أنها قررت أني أحتاج إلى معرفة حقيقة مشاعره في تلك المسألة. •••
ساعدتني أمي في التزين يوم زفافي لأندريه، وصنعت إحدى خالاتي لي ثوب الزفاف. لم أستطع حبس دموعي وأنا أخرجه من خزانتي، ولم أصدق أنني عشت حتى أشهد ذلك اليوم. نظرت من نافذة غرفة نومي إلى الزهور الوردية في الساحة الخلفية، وتلوت صلاة من أجل كل أصدقائي الذين أحببتهم وفقدتهم. كنت أفتقدهم جميعا.
طويت ثوب الزفاف على مقعد بجوار النافذة، وتذكرت يوم زفافي لعلي وكم كنت خائفة، لكن اليوم كان مختلفا، فاليوم يومي أنا.
تساءلت هل سيقدر لي ولأندريه أن ننجب. كنت أخشى الحمل مرة أخرى، وفكرت كثيرا في اللحظات التي قضيتها مع طفلي في الحلم بعينيه الباسمتين وضحكاته ويده الصغيرة التي تقبض على شعري، وفمه الصغير الذي يمتص اللبن مني بنهم.
خرج أندريه في الصباح الباكر لشراء بعض الفواكه الطازجة والمشروبات الغازية كي نتناولها في الكنيسة. دعونا الضيوف للبقاء معنا بعد حفل الزفاف لتناول بعض الكعك والمرطبات في قاعة الكنيسة، وكي لا نلفت الأنظار قررنا أن أذهب إلى الكنيسة مبكرا وأرتدي ثوب الزفاف هناك.
ناپیژندل شوی مخ