الكلام عن الصحابة..الدوافع والأسباب
يلمس المتتبع لأخبار الصحابة وسيرهم أنهم كانوا ينظرون إلى أنفسهم نظرة طبيعية، بعيدة عن التفريط والإفراط الذي جلبه التعصب وردود الأفعال، وتنامى في جو الخصومة والتمذهب، فقد كان الصحابة يثنون على من بادر إلى فضيلة أو أجاد في عمل، وينتقدون من قصر في أداء واجب، أو تعدى في سلوك، بما يصل أحيانا إلى حد التجريح والإهانة، وشواهد ذلك كثيرة، وهو أمر طبيعي لا يطعن في الدين، ولا يؤثر على عقيدة المسلمين، ما دام بعيدا عن النوايا السيئة والتعصب الأعمى.
ولكن الأمر اختلف بعد مقتل الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه واستيلاء معاوية بن أبي سفيان الأموي على زعامة المجتمع المسلم بالقهر والغلبة، فانقسم الناس بين مؤيد له ومعارض، وحرص الأمويون على التمسك بالشرعية الدينية والتاريخية بدعوى أنهم امتداد لخط الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان، أما الإمام علي أبي طالب فأسقطوه من قائمة الخلفاء الراشدين، وبدلا من الترضية عنه - كسائر الخلفاء الراشدين - تناولوه بالتجريح والسباب، وعكفوا على الحط من قدره والإساءة إليه، فكان ذلك أول تصرف أسس للنيل من الصحابة والتطاول عليهم.
مخ ۱۲