116

سفر نامه

سفر نامه

پوهندوی

د. يحيى الخشاب

خپرندوی

دار الكتاب الجديد - بيروت

د ایډیشن شمېره

الثالثة، 1983

شهور لم نحلق شعر رأسنا فأردت أن أذهب إلى الحمام التمس الدفء فقد كان الجو باردا ولم يكن علينا ملابس كنت أنا وأخي كلانا نلبس فوطة بالية وعلى ظهرينا خرقة من الصوف متدلية من الرأس حتى قلت لنفسي من الذي يسمح لنا الآن بدخول الحمام فبعت السلتين اللتين كانت بهما كتبي ووضعت بعض دراهم من ثمنها في ورقة لأعطيها للحمامي عسى أن يسمح لنا بوقت أطول في الحمام لنزيل ما علينا من كدر فلما قدمت اليه هذه الدريهمات نظر إلينا شذرا وظن أننا مجانين وانتهرنا قائلا اذهبوا فالآن يخرج الناس من الحمام ولم يأذن لنا بالدخول فخرجنا في خجل ومشينا مسرعين وكان بباب الحمام أطفال يلعبون فحسبونا مجانين فجروا في أثرنا ورشقونا بالحجارة وصاحوا بنا فلجأنا إلى زاوية وقد تملكنا العجب من أمر الدنيا وكان الأعرابي يطلب منا الثلاثين دينارا مغربيا ولم نكن نعرف وسيلة للسداد وكان بالبصرة وزير ملك الأهواز واسمه أبو الفتح علي بن أحمد وهو رجل أخلاق وفضل يجيد معرفة الشعر والأدب وكان كريما وقد جاء البصرة مع أبنائه وحاشيته وأقام بها ولم يكن لديه ما يشغله وكنت عرفت رجلا فارسيا فاضلا من أصدقاء الوزير والمترددين عليه كل وقت وكان هذا الفارسي فقيرا لا وسعة عنده لإعانتنا فقص على الوزير قصتنا فلما سمعها أرسل إلي رجلا ومعه حصان أن اركب واحضر عندي كما أنت فخجلت من سوء حالي وعريي ولم أر الذهاب مناسبا فكتبت رقعة معتذرا وقلت فيها إني سأكون في خدمته (بعد وصول ورقتي اليه) وكان قصدي من الكتابة شيئين أن يعرف فقري وعلمي حين يطلع على كتابتي وأن يقدر أهليتي وذلك حتى لا أخجل من زيارته وقد أرسل إلي في الحال ثلاثين دينارا لشراء كسوة فاشتريت حلتين جميلتين وفي اليوم الثالث ذهبت لمجلس الوزير فرأيته رجلا كاملا أديبا فاضلا جميل الخلقة متواضعا دينا حلو الحديث وله أربعة أبناء أكبرهم شاب فصيح أديب عاقل اسمه الرئيس أبو عبد الله أحمد بن علي بن أحمد وكان شاعرا

مخ ۱۴۷