وانما يهتم بإقامة مراسمهم صاحب الدولة بما له من النظر في المصالح فيقسم لهم حظا من الرزق على نسة الحاجة إلينهم , على النحو الذى قررناه , لا يساويهم بأهل الشوكه ولا بأهل الصنائع , من حيث الدين والمراسم@ الشرعية , لكنه يقسم بحبس عموم الحاجة وضرورة أهل العمران , فلا يصح في قسمهم إلا القليل.
وهم أيضا لشرف بضائعهم أعزة على الخلق وعند نفوسهم , فلا يخضعون لآهل الجاه حتى ينالوا منه حظا يستدرون به الرزق , بل ولا تفرق أوقاتهم لذلك , لما هم فيه من الشغل بهذه البضائع الشريفة المشتملة على إعمال الفكر والبدن , بل ولا يسعهم ابتذال أنفسهم لأهل الدنيا لشرف بضائعهم , فهم بمعزل عن ذلك , فلذلك لا تعظم ثروتهم في الغالب.
ولقد باحثت بعض الفضلاء في هذا المعنى فأنكر ذلك علي , فوقع بيدى أوراق مخزفة من حسابات الدواوين بدار المامون , تشتمل على كثير من الدخل والحرج , وكان فيما طالعت فيه أرزاق القضاة والائمة والمؤذنين , فوقفته عليه , وعلم منه صحة ما قلته ورجع إليه وقضينا العجب من أسرار الله فى خلقه وحكمته فى عوالمه , واالله الخالق القادر لا رب سواه)) .
52 قال ياقوت الحموي في ((معجم الأدباء)) في ترجمة (ابن حزم: علي بن أحمد) 12: 239 ((ذكر أن أبن حزام اجتمع يوما مع الفقيةأبى الوليد سليمان بن خلف الباجى صاحب التواليف الكثيرة , وجرت بينهما مناظرة في سنة 440 فلما انقضت قال أبو الوليد الباجي لابن حزم: تعذرني فان أكثر مطالعاتي كانت على سرج الحراس , قال ابن حزم: وتعذرني أيضا فأن اكثر مطالعاتى كانت على مناثر الذهب والفضة. أي على المصابيح المصنوعة من الذهب والفضة (1) .
قال ياقوت الحمرى: أراد أن الغنى أضيع لطلب العلم من الفقر!)) .
مخ ۴۶